نتنياهو يحرق كروت الحرب ويُبقي جوكر الرهائن

على الجبهة الشمالية، يسعى نتنياهو وقيادة الجيش لوقف إطلاق نار مع حزب الله خاصة أن إسرائيل تزعم أنها حققت ما تريده "إلى حد ما"، لكن هآرتس تقول إن الجيش الإسرائيلي لم يدمر حزب الله لدرجة تزيل خطره لسنوات قادمة. وعلى الرغم من ذلك فإن هدنة في الشمال ستصب في مصلحة نتنياهو، وذلك لعدة أسباب بحسب الصحيفة:

• وقف إطلاق النار في الشمال سيمكّن نتنياهو من تسريح قوات الاحتياط العاملة هناك. وهذا من شأنه أن يمكن نتنياهو من مواصلة الحرب في الجنوب دون اتفاق.

• سيستطيع نتنياهو الاعتماد على قوات التجنيد الإجباري في غزة، وهذا من شأنه تخفيف غضب الجبهة الداخلية.

• الجيش الإسرائيلي وصل بعملياته البرية إلى قرب نهر الليطاني، حسب زعم هآرتس، فيما وصلت عملياته الجوية إلى وادي البقاع وبيروت، وهذا من شأنه تحقيق مستوى مرتفع من الردع لحزب الله.

• الحاجة إلى مظهر من مظاهر النصر، وهذا أقرب في لبنان من غزة، بسبب الأهداف المختلفة المعلنة للحرب على الجبهتين.

• أولوية إنهاء الحرب في لبنان بالنسبة لدونالد ترامب، القادم للبيت الأبيض.

هذه أسباب تدفع نتنياهو وحكومته ليواصلوا المحادثات بشأن وقف إطلاق نار في لبنان، لكن هناك علامات وخطوات يتخذها طرفا الحرب قد تدل على اقتراب هدنة في المستقبل القريب، وهي:

• تقارير صحافية عدة تتحدث عن اقتراب وقف إطلاق النار مصادرها تل أبيب وبيروت وواشنطن، خاصة مع تصريحات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين عن "اقتراب الوصول إلى الهدنة" وأن "الاتفاق أصبح في متناول الأيدي".

• نتنياهو يدرس وقف إطلاق النار بشكل جدي، وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء.

• إيران نفسها معنية بالوصول إلى وقف لإطلاق النار في لبنان.

• يسرائيل كاتس وزير الدفاع الجديد في إسرائيل أعلن "الانتصار على حزب الله" في تلميح إلى تحقيق إسرائيل لأهدافها في الشمال.

لا يُظهر نتنياهو رغبة في هدنة بقطاع غزة، وتفسر صحيفة هآرتس هذا الرأي بالقول إن حماس أيضا لا تريد صفقة الآن، وحتى ترامب، صديق نتنياهو القادم لرئاسة الولايات المتحدة لا يضع وقف إطلاق النار في غزة على سلم أولوياته، على عكس اهتمامه بهدنة في لبنان.

يرى مراقبون أن "فشل إسرائيل في توقع وصدّ 7 أكتوبر سيدفع ثمنه نتنياهو فور الإعلان عن نهاية الحرب"، وهذا يزيد من مماطلة نتنياهو في حرب غزة، كي لا يقضي على مستقبله السياسي، حتى لو كان ذلك على حساب الرهائن وأرواحهم.

تقول السلطات الإسرائيلية إن أكثر من 60 رهينة لا تزال على قيد الحياة من أصل 250 شخصا تم اقتيادهم إلى غزة في 7 أكتوبر، وبحسب نيويورك تايمز، فإن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن جثث نحو 35 إسرائيليا لا تزال في القطاع.

سبب آخر يدفع نتنياهو للمماطلة هو مقتل 798 عسكريا إسرائيليا منذ 7 أكتوبر منهم 58 ضابطا على جبهة غزة فقط، وأهالي هؤلاء يحتاجون لـ"إجابات وافية" عن ظروف مقتل أبنائهم في القطاع، بحسب تايمز أوف إسرائيل.

على الجهة المقابلة، يحاول نتنياهو إظهار اهتمام للرأي العام بقضية الرهائن، فعرض 5 ملايين دولار لأي شخص يسلم رهينة لإسرائيل، مع توفير ممر آمن له للخروج من قطاع غزة. أما المؤسسة الأمنية في إسرائيل فتعتقد أن هذا لن يُجدي نفعا وأن "الرهائن لن يعودوا إلا إذا انتهت الحرب في غزة، والآن لا يوجد استعداد من جانب الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب"، حسب ما تنقل صحيفة يديعوت أحرونوت.

المحاولة الأخيرة لنتنياهو لإطالة أمد حرب غزة دون إغضاب أهالي الرهائن كانت في تسريب الوثائق من مكتبه، لكن الأمر تم اكتشافه، وانتقل الضغط على نتنياهو الذي يواجه اتهامات بتعمد استمرار الحرب.

أظهرت المعلومات التي أصدرتها محكمة الصلح في ريشون لتسيون في تل أبيب أن الدافع الواضح وراء تسريب وثيقة استخباراتية عسكرية سرية للغاية لصحيفة بيلد الألمانية في سبتمبر الماضي كان تخفيف الضغط العام والانتقادات ضد رئيس الحكومة.

تسريب الوثيقة إلى بيلد كان بهدف تغيير الخطاب العام حول مصير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في غزة، حسب ما قالت تايمز أوف إسرائيل التي أضافت، أن الوثيقة حرفت النقاش حول مصير الرهائن وألقت اللوم على زعيم حماس وقتها يحيى السنوار في تجميد مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، بينما كانت الحقيقة أن نتنياهو هو من يبدي تعنتا في مطالبه بخصوص إنهاء الحرب.