"أقمار تجسس" تكشف موقع "معركة القادسية" قبل 1400 عام

فريق مشترك من علماء آثار بجامعة دورهام البريطانية وجامعة القادسية العراقية، عثروا على الموقع أثناء إجراء مسح عن بُعد لخريطة طريق الحج من مدينة الكوفة في العراق إلى مكة المكرمة، والذي شيد منذ أكثر من ألف عام. وأعلنت النتائج في ورقة بحثية نشرت في مجلة "أنتيكويتي" الثلاثاء 12 نوفمبر.

وأثناء رسم خريطة طريق الحج، لاحظ الفريق سمات متطابقة بشكل وثيق بين موقع على بعد نحو 30 كيلومترا إلى جنوب الكوفة في محافظة النجف العراقية، وبين موقع معركة القادسية الموصوف في كتب التاريخ.

الموقع كان في منطقة صحراوية بها قطع متناثرة من الأراضي الزراعية. وأكد مسح على هذه الأرض النتائج، واقتنع فريق العلماء بأنهم حددوا مكان معركة القادسية بشكل صحيح.

وقال ويليام دادمان، خبير علم الآثار في جامعة دورهام لشبكة سي إن إن، إن الاكتشاف هو ضمن مشروع أوسع لتحديد المواقع الأثرية في منطقة الشرق الأوسط.

جعفر الجوذري، أستاذ الآثار في جامعة القادسية والذي كان ضمن الفريق الذي أجرى الاكتشاف، يقول للوكالة إن السمات الرئيسية للموقع كانت خندقا عميقا وحصنين ونهرا قديما عبرته قوات الفرس على ظهور أفيال. كما عثر الفريق على قطع فخارية تتفق مع الفترة الزمنية التي وقعت فيها المعركة.

يحكي الجوذري أن العراقيين من جيله، الذين نشأوا في ظل حكم الرئيس السابق صدام حسين، كانوا على دراية بالمعركة بتفاصيلها الدقيقة، حتى أسماء قادة الجيشين.

وفي حقبة ما بعد صدام، أصبحت القادسية بمثابة اختبار سياسي حاسم.

تختلف آراء العراقيين حول هذه المعركة وفقا لمشاعرهم تجاه إيران، التي وسعت نفوذها في البلاد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بصدام حسين.

يشرح الجوذري أن هناك سياقا سياسيا ودينيا لهذه المعركة بسبب الاختلافات الدينية والعرقية والسياسية في العراق، مضيفا: "نقرأ أو ننظر إلى كل شيء على أساس اختلافاتنا. نحن جميعا نتفق على أنها معركة مهمة وحاسمة للغاية، وجميعنا نعرفها".

وذكر أن فريق العلماء يخطط لبدء أعمال التنقيب في الموقع العام المقبل.

يأتي هذا الاكتشاف ضمن مشروع أوسع نطاقا أطلق عام 2015 لتوثيق المواقع الأثرية المهددة بالانقراض في العراق، كما يأتي بالتزامن مع حالة الانتعاش التي يعيشها علم الآثار في العراق، الدولة التي يشار إليها بأنها "مهد الحضارة".

لكن هذا الاكتشاف الأثري تعطل بسبب عقود من الصراع الذي أوقف أعمال التنقيب، وأدى إلى نهب عشرات الآلاف من القطع الأثرية. وفي السنوات الأخيرة، عادت أعمال التنقيب والبحث وتمت إعادة آلاف القطع الأثرية المسروقة.