بالولاء وإيلون ماسك.. كيف يسعى ترامب لتفكيك "الدولة العميقة"؟

"سنهدم الدولة العميقة" هذا الوعد الذي قطعه ترامب في كل تجمع انتخابي ليثير التساؤل حول ما يريده الرئيس المنتخب، حينما وجه له السؤال بشكل صريح من مجلة تايم، في أبريل ٢٠٢٤، وتلك الإجابة تعني "أننا نريد التخلص من الأشخاص السيئين، الأشخاص الذين لم يؤدوا عملهم بشكل جيد في الحكومة. نحن ننظر إلى الأشخاص كما تنظر الشركات إلى الموظفين. كما هو الحال عندما تشتري شركة، تذهب وتراجع أداء الأشخاص، وتقيّم كيف كانوا في عملهم. لديهم معايير لأداء العمل. نعم، نود التخلص من الأشخاص الذين لم يؤدوا عملهم بشكل جيد. وهناك الكثير منهم".

وقد كشف ذلك في وعوده بجعل "كل موظف في السلطة التنفيذية قابلا للفصل من قبل رئيس الولايات المتحدة" متى شاء، وإعادة الأمر التنفيذي لعام ٢٠٢٠ القاضي بتصنيف العديد من العاملين في الخدمة المدنية، الذين لا تخضع وظائفهم لأي حزبية وتتمتع بالحماية، باعتبارهم معينين سياسيا يمكن فصلهم أي وقت بحسب CNN.

ومع تعيين الملياردير إيلون ماسك لتولي وزارة مستحدثة هي "الكفاءة الحكومية"، كشف مالك موقع إكس عن صفات الموظف الذي يحتاجه في الوزارة، إذ عليه تحمل العمل أكثر من 80 ساعة أسبوعيا، أي 16 ساعة في اليوم، وبدون أي مقابل مادي، حسب ما ورد في منشور على منصة إكس.

وأشار إلى أن الوزارة تسعى لتقليص البيروقراطية الحكومية بمقدار الثلث وخفض نفقات الحكومة الأميركية بمقدار 2 تريليون دولار.

حينما دخل دونالد ترامب البيت الأبيض لأول مرة مطلع ٢٠١٧، عين جيف سيشنز، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري والقاضي السابق، كنائب عام، وجيم ماتيس، جنرال البحرية المتقاعد برتبة أربع نجوم، كوزير للدفاع، ودان كوتس، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري من ولاية إنديانا منذ فترة طويلة وسفير في ألمانيا، كمدير للمخابرات الوطنية.

في العام التالي، فصل ترامب سيشنز الذي عارضه وتنحى عن التحقيق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية وانتهى الأمر بإقالته، ليلحقه وزير الدفاع ماتيس في نهاية ٢٠١٨ بعد قرار سحب القوات الأميركية من سوريا.

أما كوتس فقد استقال من الوكالة التي تشرف على كل مجتمع الاستخبارات الأميركي بعد خلاف حول موقف ترامب التصالحي مع روسيا وكوريا الشمالية، ليعين مكانه جون راتكليف الذي سيدير المخابرات المركزية في الإدارة الجديدة، بحسب نيويورك تايمز.

من هذه التجارب، تعلم ترامب وعاد بعد ٨ سنوات بفهم أفضل بكثير لكيفية عمل السلطة في البيت الأبيض وإحساس أفضل بمن يثق به، ولذلك لم يستغرق وقتا طويلا في تعيين ٣ من مؤيديه في المناصب التالية:

تولسي غابرد- مديرة لوكالة الاستخبارات الوطنية

كانت ديمقراطية وأصبحت مؤيدة لترامب ومن منتقدي إدارة الرئيس الحالي جو بايدن وتركت الحزب الديمقراطي في 2022 لتصبح نائبة مستقلة.

مات غيتز- وزير العدل

موال لترامب وكان واجه ذات يوم تحقيقا في وزارة العدل بشأن الاتجار بالجنس انتهى بعدم توجيه اتهامات إليه، بحسب أسوشيتد برس.

واختار ترامب المحامي تود بلانش، الذي قاد الفريق القانوني الذي دافع عنه في محاكمته الجنائية، ليكون مساعدا لوزير العدل، كما رشح محامين آخرين في فريقه القانوني لمنصبين رفيعي المستوى في الوزارة.

كما رشح دي. جون ساور، الذي دافع بنجاح عنه خلال قضية حصانته الرئاسية أمام المحكمة العليا الأميركية، ليكون المحامي العام، ممثلا لإدارته أمام المحكمة العليا.

وزير الدفاع بيت هيغسيث

مذيع في فوكس نيوز ومدافع صريح عن ترامب، لكن تنقصه عقود من الخبرة الاستراتيجية لقيادة الجيش الأقوى في العالم، رغم تمتعه بسجل قتالي متميز.

ويعد هذا التشكيل خطيرا فيما يعده البعض "حكومة حرب" لشن ما يبدو أنه هجوم خطير على قيادة المؤسسة العسكرية ومجتمع الاستخبارات الأميركي بحسب ما يصف الكاتب ديفيد إغناتيوس في مقالته على واشنطن بوست.

شكل اختيار بيت هيغسيث وزيرا للدفاع صدمة بالنسبة للعسكريين الكبار السابقين والحاليين ممن عملوا في ولاية ترامب الأولى ومع بايدن أيضا.

ووصف أحدهم لمحلل شبكة سي إن إن، جيم سيوتو، القرار أنه "سخيف" فيما وصفه آخر أنه "كابوس فعلا"، وفي هذا الصدد يشير سيوتو إلى أن انتقادات هؤلاء القادة تنبع من رؤيتهم أن ترامب، من خلال هذا التعيين وغيره من التعيينات العليا في مجال الأمن القومي، يقوم بتشكيل فريق لتنفيذ تغييرات ضخمة ودائمة في سياسة الولايات المتحدة الخارجية.

وأشار الجنرال إلى أن العامل المشترك بين هذه التعيينات هو الولاء، وأضاف "قد نجد أنفسنا مع عقل واحد يتحكم في العديد من الأيدي. ولم أؤمن قط أن عقلا واحدا، أي عقل، يمكنه القيام بذلك بشكل أفضل من تنوع الآراء".

ويدرس ترامب مشروع أمر تنفيذي لإنشاء "مجلس محاربين" من ضباط عسكريين متقاعدين يملك سلطة مراجعة ضباط الجيش من الرتب العليا، خاصة الجنرالات، والتوصية بإقالة أي ضابط يُعتبر غير كفء للقيادة بحسب ما ذكرت وول ستريت جورنال. وحال موافقته فإنه سيعطي إشعارا لجميع ضباط القيادة العسكرية العليا بأن إدارته تنوي إجراء تغييرات جذرية في صفوف القادة العسكريين الذين لا يتمتعون بصفات القيادة المطلوبة.

وقد أثار ترامب خلال حملته الانتخابية، مسألة طرد من يصفهم بـ"الجنرالات التقدميين"، وعلى رأسهم الرئيس الحالي لهيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي سي.كيو براون، إضافة إلى التخوف من استخدام الجيش في عمليات طرد المهاجرين.

وكان براون إلى جانب قائدة البحرية ليزا فرانشيتي موضع هجوم خاص لهيغسيث في كتابه "الحرب على المحاربين" إذ وصفهم أنهم، تعيينات للتنوع، بحسب إغناتيوس.

ويرجح أن تستمر الاستراتيجية الدفاعية في التركيز على الصين، لكن كيفية انتهاء حربي الشرق الأوسط وأوكرانيا سيكون لها آثار على واشنطن، إضافة لتعهد ترامب باستخدام الجيش في عمليات الترحيل الجماعي قد لا يصرف الانتباه عن التهديدات الخطيرة في الخارج فحسب، بل يمكن أن يكون له تأثير مدمر على الجيش الأميركي وعلاقته مع الجمهور، بحسب ما ترى مارا كارلين مساعدة وزير الدفاع السابق والزميلة بمعهد بروكنغز.