"تفتيت اليابان مقابل تايوان".. هكذا تستهدف الصين أوكيناوا

في عام 2023، كان الرئيس الصيني شي جين بينغ يتجول في زيارة للأرشيف الصيني يستمع إلى شرح المسؤولين، لكن ما استرعى الانتباه ما قاله شي عن التبادل بين "مملكة ريوكيو"، أوكيناوا حاليا، ومقاطعة فوجيان التي تولى شي قيادتها قبلا، في القرون الوسطى.

في العام التالي، كشفت الصحافة في هونغ كونغ أن جامعة داليان البحرية، المرتبطة بالجيش الصيني، تخطط لافتتاح "مركز أبحاث ريوكيو" لإجراء دراسات حول أوكيناوا، ليصبح أول مركز من نوعه في مؤسسة تعليمية عليا.

قبيل الكشف عن هذه الخطوة، اجتمع 20 باحثا من أبرز المؤسسات الأكاديمية الصينية، مثل جامعات ووهان وبكين، وفودان، ونانجينغ، والأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، التي تتبع لمجلس الدولة، وهو مجلس الوزراء الصيني ومركز السلطة الحكومية.

"هذه الخطوة هي الأخطر في استراتيجية الصين تجاه اليابان"، بحسب باحث تحدّث مع صحيفة نيكيه اليابانية، قائلا إن بكين ستستخدم أوكيناوا كورقة ضغط لتحذير طوكيو من التدخل في قضية تايوان، التي تراها جزءا لا يتجزأ من أراضيها.

لكن هذه السياسة ليست وليدة اليوم، فبعد شهور قليلة من صعود شي إلى رأس السلطة في الصين، نشرت صحيفة الشعب اليومية عام ٢٠١٣ مقالا كتبه باحثان صينيان، يدعو إلى "إعادة النظر" في الوضع التاريخي لسلسلة جزر ريوكيو التي تضم أوكيناوا، بحسب وول ستريت جورنال، وهو الأمر الذي أثار حفيظة اليابان.

وأوردت صحيفة غلوبال تايمز الصينية مقالا آخر تقول فيه إن الصين يمكن أن تعيد تنشيط قضية ريوكيو (السيطرة على أوكيناوا) من خلال خطة على 3 مراحل:

1. فتح النقاش العام داخل الصين وتنشيط الدراسات حول قضية ريوكيو، بما في ذلك السماح بتأسيس منظمات بحثية ذات صلة.
2. بناءً على موقف اليابان من استقلال تايوان، قد تقرر بكين إثارة قضية ريوكيو على الساحة الدولية.
3. إذا سعت اليابان لتقويض صعود الصين، يمكن للصين أن تقوم بإجراءات عملية، من خلال دعم قوى الاستقلال داخل جزيرة أوكيناوا.

كانت أوكيناوا أو "ريوكيو" مملكة شبه مستقلة تتنافس عليها الصين واليابان قبل أن تصبح محافظة تابعة للأخيرة في حقبة ميجي في القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الثانية، لكن الجيش الأميركي نجح في السيطرة عليها في واحدة من أكثر المعارك دموية عام ١٩٤٥، قبل أن تعيدها إلى السيطرة اليابانية مرة أخرى عام ١٩٧٢، بحسب بريتانيكا.

وتقول صحيفة غلوبال تايمز إن ريوكيو كانت مملكة مستقلة تدفع "الجزية" للصين، وعلى الرغم من أن بكين لا تريد استعادة أوكيناوا، إلا أنها قادرة على إنكار وضعها الحالي، انطلاقا من الخطوة الأحادية التي قررت فيها الولايات المتحدة تسليم الجزيرة لليابان، وأن هذا الفعل "غير القانوني" من وجهة نظر الصين.

في الوقت نفسه، فإن سلطات أوكيناوا تقوم بخطوات تقارب تجاه الصين، ففي عام ٢٠٢٣، زار محافظ أوكيناوا ديني تاماکي، المعروف بمعارضته للوجود الأميركي في المحافظة، الصين في محاولة لتعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية لا سيما مع مقاطعة فوجيان الواقعة قبالة تايوان.

وفي مقابلة مع صحيفة غلوبال تايمز أجريت قبل رحلته إلى الصين، أعرب تاماکي عن أمله في أن تُمهد زيارته الطريق لمزيد من التبادل الاقتصادي والثقافي بين أوكيناوا والصين.

تستضيف اليابان أكثر من ٥٩ ألف جندي أميركي في قواعدها التي يوجد معظمها في أوكيناوا التي تستضيف ٣٢ مرفقا عسكريا أميركيا أحدهما مشترك بين القوات الأميركية وقوات الدفاع الذاتي اليابانية.

وتشير حكومة المحافظة عبر موقعها إلى:

1. المساحة الإجمالية لجميع المنشآت الأمريكية هي 18 ألفا و822 هكتارا.
2. عدد أفراد الخدمة والمكونات المدنية الأميركية: 47 ألفا و300 شخص.
3. تشكل القواعد العسكرية الأميركية 15% من مساحة جزيرة أوكيناوا.

في مايو٢٠٢٣، خرج مواطنو أوكيناوا اليابانية للمطالبة بإغلاق القواعد الأميركية في الجزيرة، لكن هذه لم تكن المرة الأولى التي يخرج فيها المحتجون ضد الوجود العسكري الأميركي في الجزيرة حيث تتكرر هذه التحركات بشكل سنوي بحسب موقع أكسيوس.

المدينة التي تضم ٧٠٪ من المرافق العسكرية الأميركية في اليابان يشتكي أهلها من التلوث الكيميائي والضوضاء، وانتشار جرائم الاغتصاب.

في عام ٢٠١٧، حكم على كينيث فرانكلين شينزاتو جندي البحرية الأميركية السابق والمتعاقد المدني في أوكيناوا بالسجن مدى الحياة بعدما اغتصب وقتل فتاة يابانية ليثير غضب العديد من أهل الجزيرة بحسب بي بي سي.

لكن هذه الجريمة لم تكن الأولى، فالولايات المتحدة التي يمتد تاريخ وجودها العسكري في الجزيرة إلى الحرب العالمية الثانية ارتكب أفرادها ٣٥٠ جريمة من هذا النوع وفقا لكتاب "الجرائم العسكرية الأمريكية ضد المرأة في فترة ما بعد الحرب في أوكيناوا"، المنشور عام ٢٠١٦، بحسب صحيفة أساهي شيمبون.

ويثير مسألة الوجود العسكري الأميركي في أوكيناوا خلافا بين المسؤولين اليابانيين أنفسهم فقد طالب حاكم أوكيناوا ديني تاماكي أمام مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بالدعم الدولي لمنع خطط نقل قاعدة عسكرية أميركية في أوكيناوا، معتبرا أن تركيز القواعد في محافظته يهدد السلام، حسب ما نشرت صحيفة جابان تايمز.

رغم ذلك فإن هذه القواعد تمثل أهمية استراتيجية للولايات المتحدة فهي تبعد مسافة ساعة واحدة طيران من جزيرة تايوان ما يجعلها أساسية حال قررت الولايات المتحدة الرد على أي هجوم صيني على الجزيرة.