الموساد في إيران.. سنوات من التجسس لـ"ضرب النووي"

تقرير نشره اتحاد كينغستون للأمن الدولي يفيد بأن إسرائيل اعتمدت على طرق مختلفة لإبطاء وتوقيف المشروع النووي الإيراني. ولتحقيق ذلك، تبنت الأجهزة الإسرائيلية المختلفة تدابير شاملة مثل منع إيران من الحصول على قطع الغيار وردع العلماء الأجانب من تقديم المساعدة، وتعطيل إمدادات الكهرباء لبعض المنشآت، وفقا لصحيفة لوفيغارو.

ولكن سرعان ما أدركت إسرائيل أن هذه العمليات لن تكون كافية لإقناع طهران بالتخلي عن المشروع بشكل نهائي.

ذهبت إسرائيل إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ لم تكتفِ بالاعتماد على الوحدة 8200 للاستخبارات العسكرية من أجل عمليات الاعتراض ووسائل الحرب الإلكترونية، ولكنها جندت عملاء داخل إيران.

حضور الموساد في إيران يعود لعصر الشاه، حيث ربطته علاقات وثيقة مع منظمات الاستخبارات والأمن القومي والسافاك، الشرطة السياسية آنداك.

في مقابلة مع شبكة سي إن إن، قال الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد إن طهران أنشأت وحدة تهدف إلى إحباط عمليات الموساد الإسرائيلي، ثم اتضح فيما بعد أن الرجل الذي كان يرأس هذه الوحدة كان عميلاً للموساد.

زعم نجاد، في المقابلة، أن هذه ليست حادثة معزولة، مشيرا إلى وجود 20 عميلا إضافيا ضمن فريق الاستخبارات الإيراني المكلف بمراقبة أنشطة الاستخبارات الإسرائيلية يعملون أيضا لصالح الموساد، وفقا لصحيفة يديعوت أحرنوت.

العملاء الذين كانوا يعملون في وحدة التصدي للتجسس الإسرائيلي ساهموا في أحد السرقات الكبرى في إيران عام 2018، عندما استهدفوا مخزنا سريا في منطقة شوراباد جنوب طهران، حيث جُمّعت السجلات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وفقا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست عام 2018.

في هذه العملية، تمكن عملاء الموساد من معرفة تفاصيل تصميم المبنى وموقع 32 خزينة تحتوي على الوثائق، بما في ذلك الصور والملفات الإلكترونية من "مشروع عماد"، وهو الاسم الرمزي للبرنامج النووي الإيراني.

استطاع الموساد دراسة الإجراءات الأمنية بدقة وتتبع تحركات الموظفين الذين يديرون الأرشيف، مما ساعدهم على تحديد موعد تنفيذ العملية، التي استغرقت 6 ساعات و29 دقيقة، تمكنوا خلالها من اقتحام الموقع وفتح بعض الخزائن وسرقة ما يقارب نصف طن من الوثائق الأكثر قيمة، وفقا لتقرير صحيفة واشنطن بوست.

كشفت هذه الوثائق عن معلومات جديدة حول أبحاث إيران السابقة المتعلقة بتطوير الأسلحة النووية وأظهرت تفاصيل حول اختبار أجهزة تستخدم لتوليد النيوترونات لتفعيل التفاعل النووي المتسلسل.

لم يكن تفجير أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال التي يحملها عناصر حزب الله في لبنان، العملية الأولى التي تنفذها إسرائيل عن بعد.

في عام 2020، اغتيل الجنرال محسن فخري زاده، الذي اعتبره بنيامين نتنياهو "عقل المشروع النووي الإيراني"، باستخدام مدفع رشاش محوسب يتم التحكم فيه بالأقمار الاصطناعية دون تدخل أي عميل في الموقع أثناء التنفيذ.

تقرير استقصائي لصحيفة نيويورك تايمز كشف أن السلاح المستخدم في الاغتيال هو من صنع بلجيكي ومُلحق بجهاز روبوت متقدم ومُزود بتقنيات الذكاء الاصطناعي. كان وزن الجهاز بالكامل حوالي طن وتم تهريبه إلى إيران في صورة أجزاء صغيرة قبل العملية ثم أعيد تجميعه داخل إيران من خلال عملاء على الأرض.

كما اغتال الموساد 5 علماء إيرانيين يعملون في المجال النووي في ظروف غامضة. توفي أحدهم نتيجة تسمم بأول أكسيد الكربون، بينما قُتل 3 بسبب انفجار قنابل مثبتة على أبواب سياراتهم أثناء توجههم إلى العمل، حسب ما ذكر تقرير صحيفة لوفيغارو.

أحد روايات اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، تقول إن العملية تم تنفيذها عن بعد، من خلال زرع متفجرات داخل شقته بطهران في مايو 2024 وتفجيرها يوم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

وتفيد صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن الموساد استعان بأحد أفراد الحرس الثوري الإيراني لزرع متفجرات في البيت الذي استضاف هنية.

في عام 2012، استعملت إسرائيل سلاحا سيبرانيا متقدما يُعرف باسم "ستكسنت"، Stuxnet، واستعانت به لإبطاء برنامج إيران النووي من خلال تخريب بنيته التحتية عن بُعد دون الحاجة إلى تدخل مادي مباشر، حسب ما كشفت صحيفة واشنطن بوست.

"ستكسنت" عبارة عن دودة حاسوبية اخترقت الأنظمة الأمنية السيبرانية لتحدث خللا في عمل أجهزة الطرد المركزي عن طريق تغيير سرعتها وإلحاق أضرار مادية بها. هذا التعطيل أدى إلى تأخير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم وتسبب في إعاقة برنامجها النووي.

على عكس تدمير المفاعلات النووية للعراق عام 1981 وسوريا عام 2007، تواجه إسرائيل تحديات في إيران.

في سوريا والعراق، كان هناك موقع واحد فقط، بينما يوجد في إيران العديد من المواقع النووية الرئيسية المنتشرة عبر أكثر من مليون كيلومتر مربع.

تقرير نشره اتحاد كينغستون للأمن الدولي يفيد أنه في حالة إيران، يتعين على سلاح الجو الإسرائيلي قصف جميع منشآت الصناعات النووية في نفس الوقت من أجل تحقيق المفاجأة.

وللتمكن من ذلك، يجب على سلاح الجو الإسرائيلي تحريك أسطول هائل يتضمن المئات من المقاتلات من طراز إف-35 وإف-15 وإف-16 جنبًا إلى جنب مع طائرات القيادة والتحكم وناقلات النفط ومروحيات الإنقاذ والطائرات بدون طيار، مع السيطرة عليها جميعًا وإخفائها في طريقها إلى إيران.