هل يتكرر سيناريو غزة في جنوب لبنان؟

في الأيام الأولى، ركزت إسرائيل على شن غارات جوية مكثفة على مواقع حماس في شمال غزة. تم استهداف مراكز القيادة والأنفاق ومستودعات الأسلحة في محاولة لتدمير البنية التحتية لحماس.

مع تصاعد العمليات، أصدرت إسرائيل تحذيرات للسكان في شمال غزة بإخلاء المنطقة والانتقال إلى الجنوب، مما أدى إلى نزوح جماعي.

بعد الغارات الجوية، بدأت القوات الإسرائيلية في التوغل البري داخل شمال غزة. ركزت هذه العمليات على استهداف معاقل حماس الرئيسية مثل خان يونس في جنوب القطاع.

مع اقتراب انتهاء العمليات، ركزت إسرائيل على تدمير ما تبقى من البنية التحتية لحماس ومنع إعادة بناء شبكة المقاومة من خلال استهداف الأنفاق والمراكز اللوجستية لمنع وصول الأسلحة والإمدادات إلى المقاتلين.

على غرار العمليات في غزة، بدأت إسرائيل هجماتها على قيادات حزب الله في جنوب لبنان في سبتمبر 2024، بعد سلسلة من التصعيدات التي بدأت بتفجير أجهزة الاتصالات التي يستخدمها عناصر حزب الله، مما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات.

في مساء يوم الجمعة 27 سبتمبر، شن سلاح الجو الإسرائيلي غارة جوية استخدم فيها حوالي 80 قنبلة أميركية الصنع تزن 2000 رطل، مما أسفر عن مقتل زعيم حزب الله حسن نصرالله، في مجمع تحت الأرض بالضاحية الجنوبية لبيروت.

الاستهدافات سبقتها تحذيرات الجيش الإسرائيلي للمدنيين من اللبنانيين مطالبة إياهم بإخلاء مباني سكنهم المتاخمة لمصالح حزب الله.

في عملياتها البرية بقطاع غزة وهجماتها عن بعد ضد عناصر حزب الله بجنوب لبنان، اعتمدت إسرائيل على المعلومات الاستخباراتية التي تمكنت من جمعها في العقدين الأخيرين.

في قطاع غزة، مثلا، استخدم الجيش الإسرائيلي خلال عملياته الجوية قاعدة بيانات مدعومة ببرنامج الذكاء الاصطناعي لافندر الذي حدد حوالي 37 ألف هدف يحتمل ارتباطهم بحركة حماس، وفقًا لتقرير نشرته مجلة 972+.

أما في لبنان، فقد واصلت إسرائيل جمع المعلومات الاستخباراتية عن حزب الله وقياداته بعد حرب تموز 2006، واستخدمت الأقمار الاصطناعية والاستخبارات البشرية لتحديث قائمة أهدافها، مما أدى إلى تطوير "خريطة استخباراتية" دقيقة تضم آلاف الأهداف المحددة مسبقًا.

لم تتوقف إسرائيل عند اغتيال نصر الله، ففي يوم الاثنين 30 سبتمبر، كانت القوات الإسرائيلية تحتشد على طول الحدود الشمالية استعداداً لهجمات برية.

وفي الثلاثاء 1 أكتوبر، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانيال هغاري، أن القوات الإسرائيلية بدأت "توغلات محدودة وموجهة" في جنوب لبنان، تستهدف معاقل حزب الله التي تهدد البلدات والمجتمعات الإسرائيلية الحدودية.

في المقابل،استهدف عناصر حزب الله جنوداً إسرائيليين كانوا يتحركون عبر البساتين على طول الحدود، وأطلقت المدفعية نحو قوات إسرائيلية داخل إسرائيل على طول "الخط الأزرق"، وهو الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة.

وفي ظل تبادل النار المستمر بين الطرفين، ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت العملية البرية التي قد تشنها إسرائيل في لبنان ستشبه تلك التي نفذتها في غزة.

السياق الجغرافي والسياسي في جنوب لبنان يختلف بشكل كبير عن قطاع غزة، حيث تواجه إسرائيل في لبنان تحديات معقدة، مثل التضاريس الجبلية الصعبة، والقوة العسكرية لحزب الله، والدعم الإقليمي الذي يتمتع به.

يقول المحلل العسكري، مايكل كلارك، لموقع سكاي نيوز إنه من الصعب على الإسرائيليين أن يكونوا دقيقين في هجماتهم على لبنان، وذلك لأن أجزاء من البلاد جبلية للغاية، وبالتالي هناك الكثير من الأنفاق تحت السطح.

ويضيف: "إنها أنفاق صخرية، وبالتالي فهي ليست في الرمال. ومن الصعب للغاية اختراقها، إلا باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات، وهي تتسبب في قدر هائل من الضرر".

كما يرى: "أن إضعاف حزب الله أو إلحاق الأذى به إلى الحد الذي يضطره إلى الانسحاب سوف يكون مهمة أصعب كثيراً في جنوب لبنان مقارنة بغزة".