ما أهمية الأصوات العربية في الانتخابات الأميركية؟

تاريخيا، بدأ الأميركيون العرب بالمشاركة في الحياة السياسية بشكل أكبر منذ سبعينيات القرن الماضي، بعد أن أسسوا منظمات للدفاع عن حقوقهم ومناصرة القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، مثل اللجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز والمعهد العربي الأميركي، وقد ظهرت هذه المنظمات على سطح الحياة السياسية الأميركية لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر للدفاع عن حقوق المسلمين والعرب في الولايات المتحدة وحمايتهم من التمييز.

وبشكل عام لم يكن للعرب الأميركان صوت مؤثر في الحياة السياسية الأميركية نتيجة عدم التنظيم وعدم الانخراط الكبير للأميركان العرب في الحياة السياسية، لكن هذه الانتخابات تبدو مختلفة قليلا.

تقول هويدا عراف، المحامية الأميركية ذات الأصول الفلسطينية، ومرشحة الكونغرس السابقة عن ولاية ميشيغان، في تصريحات لبلينكس، إن المجتمع العربي الأميركي بدأ يلعب دورا متزايدا داخل الحياة السياسية الأميركية خلال السنوات الماضية، فبعد ظهور نواب الكونغرس رشيدة طليب من ميشيغان وإلهان عمر من مينيسوتا، بدأ الصوت العربي يكتسب زخما، وربما الدور الذي تلعبه الكتلة العربية هذه المرة يكون مختلفا ومحوريا بل وحاسما تماما.

وأوضحت عراف سبب أهمية الصوت العربي هذه المرة، مؤكدة أنه راجع لظروف تاريخية تصاحب الانتخابات ولعل أهمها:

• كونه سباق انتخابي متقارب للغاية، حيث أن أغلب استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم هاريس أو ترامب بفارق 1% أو ما يزيد قليلا، وهو ما يجعل الأمور ضمن هامش خطأ استطلاعات الرأي المعتاد والذي يقدر بـ3 % ولذلك هناك أهمية شديدة لكل صوت.

• الأمور شبه محسومة في أغلب الولايات، المنقسمة بين ولايات تؤيد مرشح الحزب الجمهوري بقوة أو مرشحة الحزب الديمقراطي، لكن الأمر كله يتوقف على تصويت الولايات المتأرجحة وأهمها ميشيغان ذات الـ16صوتا في المجمع الانتخابي.

• والأمر الآخر، أن الأصوات العربية تتركز في ولاية ميشيغان الحاسمة.

• فاز ترامب بميشيغان في 2016 بفارق يقترب من 11 صوت، وفاز بايدن بالولاية في 2020 بفارق 150 ألف صوت فيما تقدر الأصوات العربية في ميشيغان بـ500 ألف صوت تقريبا، حيث يمكنهم ترجيح كفة أي مرشح.

أشارت عراف في حديثها مع بلينكس إلى أن أغلب الناخبين العرب الأميركيين والمسلمين الأميركيين يميلون إلى الديمقراطيين تاريخيا بسبب قضايا رئيسية مثل الحقوق المدنية والهجرة والرعاية الصحية.

وأضافت: "على الرغم من تأييد غالبية العرب والمسلمين الأميركيين للحزب الديمقراطي، إلا أن الكتلة العربية ليست متجانسة تماما، فهناك نسبة كبيرة من العرب الأميركيين يصوتون للجمهوريين، إما لأنهم أصحاب أعمال صغيرة ويفضلون السياسات المالية الجمهورية، أو بسبب آرائهم الاجتماعية المحافظة التي تتوافق أكثر مع آراء الحزب الجمهوري".

ولفتت عراف، إلى التقديرات السابقة التي أشارت إلى أن 71 % من العرب الأميركيين صوتوا في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وهو ما يمثل نسبة إقبال أعلى من المتوسط العام في الولايات المتحدة، ومن بين هؤلاء، صوت حوالي 59 % لصالح بايدن، وصوت 35 % لصالح ترامب.

وتوقعت عراف، ألا تتجاوز نسبة تأييد مرشحة الحزب الديمقراطي هاريس، هذه المرة، بين العرب والمسلمين الأميركيين أكثر من 50 %، موضحة :"دعني أكشف لك أن العديد من الأشخاص الذين أعرفهم بما في ذلك أشخاص كانوا ديمقراطيين مدى الحياة، يخططون الآن للتصويت لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين، في الانتخابات المقبلة، كتصويت احتجاجي ضد السياسات الديمقراطية التي تدعم إسرائيل في مجازرها بحق المدنيين الأبرياء في غزة.

وحول خطورة انقسام الأصوات العربية الأميركية، بين هاريس وستاين وإمكانية أن يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى فوز ترامب، أوضحت عراف، أنه إذا فاز ترامب فسيكون هذا خطأ الإدارة الديمقراطية التي خاطرت بخسارة الانتخابات لصالح شخص خطر على الديمقراطية الأميركية، مثل ترامب بسبب دعمها اللامحدود لإسرائيل.

وأشارت عراف، إلى أنه قد يكون صحيحا أن رئاسة ترامب قد تكون مؤلمة في الأمد القريب، إلا أنها ستكون أفضل للعرب والمسلمين في الأمد البعيد، قائلة: "هناك من يعتقد حتى أن ترامب لن يدعم إسرائيل في جرنا إلى الحرب وقد يفعل المزيد لوقف الحرب في المنطقة".

مشيرة إلى أنها قد لا تتفق تماما مع هذه الرؤية، لكن خسارة هاريس بسبب دعمها لإسرائيل يبدو أمرا أخلاقيا مهما جدا لصالح محورية الصوت العربي في الانتخابات الأميركية، موضحة: "خسارة هاريس عددًا كبيرًا من الأميركيين العرب والمسلمين والتقدميين وغيرهم ممن ربما كانوا سيدعمونها ، كان يمكن تلافيه إذا أبدت استعدادها للالتزام بالقانون الأميركي والدولي عندما يتعلق الأمر بتسليح إسرائيل.

ونبهت عراف وهي المسؤولة في حركة (غير ملتزم) والتي تدعو لعدم تصويت الديمقراطيين لصالح مرشح الحزب الديمقراطي بسبب سياسات الرئيس بايدن تجاه غزة، إلى أن الحركة حصدت أكثر من 700 ألف صوت في الانتخابات التمهيدية، ما يشير بوضوح إلى السخط العام وليس فقط بين الجالية العربية بسبب سياسات بايدن وهاريس في الشرق الأوسط.

وتوقعت عراف، حصد جيل ستاين، مرشحة حزب الخضر، على العديد من الأصوات التي كانت ستذهب إلى هاريس، بالإضافة إلى أن بعض الناخبين الديمقراطيين التقليديين سيصوتون لترامب لمحاولة إغراق هاريس، قائلة: "في حين أن المجتمعات العربية والإسلامية الأميركية ليس لديها ما يكفي من الأصوات لتحديد هوية الرئيس، إلا أننا لدينا الأصوات الكافية لإغراق مرشح هذه المرة، وهذا ما قد يحدث في ميشيغان".