سياسة
.
في منافسة محتدمة بين نائبة الرئيس الأميركي الديمقراطية كامالا هاريس، والرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، يبرز التعامل مع الجيش بوصفه واحدا من أكثر القضايا تعقيدا.
فعلى الرغم من التقارب العام فيما يرتبط باستراتيجيات الدفاع والأمن، فإن هناك خلافا كبيرا في التعامل مع الجيش في الأمور الداخلية وانتشاره لمواجهة الاحتجاجات والهجرة.
فترة ترامب الأولى، شهدت توترا نتيجة لذلك، في وقت تؤكد فيه إدارة الرئيس جو بايدن ونائبته هاريس، على جيش محترف وغير سياسي.. فماذا نعرف عن سياسة ترامب وهاريس العسكرية؟
خلال سنواته الأربع التي قضاها في البيت الأبيض، شابت علاقة دونالد ترامب والجيش الأميركي توترا، خصوصا أن الكثير من قياداته قد كبحت جماح المرشح الجمهوري.
لذلك، توعّد ترامب بعدم تكرار الأمر مرة أخرى إذا فاز في هذه المرة، إذ قال إنه "سيقيل القادة"، ويستخدم الحرس الوطني لتنفيذ عمليات ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين.
هذا الأمر، ربما يؤثر على شكل العلاقات بين الطرفين، خاصة أن ترامب أصبح أكثر خبرة في كيفية دفع الجيش لعمل ما يريده، بحسب مقال لباحثي العلوم السياسية بيتر د. فيفر وهايدي أوربن على فورين أفيرز.
الثنائي يشير إلى أن حكم المحكمة في يوليو 2024 بمنح ترامب حصانة، حتى وإن كانت جزئية، قد يشجّع الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة على استخدام الجيش بصورة غير مسؤولة.
علاوة على ذلك، فإن المعضلة الأكبر أن قرار الحصانة قد يشجّع الرؤساء على اختبار حدود الأوامر غير القانونية، وإذا صدر ذلك الأمر، فإنه قد يواجه ضغطا شديدا من الإدارة لتنفيذه، قبل أن تتجمع المعارضة في الفروع التشريعية أو القضائية.
وبالفعل، أراد ترامب عام 2020 استخدام القوات العسكرية لقمع احتجاجات حركة "حياة السود مهمة" في واشنطن العاصمة، وأشار مرارا في حملته الانتخابية إلى أنه سيستخدم، ليس فقط الحرس الوطني، لكن أيضا القوات العسكرية النشطة لقمع الاحتجاجات، وقد يقوم بذلك اعتمادا على قانون التمرد المثير للجدل، إذ يُمنح الرئيس صلاحيات واسعة لاستخدام القوة العسكرية على الأراضي الأميركية.
وعلى الرغم من أن الأمر تكرر في حالات سابقة، فإن الجمهور يشعر بعدم الارتياح عندما يقوم الجيش بمهام الشرطة، إضافة إلى احتمالية انقسام الجيش، حال صدور الأوامر باستخدام القوة ضد الشعب الأميركي.
ومن غير المرجّح أن تمنع المحاكم الرئيس من الاستناد إلى هذا القانون لنشر القوات لقمع المظاهرات داخل الولايات المتحدة.
وسيكون الرئيس في وضع قانوني أكثر هشاشة إذا استخدم الجيش لجمع وترحيل المهاجرين غير الموثقين، ما قد يثير ردود فعل سياسية وانتقادات قانونية، قد تؤدي إلى تقويض التماسك داخل الجيش.
ينظر مسؤولون حاليون وسابقون عملوا مع هاريس إلى أنها تتصرف مثلما كانت في منصبها، مدعية عامة، فهي متشككة، لكنها تطرح أسئلة جيدة. وإذا اقتنعت بالأمر، فهي لا تخشى اتخاذ القرار.
ويقول أحد الجنرالات السابقين إنها "أكثر تشددا مما يعتقد معظم الناس"، ويشير مسؤول آخر من فريقها إلى أنها تعمل بالمنطق الآتي في استخدام القوة العسكرية "تقيس مرتين، وتتخذ قرارا مرة واحدة، لكنها ليست خائفة من اتخاذ القرار"، بحسب مقال لديفيد إغناتيوس في واشنطن بوست.
أما سنوات عملها كنائبة في إدارة بايدن، فقد بدأت بتعامل غير جيد مع المعلومات الاستخبارية، وأبدت تخوفا من استخدام لغة منحازة جنسيا في تقارير الاستخبارات، فيما كانت أول أزمة عام 2021 مع قرار الانسحاب من أفغانستان، إذ دعمت قرار الرئيس الأميركي بسحب جميع القوات، ما أدى إلى انهيار الحكومة الأفغانية وانسحاب فوضوي ودموي.
وبخلاف ذلك، كانت هاريس حذرة دائما في دعم بايدن عندما يتخذ قراره، كما يفعل نواب الرؤساء تقريبا دائما.
أما في حرب أوكرانيا، فقد سلّمت هاريس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل أيام من بدئها، معلومات حاسمة أن روسيا ستشن هجومها خلال مؤتمر ميونخ للأمن، وضغطت عليه بشأن ما إذا كانت لديه خطة للدفاع عن كييف والانسحاب من المدينة إذا لزم الأمر، وقيل إنه انتقد الإدارة الأميركية بالقول "أحتاج إلى الذخيرة، لا إلى وسيلة نقل".
أما حرب غزة، فهي تتشارك مع بايدن في موقفه الذي يتلخص في تحقيق توازن بين أهداف معقدة، وربما غير قابلة للتوفيق.
وبصورة عامة، يجادل المتشددون بأن هاريس كانت حذرة للغاية، على سبيل المثال، في مسألة تزويد أوكرانيا بالأسلحة. بينما يرى التقدميون بأنها كانت جاهزة جدا لدعم استخدام القوة العسكرية، من قبل أوكرانيا أو إسرائيل.
رغم تقاربهما بصورة عامة، لكن ثمة فجوة تظهر في سياسات كل من هاريس وترامب فيما يتعلق بالدفاع والشؤون العسكرية، لا سيما في العلاقات المدنية العسكرية، ما ينعكس على التحديات الأمنية الوطنية المستقبلية.
ويمكن تحديد الاتفاقات والاختلافات، وفقا لمعهد بروكنغز، فيما يلي:
مجالات الاتفاق:
اختلافات محتملة:
العلاقات المدنية العسكرية:
علاقات ترامب المتوترة مع القادة العسكريين وتعليقاته المسيئة عن الجيش، تختلف عن تأكيد بايدن وهاريس على جيش محترف وغير سياسي. ويؤثّر ذلك في كيفية تعامل الرئيس الأميركي القادم مع الأزمات الأمنية الوطنية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة