هل تتوقف الحرب في غزة بعد مقتل السنوار؟

ساعات قليلة بعد تأكيد مقتل السنوار، وفي خطاب متلفز، قال نتنياهو إن القضاء على قائد حركة حماس "محطة مهمة" في تراجع الحركة، لكنّه أكد أن "الحرب لم تنته بعد".

من جهته، قال رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي "لن نتوقف حتى نقبض على جميع (..) المتورطين في مجزرة 7 أكتوبر، ونعيد جميع الرهائن إلى ديارهم".

كما أفاد دبلوماسيون رفيعو المستوى لصحيفة واشنطن بوست بأن وفاة السنوار لن تكون نقطة تحول في الحرب. فبالنسبة لإسرائيل، تعتبر الفترة الحالية، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، "نافذة" مهمة، حيث لن تتجرأ إدارة بايدن على انتقاد نتنياهو خشية أن يؤثر ذلك في فرص الديمقراطيين في النجاح في السباق الانتخابي.

تفيد تقارير نشرتها وسائل إعلام غربية بأنه لا يُتوقع أن تتوقف الحرب بين حماس وإسرائيل قريبا، حيث إن كل طرف يسعى لتحقيق أهدافه الاستراتيجية.

من الجانب الإسرائيلي، تسعى تل أبيب للقضاء على حماس بشكل كامل لأنها ترى أن الحركة "لا تزال تحكم قطاع غزة"، لاسيما وسط توقعات بتولي محمد السنوار، الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، قيادة حماس، وفقا لما نقلته فرانس برس عن المؤرخ العسكري الإسرائيلي غاي أفيعاد.

وعلى الجانب الآخر، فيرجح أن تستمر حماس في المقاومة نظرا لتشبث عناصرها بالمعتقدات الأساسية للحركة بغض النظر عمن هو في السلطة.

مقتل السنوار يُعتبر ضربة قوية لحماس التي فقدت العديد من قادتها الكبار، ولكن الحركة ستحاول الاستمرار من خلال استغلال موته كحافز لتجنيد متطوعين جدد، وفقا لصحيفة الغارديان.

وكانت حماس أكدت مقتل السنوار، وأشارت إلى أن عودة الأسرى مرهونة بتوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وخروج المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

يفيد تقرير نشره مركز بيغن والسادات للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة بار إيلان الإسرائيلية بأن أهداف إسرائيل الاستراتيجية في غزة والمنطقة تتجاوز العمليات العسكرية الحالية وتركز على خلق واقع أمني جديد يعزز مكانتها الإقليمية ويضعف خصومها.

في غزة، مثلا، الهدف الأساسي هو القضاء على القوة العسكرية لحركة حماس وإنهاء حكمها حتى لا تشكل تهديدا أمنيا على حدودها مستقبلا.

أما في لبنان، تهدف إسرائيل إلى إعادة سكان الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم من خلال تدمير وإبعاد قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني. الهدف الأوسع غير المعلن، حسب التقرير، هو إضعاف حزب الله وإيران لما يمثلانه من تهديد استراتيجي كبير على الحدود الشمالية لإسرائيل.

على غرار الأمن الذي تريد تأمينه في الجنوب مع غزة، تسعى إسرائيل إلى خلق بيئة أمنية مستقرة في الشمال على المدى الطويل تمنع أي تهديدات كبيرة بالتوغل البري في المستقبل.

تقرير نشرته مؤسسة المجلس الأطلسي يفيد بأن مقتل يحيى السنوار لن يحل المشكلات الاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل إذا لم تغير الحكومة الإسرائيلية سياستها الحالية.

ويشير التقرير إلى أنه من غير المتوقع أن تنهار حركة حماس بعد مقتل السنوار، وتاليا ستستمر الحرب من دون أي حل سياسي واضح في الأفق.

ولتحقق إسرائيل مكاسب في هذه الحرب، تحتاج إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها في غزة، والتي تتضمن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة السلطة الفلسطينية لتولي الأنشطة المدنية في غزة.

ويرجح التقرير أن تستمر الحرب على حالها إذا استمرت إسرائيل في سياستها الحالية بالسيطرة على أجزاء من غزة، وربما بناء مستوطنات جديدة.

تفيد صحيفة تايمز أوف إسرائيل بأن بعض الأوساط السياسية في إسرائيل طرحت فكرة إعادة توطين قطاع غزة كجزء من استراتيجية طويلة الأمد. وتلقت الفكرة دعماً من نواب في حزب الليكود ومنظمات استيطانية متطرفة.

يروّج المؤيدون لفكرة إعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية، التي أخليت في غزة عام 2005، لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على المنطقة بعد الصراع. يتبنى هؤلاء خطابا يعتبر غزة "أرضاً إسرائيلية إلى الأبد"، ويدعون إلى إعادة الاستيطان كجزء من انتصار أوسع على حماس.

لكن هذا المقترح يثير انتقادات واسعة داخل إسرائيل وخارجها. فالعديد من المعارضين، بما في ذلك نتنياهو وأعضاء من أحزاب المعارضة الإسرائيلية، يعتبرون أن هذه الفكرة تتعارض مع الأهداف المعلنة للحرب ضد حماس، وتزيد من تعقيد النزاع بدلا من حله.

كما أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعميق العزلة الدولية لإسرائيل، حيث أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها الشديدة لهذا المخطط، واصفة إياه بأنه "غير مسؤول ويثير الفتنة".

وتثير فكرة إعادة استيطان غزة العديد من التساؤلات من الناحية القانونية، إذ يعتبر القانون الدولي قطاع غزة منطقة محتلة، وإقامة مستوطنات إسرائيلية فيها قد تُعد انتهاكاً لاتفاقيات جنيف التي تمنع القوى المحتلة من نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التوترات مع الفلسطينيين والمجتمع الدولي، ما يزيد من تعقيد فرص التوصل إلى حل سياسي طويل الأمد للنزاع.