هجرة عكسية وأزمة اقتصادية.. ماذا فعلت الحرب بإسرائيل؟

صحيفة هآرتس قالت في تقرير بداية شهر سبتمبر إن آلاف الإسرائيليين يغادرونها منذ 7 أكتوبر بسبب الحرب وارتفاع تكاليف المعيشة وانهيار الديمقراطية في ظل حكومة نتنياهو.

بينما تقدر صحيفة زمن الإسرائيلية بأن نحو نصف مليون إسرائيلي غادروا البلاد منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى مئات الجنود والضباط الذين يهاجرون من إسرائيل شهريا على الرغم من وضعهم تحت أمر الاستدعاء للتجنيد، حسب ما تكشف صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية.

في الوقت نفسه، تقول الوكالة اليهودية إنه على الرغم من تصاعد معاداة السامية حول العالم بالتزامن مع الحرب، وهو ما تعتبره الوكالة حافزا لليهود على الهجرة لإسرائيل، إلى أن هناك انخفاضا كبيرا و"مثيرا للقلق" في أعداد المهاجرين الوافدين.

تم مناقشة تلك النتائج الأسبوع الماضي في اجتماع للجنة الهجرة والاستيعاب والشتات في الكنيست الإسرائيلي برئاسة العضو عوديد بورير من حزب إسرائيل بيتنا اليميني.

وأظهرت الأرقام انخفاض أعداد المهاجرين اليهود الجدد لإسرائيل خلال الأشهر الثمانية الأولى هذا العام بنسبة 42%، حيث وصل لإسرائيل 23 ألفا و183 مهاجرا جديدا بين شهري يناير وأغسطس 2024، بينما وصل في العام السابق 39 ألفا و857 شخصا في نفس الأشهر الثمانية الأولى.

غالبية المهاجرين الجدد البالغ عددهم 14 ألفا و514 شخصا وصلوا من روسيا، فيما وصل من أوكرانيا 693 شخصا، ومن بيلاروسيا 546 مهاجرا، بينما وصل من دول أوروبا الغربية المتقدمة ما لا يزيد عن 2445 مهاجرا، منهم 1456 من فرنسا و433 من بريطانيا.

ووصل من أميركا الشمالية وأوقيانوسيا وجنوب أفريقيا منذ بداية العام 2024 حوالي 2760 مهاجرا يهوديا جديدا.

عضو الكنيست عوديد فورير قال خلال الاجتماع "السياسة المعلنة لوزير الهجرة والاستيعاب هي: تشجيع المهاجرين من الدول الغربية واستثمار أموال التحفيز هناك وإهمال منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي تماما".

وأضاف "على الرغم من هذه السياسة المعلنة، فإن معظم المهاجرين هاجروا من روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا"، مجادلاً بأن "جودة يهودي" من سانت بطرسبرغ لا تقل عن "جودة عن يهودي يعيش في باريس".

وأقر شوهام ألون من رئيس مكتب رئيس الوزراء أن إسرائيل تشهد "ظاهرة تزوير الوثائق التي تشهد بيهودية"، الأفراد المتقدمين على الهجرة من دول الاتحاد السوفيتي.

في اجتماع لجنة الشؤون المالية في الكنيست الإسرائيلي، حاول وزير المالية بتسلائيل سموتريش طمأنة الحضور وقال إن عجز الموازنة ما يزال تحت السيطرة وأن إيرادات الدولة خلال 2024 تفوقت على المتوقع بحوالي 19 مليار شيكل.

لكن سموتريش في الوقت نفسه أقر بأن الموازنة عندما وضعتها الحكومة، كانت مبنية على افتراض أن الحرب على غزة ستنتهي في يوليو، ولم تأخذ في الحسبان استمرار الحرب حتى نهاية العام وربما العام القادم أيضا.

رد عضو الكنيست يوراي لاهاف على الوزير بأن البيانات التي قدمها تدعو إلى القلق، بينما قالت عضو الكنيست ميراف كوهين إن إسرائيل غير مستعدة اقتصاديا لاستمرار الحرب "لأيام مظلمة وتخفيضات ائتمانية أخرى".

وأضافت كوهين بأن قرار سموتريش مؤخراً بتجميد مخصصات المحتاجين في إسرائيل هي "وقاحة غير مسبوقة"، لأنها تأتي في الوقت الذي يرفض فيه الوزير خفض ميزانية أحزاب الائتلاف، على الرغم من وجود أكثر من 1.5 مليار شيكل في أيدي وزراء الائتلاف لم ينفقوها بعد.

الوزير أعلن في بداية شهر سبتمبر سلسلة من قرارات التقشف الصعبة وغير المسبوقة، بما في ذلك زيادة الجباية الحكومية من المواطنين، وتجميد الحد الأدنى للأجور، وفرض ضريبة القيمة المضافة على السائحين الأجانب، وخفض مخصصات المساعدات الاجتماعية وتجميد أي زيادات سنوية مقررة عليها.

عجز الميزانية الإسرائيلي قفز في الـ12 شهر الأخيرة حتى يوليو إلى 8.1%، بينما بلغ عجز الموازنة في العام الماضي 155.2 مليار شيكل.

في الوقت نفسه، يعتقد بعض الاقتصاديين أن الشيكل أصبح بلا قيمة، بسبب تدهور سعره أمام الدولار وارتفاع التضخم وأسعار الحاجات الأساسية، فيمل تنقل القناة 12 عن محللين قولهم إن إسرائيل دخلت بالفعل في مرحلة ركود اقتصادي.

تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة تجاوزت 270 مليار شيكل (71.6 مليار دولار) بحسب بنك إسرائيل، وهو ما يشكل نحو 10% من الناتج القومي الإجمالي.

ميزانية الجيش في بداية الحرب وصلت حوالي مليار شيكل يوميا (265.3 مليون دولار) للذخيرة والوقود وطعام الجنود والمركبات العسكرية ووقود الطائرات، وبعد تسريح غالبية جنود الاحتياط انخفضت التكلفة لـ600 مليون شيكل يوميا.

قطاع العقارات والإنشاءات الإسرائيلي يخسر مليار شيكل شهرياً على الأقل، بعد انخفاض أعمال البناء بنسبة 55%، وانخفاض نسب شراء العقارات بـ50%، وغرامات بعشرات المليارات للمقاولين بسبب التأخير في تسليم المباني.

يضاف إلى ذلك نحو 2.4 مليار شيكل شهرياً خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بسبب نقص العمالة ومنع العمال الفلسطينيين من الدخول للخط الأخضر.

رصدت صحيفة والا شكاوى إسرائيليين من تدهور الخدمات العامة، مثل التعليم والمرور والمواصلات، ومحاربة الجريمة.

تقول الصحيفة إنه في حال إبلاغ أي إسرائيلي عن جرائم سرقة تعرض لها، سواء لمنزله أو سيارته أو فرع بنك، فإن الشرطة لا تأتي لرفع البصمات وتحري الأمر، ولكن تكتفي بكتابة تقرير للضحية ليحصل على تعويض التأمين لا أكثر.

كذلك في مجال التعليم الذي يحصل على أكبر ميزانية في إسرائيل، تقول الصحيفة إن المعلمين في الفصول باتوا جلساء أطفال لا أكثر.

وتسخر الصحيفة قائلة "إذا كنت لا تدفع من جيبك الخاص للدروس الخصوصية، فإن أطفالك سوف يكبرون ليصبحوا أشخاصًا لن يكونوا قادرين على أن يعملوا في أي مجال سوى أن يصبحوا وزراء".