72 يوما في 720 كلمة.. هكذا عاش السنوار رئيسا لحماس

بينما كان إسماعيل هنية يفاوض نتنياهو بطريقة غير مباشرة ويجادل المفاوضين في طلباته التي وصفتها حماس بـ"التعجيزية"، أظهر السنوار الذي يحمل شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، موقفا أكثر تشددا فور تسلمه رئاسة المكتب السياسي.

في التقرير ذاته الذي نشرته BBC بعد 9 أيام من تولي السنوار رئاسة حماس قالت إنه يرفض الإفراج عن الرهائن قبل وقف الحرب في غزة، هذا ما قاله مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أبدوا استغرابهم من عقلية يحيى الذي يشترط وقف الحرب قبل حل المشكلة الأساسية التي تسبب بها، وهي قضية الرهائن.

هذا كان أول قرار تناقلته وسائل الإعلام عن رأي السنوار بمحادثات وقف إطلاق النار التي كانت تأمل إسرائيل أن تكون أسهل بعد اغتيالها لإسماعيل هنية في طهران في 31 يوليو الماضي.

بعد تسلمه الرئاسة بأقل من شهر وتحديدا في الأول من سبتمبر أعلن الجيش الإسرائيلي عثوره على 6 جثث لرهائن إسرائيليين في غزة. تحقيقات إسرائيل أثبتت أنهم قتلوا على يد مقاتلي حماس قبل أقل من 72 ساعة، بحسب تايمز أوف إسرائيل. وهذه كانت تعليمات السنوار الجديدة في التعامل مع الرهائن في حال اقتراب الجيش الإسرائيلي من أماكن وجودهم.

أكد ذلك الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة في كلمة قال فيها إنه صدرت تعليمات جديدة لمن يحرسون الرهائن بشأن التعامل معهم في حال اقتراب الجيش من منطقة وجودهم. وهذا كان أول قرارات السنوار الجديدة بشأن الرهائن.

تقرير لنيويورك تايمز نشر في 4 أكتوبر الجاري، قال إن الجيش الإسرائيلي تأكد أن "خصمه الأكبر" عاش مع هؤلاء الرهائن الستة في نفس النفق في شهر أغسطس الماضي. هنا أحس السنوار باقتراب الجيش من فك لغز اختفائه فبدأ تغييرا جذريا على طريقة تواصله وتخفيه وتنقله.

توالت خرزات مسبحة "لغز السنوار" بالسقوط واحدة تلو الأخرى بعد أن تأكد الجيش أنه عاش في مناطق في رفح لفترة طويلة خلال الحرب. وفي 12 أكتوبر الجاري نشرت وول ستريت جورنال تقريرا قالت فيه إن إسرائيل عثرت على وثائق كانت مع السنوار. في هذه الوثائق رسالة منه لقائد فيلق القدس الإيراني، و3100 صورة جوية لمواقع تغطي 90٪ من إسرائيل يريد قائد حماس، الذي قضى 23 سنة في سجون إسرائيل، مهاجمتها.

هنا، استغنى السنوار عن الاتصالات حتى باستخدام شبكة محلية لحماس، واستغنى عن رسائله المكتوبة، وأًصبح يعيش وسط دائرة ضيقة رجحت تايمز أوف إسرائيل أنها لا تزيد على 3 أشخاص. ومنذ ذلك الوقت، أصبح السنوار ينقل رسائله شفهيا من خلال هذه الدائرة الضيقة التي تحيط به.

اقتراب إسرائيل من حل ألغاز تخفيه في تلك الفترة كان بفضل وحدة خاصة استحدثتها إسرائيل داخل مقر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي الشاباك، وأوكلت لهذه الوحدة تتبع السنوار فقط. وتقول نيويورك تايمز إن الاستخبارات الأميركية حاولت مساعدة إسرائيل بـ"اعتراض اتصالات السنوار". وقدمت الولايات المتحدة لإسرائيل رادارا يخترق الأرض للمساعدة في البحث عنه وعن قادة حماس الآخرين، بحسب الصحيفة.

هذه المستجدات، جعلت من السنوار يتأخر في الرد على الوسطاء المصريين والقطريين، فقبل هذه الإجراءات كان يرد على الرسائل في غضون أيام، لكن في الأشهر الأخيرة، استغرق يحيى وقتا أطول للرد، وفي بعض الأحيان كان يعتمد على نوابه للتحدث باسمه.

صباح الأربعاء 16 أكتوبر خرج 3 مقاتلين من مبنى في تل السلطان في رفح، اشتبك معهم الجيش الإسرائيلي وقتلهم. كان السنوار وقتها في مبنى مجاور، فرصده فصيل من الكتيبة 450 العاملة في المنطقة، وأطلق قذيفة دبابة نحوه. قرابة الساعة 3 ظهرا كان تصوير "الدرون" لمشهد السنوار وهو يرمي عصا عليها، فدخل قائد الفصيل إلى المبنى، فألقى السنوار عليه ومن معه من الجنود قنبلتين يدويتين.

خرج قائد الفصيل وجنوده مسرعين من المنزل وأمر الدبابة بإطلاق قذيفة أخرى، ويرجح مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي أن هذه القذيفة هي التي قتلت السنوار. ولم يدخل الجيش الإسرائيلي إلى البيت إلا صباح 17 أكتوبر، بعد أن أصيبوا بدهشة عندما اكتشفوا أن الذي كان يشتبك معهم هو العقل المدبر لـ 7 أكتوبر والذي ظل قتله لغزا وحلما للإسرائيليين لـ 375 يوما متواصلا.