حليف مهمش.. إسرائيل تضع بايدن بمقعد "المتفرج"

منذ 21 أغسطس ٢٠٢٤، لم يتحدث بايدن مع نتنياهو، لكن الإدارة الأميركية متأثرة في كل الأحوال بالقرارات الأحادية التي تتخذها إسرائيل، كما تُرجح وول ستريت جورنال.

فمن جهة، من الممكن أن تتورط الولايات المتحدة في حرب إقليمية أخرى، تفتقر إلى الدعم الشعبي، ومن الجهة الأخرى تضع إسرائيل إدارة بايدن في مرمى نيران المنتقدين، الذين سيعتبرون واشنطن قد منحت إسرائيل قدرا واسعا من الحرية ولم تستخدم نفوذها.

ويعتقد أن مدى التأثير الممكن لبايدن أن يمارسه على عملية اتخاذ القرارت الإسرائيلية بات محدودا، وأن الإدارة الأميركية أضحت في مقعد المتفرج، كما تصف الصحيفة الأميركية، إذ ظهر ذلك بعدما بدأت إسرائيل تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بحزب الله بعد ساعات قليلة من زيارة مبعوث البيت الأبيض آموس هوكشتاين، لتل أبيب لثني إسرائيل عن القيام بعملية عسكرية موسعة.

ولكن أخيرا، وقبيل الرد الإسرائيلي على هجوم إيران الصاروخي الذي شنته مطلع أكتوبر، يتوقع أن يجري بايدن مكالمة حاسمة مع نتنياهو حول خطط تل أبيب، بحسب ما كشف موقع أكسيوس الأميركي نقلا عن ٣ مسؤولين أميركيين.

ونقل أكسيوس عن مسؤول أميركي قوله "نريد استغلال المكالمة لمحاولة صياغة حدود الرد الإسرائيلي"، فواشنطن تريد التأكد من أن إسرائيل ستهاجم أهدافا مهمة في إيران لكن دون أن تكون مبالغ فيها.

في السياق نفسه، قال مساعد لنتنياهو للموقع إن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيطلع بايدن على الأمر بمجرد اتخاذ القرار.

ويرجح المسؤولون الإسرائيليون أن رد إسرائيل من المتوقع أن يكون كبيرًا، وأن يشمل مزيجًا من الضربات الجوية على أهداف عسكرية في إيران وهجمات سرية مثل تلك التي قتلت رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران.

واجتمع نتنياهو لساعات مساء الثلاثاء مع كبار الوزراء ورؤساء الأجهزة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية لمحاولة التوصل إلى قرار بشأن نطاق وتوقيت الهجمات الإسرائيلية، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين نقل عنهم أكسيوس.

حتى الآن، ترفض إسرائيل إطلاع الإدارة الأميركية على تفاصيل خططها للرد على طهران، حتى مع حث البيت الأبيض، أقرب حلفائها في الشرق الأوسط على عدم ضرب منشآت النفط الإيرانية أو المواقع النووية، بحسب ما كشف مسؤولون أميركيون لصحيفة وول ستريت جورنال ، إذ يعتريهم الإحباط لأنهم فوجئوا مرارًا وتكرارًا بالأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان، ويسعون إلى تجنب المزيد من التصعيد.

وبصورة شخصية، يشعر بايدن بإهانة لذاته ولوزير خارجيته أنتوني بلينكن جراء تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال جولات الأخذ والرد التي بذلت فيها الولايات المتحدة جهدا للوصول لاتفاق وقف إطلاق للنار بين إسرائيل وحزب الله، حسبما أوضحت مصادر لصحيفة بوليتيكو.

ففي الوقت الذي عبر فيه نتنياهو عن موقف مؤيد لمحاولات وقف إطلاق النار، رفض المقترح حينما ظهر للعلن، متراجعا عما أبداه.

ولم تكن تلك المرة الأولى، فلطالما اشتكى بايدن بشكل غير علني من سلوك نتنياهو، الذي يضع مصلحته السياسية أولا، ويتجاهل المفاوضات التي تبذل فيها الولايات المتحدة جهدا، لمنع اتساع رقعة القتال.

وطالما وصف بايدن نتنياهو أنه "كاذب" و"لا يهمه سوى صموده السياسي"، بحسب مقتطفات نشرت من كتاب الصحافي الأميركي بوب وودوارد "حرب" الذي سيصدر في 15 أكتوبر، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

علاوة على ذلك، فالغضب بدى على وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن عندما أخبره نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت عن اغتيال نصر الله قبل دقائق من قيام الطائرات الإسرائيلية بإلقاء قنابلها فوق بيروت، إذ اعتبره خرقًا للثقة من قبل غالانت، لأن الإخطار المتأخر لم يسمح للبنتاغون باتخاذ تدابير لحماية القوات الأميركية في المنطقة، بحسب ما كشف مسؤولون لأكسيوس.

يعتبر مسؤلون أميركيون، أنه بالرغم من أن إدارة بايدن دُفعت مؤخرا إلى دور المتفرج، إلا أن دورها كان فعالا على مدار عام من الحرب.

يقول المسؤولون الذين تحدثوا لصحيفة واشنطن بوست شريطة عدم إعلان هوياتهم، إنه لولا الولايات المتحدة، ما كانت إسرائيل لتسمح بتدفق الحد الأدنى من المساعدات إلى قطاع غزة، كما يعتقد المسؤولون أن الضغوط التي مارسها بايدن ومساعدوه على إسرائيل، "خففت" من حدة الهجوم على رفح.

إسرائيل أيضا استفادت من الحضور الأميركي على مدار الحرب، خاصة من خلال الدور الذي قامت به واشنطن لصد هجمات إيران غير المسبوقة على إسرائيل، سواء في أبريل، أو في الأول من أكتوبر.

وتعتبر حماية واشنطن لإسرائيل من الأخطار التي قد تخرق دفاعاتها، جزء من السياسة التي اتبعها بايدن على مدار الحرب، وذلك بالرغم من أن إسرائيل تقوم بأفعال لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة، إذ ذكر وزير الدفاع الأميركي الأمر في حديث خاص وفقا للصحيفة الأميركية، أن حكومة نتنياهو تُقامر بأموال غيرها، أي أنها توجه الضربات للخصوم مع معرفة مُسبقة بأن حليفتها، الولايات المتحدة، سوف تلقي بثقلها العسكري والدبلوماسي لنجدتها.

من ناحية إسرائيل، فإن تمردها يقف خلفه تغير رؤية تل أبيب للإدارة الأميركية، كما يوضح مدير برامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جون ألترمان، فإسرائيل باتت تعتبر واشنطن دائمة التذمر، لكنها في النهاية تجلس "في المقعد الخلفي"، أي أنها تعطي التوجيهات دون أن تفهم متطلبات اللحظة الحالية.

ومن ثم يعتقد نتنياهو بأنه يتمتع بمساحة أكبر من تلك التي يرغب فيها بايدن.

وبصورة شخصية فنتنياهو يرغب أن يكون جهة الاتصال الأولى، إذ ألغى رئيس الوزراء زيارة مقررة لوزير الدفاع يوآف غالانت لواشنطن، بدعوى أنه يريد التحدث أولا مع بايدن حول الرد الإسرائيلي على إيران، وأن تسبق الزيارة موافقة مجلس الوزراء الأمني على طريقة الرد، بحسب تايمز أوف إسرائيل.

وتقول المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ، إن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ألغى خططه لزيارة البنتاغون الأربعاء، وأن الوزارة تتطلع لاستقباله في وقت لاحق.