أفريقية تناهض الهجرة.. "يمينية متهورة" تقود "المحافظين البريطاني"

كانت كيمي بادينوك تبلغ 16 عاما عندما عادت إلى لندن، قادمة من نيجيريا بلدها الأصلي، واضطرت للعيش بمفردها بعد أن أرسلها والدها لبدء حياة جديدة.

لم تكن بادينوك قادرة على التأقلم مع الوضع في نيجيريا حيث الحكم العسكري والفوضى السياسية، وعدم وجود فرص كثيرة للنجاح، فقررت أن تفتش عن فرصها في لندن، وكان كل ما لديها وقتها 100 جنيه إسترليني فقط.

كيمي كانت قد ولدت في لندن عام 1980 لوالدين نيجيريين، لكنها عادت إلى نيجيريا لتقضي معظم طفولتها هناك، وتعلق على ذلك في تصريحات نقلتها "إي بي نيوز" قائلة: "نشأت في مكان لم يكن به إضاءة، الوقود كان ينفد بشكل متكرر، رغم أننا كنا في دولة منتجة للنفط".

وخصصت الفتاة الطموحة وقتها للدراسة، واستغلت أوقات الفراغ للعمل من أجل أن تعيل نفسها، وعملت في مطعم الوجبات السريعة الشهير "ماكدونالدز" عندما كانت شابة.

ونجحت كيمي في أن تنهي رحلتها العلمية بدراسة هندسة أنظمة الحاسبات في جامعة ساسكس، وحصلت على شهادة في القانون، وعملت في الخدمات المالية لفترة، لتستقر في المملكة المتحدة، إلى أن دخلت عالم السياسة، وانضمت إلى حزب المحافظين عندما كان عمرها 25 عاما.

زعيمة حزب العمال الجديدة لم تحصل على منصبها الحالي عن طريق الصدفة، فقد تدرجت بشكل سريع نظرا للكفاءة التي تمتعت بها، لتنتقل من جمعية لندن إلى عضوية البرلمان في عام 2017.

وفي 2019 حصلت كيمي على منصب وكيلة وزارة الدولة البرلمانية لشؤون الأطفال بقرار من رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون، ثم عُينت وزير للمساواة عام 2021.

وكان آخر منصب تقلدته بادينوك في المملكة المتحدة عام 2022 عندما تولت حقيبة وزارة الدولة للتجارة الدولية، ضمن حكومة زعيم حزب العمال السابق ريشي سوناك.

اعتادت كيمي التي تعتبر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر مثلا أعلى لها، إطلاق تصريحات نارية تتسبب في حالة من الجدل، وتجلب لها الانتقادات.

بادينوك تحدثت مع "اليونيسيف" عن الحياة الأسرية في المملكة المتحدة، وقالت إنها واحدة من بين الأسوأ في أوروبا على الإطلاق، واعتبرت أن الآباء لا يحظون بالاهتمام الذي يجب أن يحصلوا عليه في القانون.

وفقدت بادينوك دعم النساء وفقا لـ"دويتشه فيله" بحديثها عن سياسة الأسرة، قبل أن توضح لاحقا تصريحاتها، وتحاول تجميل الصورة، إذ قالت إنها "تؤمن بأجر الأمومة".

وأطلقت بادينوك أشهر تصريح لها عندما قالت في مؤتمر لحزب المحافظين إن نسبة تتراوح بين 5 و10% من الموظفين في الخدمة المدنية "سيئة للغاية إلى حد يستحق السجن".

وتسبب التصريح في هجوم من النقابات العمالية على بادينوك، ودعاها أحد رؤساء النقابات إلى سحب تعليقاتها، لكنها قالت إن الأمر كان مجرد مزحة لا تستدعي الغضب.

وأثار حديث كيمي عن الهجرة جدلا واسعا، رغم أصولها النيجيرية، إذ قالت: "لا يجب أن نسمح أبدا لأولئك الذين يصلون إلى بريطانيا باستغلال تسامحنا، علينا أن نحافظ على قيمنا التي سمحت لنا بالنجاح".

ورفعت بادينوك شعار التحدي عندما قالت في تصريح سابق لها أواخر سبتمبر الماضي: "إذا هاجمتني، سأهاجمك في المقابل"، وأشارت إلى أنها مقاتلة لن تسمح بتعرضها للهجوم وتصمت.

يعتقد أنصار كيمي بادينوك أن أسلوبها الحاد يحتاجه حزب المحافظين في الوقت الحالي للعودة من أسوأ هزيمة انتخابية له على الإطلاق في يوليو المقبل، لكن المعارك التي قد يدخلها الحزب بسبب زعيمته الجديدة لن تكون ضرورية.

ويقول المنتقدون إن بادينوك اعتادت الصدام مع الزملاء والموظفين الحكوميين، وتميل بطبيعتها إلى الحديث بصورة متهورة، وتثير معارك غير ضرورية.

وشهدت الحملة الانتخابية لكيمي أشياء من هذا القبيل، عندما تعرضت لانتقادات لاذعة بسبب قولها إن "كل الثقافات ليست متساوية في الصلاحية".

وعن هذه الانتقادات قالت بادينوك في حديث لشبكة "بي بي سي" إنها تعبر عن رأيها فقط بطريقتها، مشيرة إلى أنها لا تقول غير الحقيقة فقط.

المرأة الأولى ذات البشرة السوداء التي تتزعم حزب المحافظين، ستضفي لهجة يمينية قتالية لحزبها الجريح، لكنها تعهدت بالعودة إلى المبادئ الأساسية للحزب.