بين إيران وإسرائيل.. حزب الله "في ورطة" التقديرات الخاطئة

انتظر حزب الله في معركته مع إسرائيل دعما إيرانيا غير مسبوق، وتدخل عسكري قوي لتخفيف الضغط عليه في لبنان، لكن الحسابات في إيران كانت مختلفة، خاصة مع وصول الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

وتخضع إيران لعقوبات غربية أنهكت اقتصادها، الأمر الذي دعا الرئيس الإيراني لفتح باب المفاوضات حول البرنامج النووي لتخفيف حدة العقوبات، ولذلك ستمتنع إيران عن تدخل عسكري مباشر ضد إسرائيل وفقا لما قاله الأستاذ في جامعة جونز هوبكنز والمستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية فالي نصر، في تقرير نشرته "وول ستريت جورنال".

وبخلاف الحسابات الاقتصادية والسياسية، يرى فالي أن إيران لا تريد "ابتلاع الطعم" والدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل التي تريد استغلال تفوقها العسكري والاستخباراتي في الوقت الراهن، بالإضافة إلى خطورة تعرضها لضربات القوات الأميركية المتمركزة في الشرق الأوسط.

وفي تصريحات للصحيفة الأميركية ذاتها، قال رئيس وزراء لبنان الأسبق فؤاد السنيورة، إن طهران مستعدة لمواجهة تل أبيب من وراء ستار، مضيفا بسخرية "ستقاتل إيران إسرائيل حتى آخر لبناني".

وتأتي الضربات الأخيرة التي تعرض لها حزب الله، وكذلك "حلفاء المحور" لتكشف عن حقيقة واضحة، وهي أن مفهوم الجبهات الموحدة التي حاولت طهران إقناع حلفاؤها به ليس له وجود، وأن أي حليف يقاتل بمفرده في النهاية دون أن تتحرك طهران، بحسب الصحيفة.

لكن رئيس قسم الاستخبارات في شركة "لو بيك إنترناشيونال" مايكل هورويتز، يقول إن إيران تواجه أزمة حقيقية الآن تتلخص في "ماذا لو اضطرت للدفاع عن حزب الله"، مضيفا: "طهران بنت ودعمت حزب الله ليشكل تهديدا رادعا لإسرائيل وليدافع عنها عند الضرورة".

أظهر حزب الله استخفافا واضحا بإسرائيل، وقلل من قدراتها العسكرية والاستخباراتية، وكان لزعيمه السابق حسن نصر الله الذي قُتل بغارة إسرائيلية الجمعة 27 سبتمبر تصريحا شهيرا يصف فيه إسرائيل بأنها "أوهن من بيت العنكبوت".

وباغتت إسرائيل حزب الله بقصف جوي غير مسبوق منذ الإثنين الماضي ٢٢ سبتمبر، لتخلف دمارا هائلا وفوضى عارمة لحزب الله، بالإضافة إلى اغتيال معظم قيادات الصف الأول.

وعلق المسؤول السابق في البيت الأبيض آندرو تايلر الذي عمل في شؤون الشرق الأوسط، قائلا: "وجهت إسرائيل ضربات مدمرة لحزب الله، لكننا لا نعرف إلى أين ستؤدي، وكيف ستغير الوضع الاستراتيجي".

وكان حزب الله يتوق إلى خوض حرب برية مع إسرائيل لكنه فوجئ بتدمير جزء كبير من قدراته العسكرية بالقصف الإسرائيلي الذي اعتمد على معلومات استخباراتية حول مخازن السلاح والمقرات الرئيسية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" إن حزب الله قد يستسلم ويقبل باتفاق وقف إطلاق النار الذي يصب في مصلحة إسرائيل بعد المكاسب العديدة التي حققتها.

وفي وقت اعتقد خلاله حزب الله أن الأمر لن يتعدى القصف المتبادل على الحدود بخسائر طفيفة، تعرض لقصف عنيف في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب، تسبب في محو المباني التي تتكون من ٣٠ طابقا، بالإضافة إلى أماكن أخرى في البقاع. ويعلق ضابط إسرائيلي سابق في الموساد يُدعى عوديد عيلام قائلا: "تسبب ذلك في صدمة لحزب الله".

وأشار عوديد إلى أن إسرائيل تعلمت من دروس الماضي ونجحت في بناء بنك أهداف كامل من خلال عملياتها الاستخباراتية المكثفة قبل بداية التصعيد الحالي، مضيفا: "أثبتت إسرائيل تفوقها باستهداف قيادات حزب الله ومواقعهم بدقة بالغة".

هدد وزير الأمن القومي في حكومة بنيامين نتنياهو، إيتمار بن غفير، بالاستقالة من منصبه إذا تم الاتفاق مع حزب الله على وقف إطلاق النار، وتتعالى الأصوات في إسرائيل باستمرار لتنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف حزب الله.

وفي وقت يحتاج خلاله حزب الله لوقف الضربات الإسرائيلية من أجل التقاط الأنفاس وإعادة تنظيم الصفوف بعد مقتل زعيمه حسن نصر الله وبعض قياداته البارزة، تصر إسرائيل على استمرار الضربات وتتجاهل دعوات وقف إطلاق النار.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بمواصلة توجيه الضربات لحزب الله وعدم منحه فرصة لإعادة تنظيم قدراته، مؤكدا أن إسرائيل ستضرب "بكل قوتها" لمنع الحزب اللبناني من توجيه الصواريخ مجددا إلى الأراضي الإسرائيلية.

وقال نتنياهو في خطاب للشعب الإسرائيلي السبت ٢٨ سبتمبر: "نحن نمر بنقطة تحول تاريخية على ما يبدو، نحن نفوز ونتقدم، لكننا مصممون على الاستمرار في توجيه الضربات لأعدائنا".

ويقول أولمرت إن إسرائيل نجحت في استغلال التصعيد الحالي للحد من قدرات حزب الله بعدما دمرت بنيته التحتية اللوجستية، وفككت شبكة الاتصالات الداخلية الخاصة به، بالإضافة إلى تدمير مخازن الأسلحة الرئيسية.

وتشير الشواهد إلى اجتياح بري مرتقب من الجيش الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، خاصة بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي هارتسي هاليفي التي أكد خلالها الاستعداد لعمليات عسكرية برية في لبنان، مؤكدا على تدمير "العدو بشكل حاسم".