سياسة
يوآف غالانت الذي أقاله بنيامين نتنياهو من منصب وزير الدفاع في إسرائيل الثلاثاء، هو جنرال سابق حدّد معالم الحملة التي تخوضها إسرائيل ضد حركة حماس في قطاع غزة، لكنه اختلف جذريا مع رئيس الوزراء بشأن مستقبل هذه الحرب.
وبعدما كان القوة الأبرز خلف توسيع العمليات العسكرية في لبنان في سبتمبر، أقصي غالانت في يوم انشغال الولايات المتحدة، البلد الداعم الأكبر لإسرائيل سياسيا وعسكريا، بانتخاباتها الرئاسية، وبعد أشهر من التباينات مع نتنياهو بشأن مآلات الحرب ضد حماس في القطاع الفلسطيني.
فماذا نعرف عنه؟ وما أبرز خلافاته مع نتنياهو؟
أشادت الولايات المتحدة الثلاثاء بوزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت بعدما أقاله رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "كان الوزير غالانت شريكا مهما في كل المسائل المتعلقة بالدفاع عن إسرائيل. وباعتبارنا شركاء مقربين، سنواصل العمل بشكل تعاوني مع وزير الدفاع الإسرائيلي المقبل".
يقول موقع أكسيوس إن غالانت أقيل لأنه عارض قانونًا يعفي الرجال المتدينين من الخدمة العسكرية.
ويشر الموقع إلى أن قرار نتنياهو وسط حرب إسرائيل متعددة الجبهات مدفوع إلى حد كبير بضغوط سياسية محلية، بما في ذلك من أعضاء حكومته الائتلافية الذين يضغطون عليه لتمرير قوانين من شأنها إعفاء الرجال المتدينين (الحريديم) من الخدمة في الجيش.
ويعارض غالانت هذه القوانين، بينما تهدد الأحزاب المتدينة في الائتلاف بإسقاط الحكومة إذا لم يتم تمرير القوانين في الأيام المقبلة.
وكان غالانت الشريك الأكثر ثقة في الحكومة الإسرائيلية لإدارة بايدن. وقال مسؤول أميركي لأكسيوس إن البيت الأبيض فوجئ بشدة بقرار نتنياهو إقالة غالانت.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي لوكالة أكسيوس: "كان الوزير غالانت شريكًا مهمًا في جميع الأمور المتعلقة بالدفاع عن إسرائيل".
في خطاب ألقاه، قال غالانت إن نتنياهو طرده بسبب خلافهما حول ثلاث قضايا:
أصرّ غالانت المعروف بمواقفه المتشددة والمنضوي في حزب نتنياهو والذي اختلف معه مرّات عدة بشأن السياسات المتبعة، بأن على إسرائيل توسيع المعركة إلى لبنان حيث بدأ حزب الله المدعوم من إيران، شنّ هجمات عبر الحدود بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر 2023.
وبينما كان المسؤولان على توافق بشأن الجبهة الشمالية مع لبنان، كان الخلاف بينهما عميقا بشأن الجبهة الجنوبية في غزة حيث أدت الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام، الى إضعاف حماس لكن من دون ايجاد حل لمسألة الرهائن.
وقال نتنياهو في بيان الثلاثاء "على مدى الأشهر الماضية تآكلت الثقة... في ضوء ذلك، قررت اليوم إنهاء ولاية وزير الدفاع"، مشيرا الى تعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفا لغالانت.
في 18 سبتمبر، أعلن غالانت بأن "مركز ثقل" الحملة العسكرية الإسرائيلية "سينتقل إلى الشمال"، واصفا ذلك بأنه "بداية مرحلة جديدة في الحرب تتطلب الشجاعة والتصميم والصمود".
بعد أيام، أعلنت إسرائيل أن قواتها البريّة بدأت عمليات ضد حزب الله داخل الأراضي اللبنانية، بعد سلسلة عمليات قصف مدمّرة أضعفت الهيكلية القيادية للحزب.
يقول الخبير الجيوسياسي لدى شركة "لو بيك" للاستشارات الأمنية ومقرها الشرق الأوسط مايكل هورويتز إن "غالانت كان أول من أيّد فكرة أن على إسرائيل نقل المبادرة إلى الشمال، بعد أيام فقط من هجمات السابع من أكتوبر".
ويوضح المحلّل السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية كاليف بن-دور بأن "الحجة كانت بأنه من المفضّل في الحرب قتال العدو الأكثر قوّة أولا، وقوّة حزب الله تتجاوز قوة حماس بأشواط".
وبحسب هورويتز، كان يُنظر إلى غالانت بعد نحو عام على بدء حرب غزة "سواء كانت تلك النظرة محقّة أم لا، على أنه كان استشرافيا، وراهن على قدرة إسرائيل على استعادة زمام المبادرة".
وأشار بن-دور الى أن غالانت، العنصر في القوة البحرية الخاصة والمستشار العسكري لرئيس الوزراء الراحل أرييل شارون والقائد العسكري الرفيع الذي قاد العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة في 2008-2009، فرض نفسه كسياسي "مسؤول".
ويضيف المحلل بأن غالانت "يُعتبر شخصية تركّز على الانتصار في الحرب وما يُنظر إليها على أنها المصلحة الوطنية، بدلا من الخوض في الأمور السياسية السخيفة"، وهو أمر يلقى تقديرا حتى في أوساط الإسرائيليين "الذين لا يشاركونه بالضرورة وجهات نظره السياسية".
تعرّض غالانت (65 عاما) لاتهامات بارتكاب جرائم حرب على خلفية الحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في غزة التي أودت بحياة 43391 شخصا على الأقل، معظمهم مدنيون، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع.
في مايو، طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي توقيف بحق كل من نتنياهو وغالانت بتهم تشمل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والقتل والتجويع المتعمّد للمدنيين، علما بأن المذكرتين لم تصدرا بعد.
اختلف غالانت مرارا مع نتنياهو بما في ذلك بشأن إصلاحات قضائية مثيرة للجدل أثارت موجة احتجاجات منذ مطلع 2023، والمفاوضات الرامية للتوصل إلى هدنة في غزة.
ويقول هورويتز إن غالانت الذي نجا سابقا من محاولة واحدة على الأقل لإقالته، يعد شخصية وطنية قادرة على جمع الإسرائيليين.
وفور إعلان إقالته، نزل مئات الإسرائيليين الى الشوارع احتجاجا.
انضم غالانت، وهو أب لثلاثة أبناء، إلى حزب نتنياهو "الليكود" عام 2019، بعد بضع سنوات على دخوله السياسة مع حزب "كولانو" (يمين وسط).
في أغسطس، نقل الإعلام الإسرائيلي عن غالانت بأنه قلّل من أهمية إعلان نتنياهو بأن هدف الحرب تحقيق "انتصار كامل" ضد حماس في غزة، معتبرا أنه مجرّد "هراء".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة