باهتشلي وأوجلان.. ما وراء "العرض الاستثنائي" في تركيا

عرض باهتشلي لاقى أصداء واسعة على مستوى التعليقات والأفعال، وكانت ردود الفعل تجاه ما قاله من طرف المعارضة والحكومة في إطار "إيجابي".

ولأول مرة منذ 4 سنوات، سُمح لعائلة أوجلان، يوم الخميس، بزيارته في سجنه الواقع بجزيرة إمرالي.

وأوضح ابن أخيه عمر أوجلان بعد لقائه أن عمّه عبدالله "أجرى تقييما للتطورات السياسية العامة خلال الزيارة، وطلب إيصال رسالة إلى الجمهور".

وجاء في الرسالة: "العزلة مستمرة. إذا توفّرت الظروف، لديّ القوة النظرية والعملية لنقل العملية (في إشارة إلى قضية الحل) من أرضية الصراع والعنف إلى الأرضية القانونية والسياسية".

قبل هذه الخطوة، أبدى مسؤولون أكراد في تركيا دعما للعرض القائم، وكان على رأسهم الزعيم السياسي المسجون، صلاح الدين ديميرتاش، وانضم إليه سياسيون معارضون، بينهم رئيس "الشعب الجمهوري"، أوزغور أوزيل، لكنه شدد على أن يكون محور أي نقاش تحت قبة البرلمان.

وبينما كانت النقاشات وردود الفعل تتواتر على ما طرحه باهتشلي، جاء هجوم مجمع الصناعات الجوية والفضائية في أنقرة ليخلط الأوراق.

تبنَّى "العمال الكردستاني" العملية التي أسفرت عن 5 قتلى و22 مصابا، وقال إنها نُفذت عبر مهاجمين اثنين، أحدهما امرأة.

وقبل إعلان مسؤوليته، سارعت أنقرة لتنفيذ ضربات جوية في شمال سوريا والعراق، وقال أردوغان الجمعة، إن "المنفذيْن الاثنين في أنقرة تسللا من سوريا".

ولا يعرف حتى الآن ما إذا كان هجوم مجمع الصناعات (شركة توساش) سيؤثر في المشهد الاستثنائي والجديد المتعلق بعرض باهتشلي لأوجلان.

لكن كان لافتا، خلال اليومين الماضيين، أن مسؤولين أكرادا في تركيا أدانوا العملية، مؤكدين ضرورة السير بمسار سلمي "بعيدا عن الدماء".

تُثار التساؤلات الآن بشأن ما إذا كانت كلمة أوجلان مسموعةً داخل "العمّال الكردستاني"، ويستند طرحها إلى التناقض الحاصل ما بين رسالة "السلم" التي وجّهها عبر ابن أخيه عمر، وما حصل قبلها وبعدها على صعيد هجوم أنقرة.

ويقول الباحث السياسي التركي، هشام جوناي، إن "أوجلان يُعدّ بمثابة رمز وقائد روحي لدى حزب العمال الكردستاني ومناصريه".

ويضيف لبلينكس أن "تأثيره مستمر منذ أكثر 20 عاما في السجن"، وأن "كلمته ما زالت مسموعة"، بناء على "التضحية الكبيرة التي يقدّمها في سبيل القضية من السجن، كما يرى مناصروه".

ويعتقد المحلل السياسي التركي، جواد غوك، أن "أوجلان هو الشخص الذي لا يزال يُمسك بأي عملية مفاوضات".

ويوضّح لبلينكس أن "لديه القدرة على التحكّم في قرارات الحزب حتى الآن، وهو مستمر في القيادة".

هناك مَن يعتقد داخل تركيا أن "العمّال الكردستاني" يشمل تيارات عدّة، لا تتوافق مع مواقفه، سواء المتعلقة بالبلاد أو بسوريا وشمال العراق.

ويقول المحلل غوك: "ما عدا المتطرفين في حزب العمال، سوف يسمع البقية ما سيقرّره أوجلان".

ويضيف أن "الحزب عسكريا تراجع جدا خلال السنوات الماضية ومُني بهزائم"، وهو ما قد يدفعه إلى القبول بالحل الذي يلوح في الأفق الآن، بحسب المحلل السياسي التركي.

عقدت الدولة التركية محادثات سلام مع أوجلان وحزبه في عام 2012، لكن هذه العملية ووقف إطلاق النار انهارا في يوليو 2015، مما أطلق العنان لأكثر فترة دموية في الصراع، بحسب "رويترز".

بالنسبة إلى تركيا الآن، يرى الباحث جوناي أنها "تريد أن تتدارك الأمور قبل أن تتدهور".

ويوضّح أن الدولة التركية "ترى خطرا يرتبط بإنشاء كيان كردي في شرق الفرات، كما حصل في شمال العراق"، ولذلك تحاول الآن إيجاد حلول للقضية الكردية، من منطلق تحسبي لما يدور وراء الكواليس في جوارها.

ويضيف: "باهتشلي يعلم جيدا أن كلمة أوجلان هي المسموعة، وهو الشخص الذي لا يزال يمسك بالتأثير كمركز للقرار".

ويتابع جوناي: "الهدف من العرض الذي قدمه هو حل المشكلة قبل أن يستشري الداء في تركيا، وقبل أن يأتي مَن يتحكَّم بالأكراد في داخل البلاد ويطالبهم بالانفصال".

كما لا يستبعد الباحث وجود أهداف داخلية، تتعلّق بمحاولة من القوميين لكسر الحاجز مع الأكراد، وذلك لاعتبارات تتعلّق بالانتخابات الرئاسية التي ستحصل بعد سنوات.