إسرائيل تبحث عن جنود لحرب الشمال

منذ أشهر والجيش الإسرائيلي يحاول بأقصى قدراته إجبار اليهود "الحريديم" على تأدية الخدمة العسكرية الإجبارية التي يمتنعون عنها في العادة ويتهربون منها بدعوى تفرغهم لدراسة التوارة.

حاول وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في شهر يوليو إجبار الحريديم على الالتحاق بالتجنيد الإلزامي وأمر باستدعاء أكثر من ألف شخص منهم، ولكن لم يلب النداء سوى 30 شخصا حتى اللحظة، وهو ما اعتبره الجيش "فشل كامل".

تحالف نتنياهو الحاكم بحاجة لأحزاب الألترا أرثوذوكس للبقاء، فهم يمتلكون 18 مقعدا في الكنيست من أصل 64 يحظى بها الائتلاف، وإذا انسحب أي من حزبي الحريديم فإن رئيس الوزراء سيخسر وظيفته وسيضطر للتوجه لانتخابات جديدة.

نتنياهو يحاول تمرير قانون يرضي قادة الألترا أرثوذوكس ويحافظ على إعفاء الحريديم من التجنيد بعد أن أبطلت المحكمة العليا هذا الإعفاء، لكن وزير الدفاع وآخرين من حزب الليكود يعارضون هذا القانون.

أما أحزاب الحريديم فيؤيدون بشدة التوصل لصفقة تبادل تنهي الحرب في غزة وتحقق التهدئة في الشمال، لأن استمرار الحرب يعني تصاعد الضغط على أبنائهم للانضمام للجيش.

لذلك، التصعيد الأخير مع حزب الله أعاد فتح أعين المنظومة الأمنية على الألترا أرثوذوكس ومسألة تجنيد 3 آلاف شخص منهم على الأقل بشكل تدريجي خلال شهر ونصف الشهر.

تلقى الشباب الحريديم الذين رفضوا الامتثال لأوامر التجنيد مكالمات تحذيرية، الأربعاء، من الجيش الإسرائيلي، قيل لهم فيها إنهم إذا لم يحضروا إلى مكاتب التجنيد خلال 48 ساعة، فقد يتلقون مذكرة اعتقال واتخاذ إجراءات جنائية وعقابية ضدهم.

وتقول يديعوت إن الجيش قام مؤخراً بإرسال أمر استدعاء ثاني لنفس الأشخاص قبل الاتصال بهم، وسيقوم بإرسال أمر ثالث وأخير، وبعد ذلك سيتعرض الحريديم الممتنعين عن الخدمة لعقوبات مالية واعتقالات وتأخير في مغادرة البلاد.

الصحيفة الإسرائيلية تنقل عن رجل من الألترا أرثوذكس قوله إنه رد على اتصال الجيش بالقول "مثلما لديكم قائد يقول لكم ما يجب عليكم فعله، قائدي كذلك هو الحاخام، وقد أخبرني بعدم التجنيد".

زعيم التيار الليتواني الحاخام دوف لاندو أعلن أنه سيدعم أي شخص لا يتجند حتى لو تم اعتقاله، وقال "لقد بدأت المحاكم القضائية حربا ضد عالم التوراة، وتجبر الجيش على إرسال أوامر التجنيد الإجباري لأعضاء المدرسة الدينية".

وأضاف لاندو "نعلن بأصوات كثيرة أنه لا ينبغي بأي حال من الأحوال مراجعة مكاتب التجنيد على الإطلاق. وسنعزز أعضاء المدرسة الدينية وعائلاتهم في مواجهة الاختبار، نحن معكم أبطال الجيش".

صحيفة معاريف تقول إن عين إسرائيل أيضا على إعادة تجنيد عناصر الاحتياط الذين حصلوا على إعفاء من الخدمة العسكرية في الماضي، إذ تحاول إلغاء تلك الإعفاءات وإعادتهم للخدمة.

وتقدر وزارة الدفاع عدد أولئك الجنود والضباط بنحو 25 ألفا، وقامت بالفعل بمراسلتهم ومطالبتهم للعودة للجيش.

وتقول الصحيفة إن أحد أهداف أمر الاستدعاء هو إنشاء فرقة احتياطية جديدة أخرى وتعزيزها لقيادة الجبهة الداخلية بالإضافة لزيادة قدرة الجيش على الأعمال القتالية في قطاع غزة والحدود اللبنانية والسورية ومنطقة إيلات والحدود المصرية والحدود الأردنية.

ويحتاج الجيش لزيادة تشكيلاته القتالية بشكل مستمر مثل سلاح المدرعات، والهندسة القتالية، وألوية المشاة، وما إلى ذلك، نظرا لعدد قتلى وجرحى الحرب وحالة التأهب القصوى التي تعيشها إسرائيل بحسب القناة 12.

صحيفة أروتز شيفا تقول إنه في المتوسط، يتم إضافة أكثر من ألف جريح جديد من الجيش الإسرائيلي شهرياً لقسم إعادة التأهيل. بالإضافة لذلك، تلقى القسم أكثر من 6500 طلب للاعتراف بالإصابات الناجمة عن الحروب السابقة.

وتوقعت وزارة الدفاع الإسرائيلية وصول عدد المصابين والمعاقين في صفوفها لنحو 20 ألف جندي بحلول نهاية العام.

ولكن صدرت إحصائية أحدث في شهر أغسطس أفادت بأن إسرائيل تتوقع وصول عدد المعاقين في جيشها لنحو 100 ألف شخص بحلول العام 2030.

في شهر مايو الماضي، قالت صحيفة إسرائيل هيوم إنه بسبب النقص الحاد في القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، تم إنشاء كتيبة جديدة للمتقاعدين الذين أعفوا من الخدمة العسكرية والذين تجاوزت أعمارهم 40 عاما على الأقل.

كتيبة المتقاعدين الجديدة أطلق عليها اسم "كتيبة بئيري" كناية عن الكيبوتس الذي تعرض لهجوم يوم 7 أكتوبر، وتم بالفعل تجنيد نحو 600 مقاتل لصفوفها تحت قيادة عضو الكنيست السابق ووزير الاتصالات السابق يوعاز هندل.

الصحيفة أشارت إلى أن معظم جنود الاحتياط في تلك الكتيبة هم من قدامى المحاربين في الكتيبة 13 ووحدة ماجلان، ووحدة دوفدفان، ودورية الأركان العامة، ووحدات شيلداغ ولوتار.

وعشية عيد الفصح الماضي، بدأ مقاتلو كتيبة المتقاعدين بالتدريب، وقالت الصحيفة إنه ليس من المستبعد أن تتلقى تلك الكتيبة في المستقبل القريب مهمة عملياتية في الميدان، وربما حتى ستكون جزءا من اجتياح رفح.

متطلبات الانضمام لتلك الكتيبة هي "اللياقة البدنية والهمة العالية والإيمان بصحة الطريق وأكبر عدد ممكن من المقاتلين من نفس الفرق الذين اعتادوا على العمل معا".

ولسد العجز، لجأت كتائب الاحتياط أيضا لتجنيد متطوعين عبر مجموعات فيسبوك أو مجموعات مخصصة على واتساب.

صحيفة فرانس 24 تقول إن الجيش الإسرائيلي يجند طالبي لجوء أفارقة لدعم جهوده الحربية في غزة، وأعطاهم وعودا بالإقامة الدائمة في المقابل، وهو وعد تشكك في مصداقيته جماعات الدفاع عن اللاجئين.

يوجد في إسرائيل حاليا نحو 30 ألف طالب لجوء، معظمهم من السودان وإريتريا، ولكن تمت الموافقة على أقل من 1% من طلبات اللجوء، بينما البقية يعيشون في حرمان وفقر وانعدام استقرار وتبقى طلباتهم معلقة لعشر سنوات أو أكثر، وتنظر لهم الحكومة كـ"متسللين".

إسرائيل لا تفصح عن أعداد طالبي اللجوء المنتسبين لجيشها أو المهام القتالية الموكلة إليهم أو أعداد من قتل منهم في الحرب.

وفي شهر مايو الماضي، لجأت إسرائيل لخطوة جديدة لإغراء الجمهور بالانضمام للحرب، عندما أعلنت برنامج عفو عام ومحو للسجل الجنائي لمن يقومون "بتقديم خدمات مهمة لأمن البلاد" وخاصة المشاركة في الحرب على الفلسطينيين في غزة أو التصعيد في الشمال لمدة 90 يوم، بحسب قناة كان الإسرائيلية.

وشبه نشطاء إسرائيليون ذلك الإعلان بما فعلته مرتزقة فاغنر لاستقطاب جنود جدد من السجون، إذ كانت تعرض عليهم التعاقد معها والقتال في أوكرانيا لستة أشهر مقابل الإفراج المبكر.

إسرائيل كذلك عرضت على من ينتسبون لصفوف قواتها خلال الحرب منحا وإعفاءات من رسوم الدراسة الجامعية وتسهيلات وتخفيضات كبيرة في شراء الأراضي للسكن، وغيرها من المزايا.