هل يكرر نتنياهو سيناريو "الهروب من الهدنة" في لبنان؟

دعت 11 دولة في بيان مشترك، على رأسها الولايات المتحدة مع دعم من الاتحاد الأوروبي، إلى هدنة في لبنان لمدة 3 أسابيع، لفتح الباب أمام الحلول الدبلوماسية بدلا من التصعيد العسكري بين إسرائيل وجماعة حزب الله.

ووقعت الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان ودولة الإمارات والسعودية والمملكة المتحدة وقطر، والاتحاد الأوروبي على البيان المُطالب بالتهدئة.

ونشر البيت الأبيض البيان الذي اعتبر الوضع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان يشكل خطرا غير مقبول من التصعيد الإقليمي الواسع، ويضرب بمصلحتي الشعبين اللبناني والإسرائيلي، مع إعلان الدعوة للتسوية الدبلوماسية والوقف الفوري لإطلاق النار.

ودعت الولايات المتحدة جميع الأطراف، بما فيهم حكومتي إسرائيل ولبنان، لتأييد وقف إطلاق النور فورا، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 خلال هذه الفترة، ومنح الدبلوماسية فرصة حقيقية للتسوية.

وينص القرار المذكور على انسحاب إسرائيل وراء الخط الأزرق، مقابل انسحاب حزب الله إلى وراء نهر الليطاني، وإنشاء منطقة خالية من المسلحين والمعدات الحربية والأسلحة باستثناء التابعة لقوات اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية.

انتشرت شائعات حول موافقة الحكومة الإسرائيلية على مقترح هدنة الأسابيع الثلاثة بين إسرائيل وحزب الله، لكن سرعان ما خرج النفي الإسرائيلي مع التأكيد على مواصلة التصعيد.

صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مكتب نتنياهو نفي الموافقة على مقترح وقف إطلاق النار الذي أعلنه البيت الأبيض، ولم يصدر أي تصريح رسمي من رئيس الوزراء الإسرائيلي أو أعضاء حكومته حول الهدنة في لبنان.

وذكر مكتب نتنياهو أن التعليمات الحديثة الواردة من نتنياهو هي مواصلة القتال في لبنان، واستهداف مواقع حزب الله وتدمير بنيته التحتية من أجل تحقق الهدف من الهجمات وهو إعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم.

ورغم دعوات الهدنة، كثفت إسرائيل ضرباتها على لبنان، وكثفت تواجد قواتها في جبهة الشمال، مع تصريحات من رئيس أركانها هارتسي هاليفي حول الاستعداد لغزو بري لجنوب لبنان.

ووجه نتنياهو بمزيد من التصعيد، وحشد وتعبئة قوات الاحتياط، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي، الأربعاء 26 سبتمبر، استدعاء لواءين احتياطيين لدعم العمليات العسكرية في لبنان ضد جماعة حزب الله.

وكشف جندي احتياطي يخدم في منطقة الضفة الغربية الفلسطينية عن نقل الكثير من الجنود المسؤولين عن إطلاق المدفعين إلى الحدود الشمالية، للانخراط في الحرب ضد حزب الله داخل لبنان، مع استمرار ورود رسائل استدعاء لجنود الاحتياط للحشد على الجبهة الشمالية.

تخوض إسرائيل مفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن مع حركة حماس على مدار أشهر، لكن دون جدوى، مع اتهامات فلسطينية وعربية ودولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بوضع عراقيل لمواصلة الحرب.

وانتقد الرئيس الأميركي جو بايدن، أكثر من مرة، أفعال نتنياهو التي تُعرقل مسارات التوصل إلى الهدنة وإنهاء الحرب في قطاع غزة، في ظل عدم رضا الوسطاء من الولايات المتحدة ومصر وقطر عن طريقة التفاوض ووضع شروط تعجيزية في كل مرة.

وفي تصريحات نشرتها "سي إن إن" في سبتمبر الجاري قال بايدن إن نتنياهو لا يبذل جهدا كافيا للتوصل إلى اتفاق مع حماس لوقف الحرب في قطاع غزة والتوصل إلى صفقة نهائية.

ورد مصدر إسرائيلي رفيع المستوى على تصريحات بايدن، معتبرا أنه يمارس الضغط على نتنياهو بدلا من ممارسته على حركة حماس، بينما برهنت الحركة الفلسطينية بتصريحات الرئيس الأميركي لتأكيد ما تطرحه منذ فترة حول عدم وجود رغبة إسرائيلية للتوصل إلى صفقة.

قبل ذلك كان بايدن قد انتقد مواقف نتنياهو حول مفاوضات الهدنة علانية، إذ قال في يونيو الماضي خلال حديث مع "تايم"، إن كل الشواهد تشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرغب في إطالة أمد الحرب في غزة لتحقيق مكاسب سياسية.

وقال بايدن عن نتنياهو: "لدينا كل الأسباب التي تجعل الناس يعتقدون أنه يطيل الحرب من أجل مكاسبه السياسية"، وهو ما أغضب مجددا الحكومة الإسرائيلية من الرئيس الأميركي.

وبعد يوم من نشر تصريحات بايدن ضد نتنياهو، حاول الرئيس الأميركي تخفيف حدة الانتقادات قليلا، وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لديه مشكلة خطيرة ويعمل على حلها في بلاده.

وفي الثالث من سبتمبر الجاري، حمّلت مصر نتنياهو مسؤولية عرقلة صفقة وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بين إسرائيل وحركة حماس، وحملته عواقب تأجيج الصراع في المنطقة.

ووصفت الخارجية المصرية في بيان رسمي نتنياهو بأنه يعمل على تشتيت الرأي العام الإسرائيلي بتصريحاته، ويعرقل جهود الوسطاء في مصر وأميركا وقطر من أجل وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن.

وقبل دخوله قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة لإلقاء كلمة، اليوم الخميس 26 سبتمبر، قال نتنياهو للصحافيين إن إسرائيل ستواصل ضرب حزب الله بقوة، متجاهلا تماما بيان الهدنة المُعلن من البيت الأبيض بمشاركة 11 دولة أخرى والاتحاد الأوروبي.

وجاء تجاهل نتنياهو لمقترح الهدنة ووقف إطلاق النار في لبنان، ليشير إلى أنه قد يتبع نفس سيناريو المماطلة والتهرب من التوصل إلى هدنة، الذي يطبقه في غزة مع حركة حماس، لكن هذه المرة مع حزب الله في لبنان.