"الردع سقط".. هل أعلن نعيم قاسم "انهيار" شعار نصرالله؟

خلال خطابه، أدلى قاسم برسالتين عسكريتين، فقال إن حزب الله ما زال يشن العمليات عند الحافة الأمامية للجبهة في جنوب لبنان، وسط التوغل الإسرائيلي هناك، متحدّثا عن حصول عمليات تبديل للمقاتلين مع وجود عمليات لنقل الأسلحة.

الرسالة الأخرى في كلام قاسم جاءت في قوله إن "حزب الله" ليس جيشا، وقال "المقاومة لا تعمل على منع الجيش مِن التقدُّم. المقاومة تُقاتل الجيش حيث يتقدّم".. فما المقصود من الرسالتين الأولى والثانية؟ وما الدلالات من ورائهما؟

المحلل الاستراتيجي والخبير العسكري هشام جابر، يعلّق على الرسالة الأولى لـ"بلينكس"، قائلا إن "حزب الله لديه تكتيكات عسكرية، تسمح له بنقل الأسلحة والمقاتلين إلى الجبهة، وفق خطط مرسومة وموضوعة من قبله"، كاشفا عن أن غالبية عمليات التنقل للمقاتلين تجرى خلال ساعات الليل، باعتبار أن النهار مكشوف أمام طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، الموجودة في الأجواء اللبنانية بشكل مستمر.

جابر قال إن أنفاق حزب الله تلعب دورا استراتيجيا في القتال، كما أن هناك مناطق يمكن أن يصلح فيها استخدام الأنفاق لنقل المقاتلين، في حين أن هناك مناطق أخرى يلعب فيها الغطاء النباتي الدور الأكثر فعالية لانتقال العناصر.

أمَّا الرسالة الأخرى، فيتحدث المحلل اللبناني يوسف دياب، لـ"بلينكس"، مشيرا إلى أن قاسم بكلامه عن أن "المقاومة لا تمنع الجيش الإسرائيلي من التقدم"، يمثّل إعلانا لانتهاء وانهيار شعار "ردع إسرائيل" الذي رفعه حزب الله لسنوات، ويضيف "قبل اغتياله، كان أمين عام حزب الله السابق حسن نصرالله، يقول إن حزب الله لديه قدرة على ردع إسرائيل، لكن ما تبيّن هو العكس تماما، وكلام قاسم يناقض ما كان يقوله نصرالله".

وذكر دياب أن حزب الله كان يقول دائما إنه يستطيع منع إسرائيل من الدخول إلى لبنان، كما أنه يمنعها مِن فتح حربٍ بسبب "الرّدع" الذي يُمارسه، لكن الوقائع أثبتت العكس، وتابع "ما حصل هو أنّ قاسم غيَّر السردية الكاملة للحزب، والوقائع أعادت الأخير إلى حجمه، بعدما تغنّى بنفسه على أنّه جيش يُؤمِّن الحماية للبنان، في حين هو ليس كذلك".

اللافت في خطاب قاسم أنه تطرَّق إلى الكلام عن غزة في بداية حديثه، عبر الإشارة باختصارٍ إلى "جبهة الإسناد" التي فتحها مِن أجلها، ثم تطرّق إلى أمورٍ أخرى مرتبطة بجبهة لبنان.

عند هذه النقطة، يقول جابر في حديثه إن "حزب الله انتقل مِن مرحلة المساندة إلى أخرى جديدة، بعدما بدأت إسرائيل حربا على لبنان"، مشيرا إلى أن هناك آراء متباينة حول مدى فاعلية هذه المساندة، وأضاف: "مدّة المساندة انتهت، وبات الحزب أمام واقعٍ جديدٍ يجب أن يتعامل معه، بعدما وسّعت إسرائيل هجماتها على لبنان".

مِن ناحيته، يقول دياب إنّ إسناد غزة أدّى إلى تدمير لبنان، مشيرا إلى أن حزب الله دخل الحرب إلى جانب غزة لـ"رفع العتب عن نفسه"، وذلك من أجل تلبية شعارات كبيرة كان يرفعها، في حين تبيّن في الحقيقة أن تطبيقها غير ممكن.

واعتبر دياب أن لبنان هو الذي يحمل شعار "وحدة الساحات" الذي يمثّل "كذبة كبيرة"، مضيفا: "لو كان هذا الشّعار قابلا للتحقّق أصلا، لكنّا شهدنا في بداية حرب غزة يوم 7 أكتوبر 2023 دخول العراق واليمن وإيران على الجبهة بقوّة وبشكل مباشر وبهجمات كبرى، لكننا شهدنا عمليات لحزب الله عبر اقتحام إسرائيل بقوّة الرضوان التي تحدّث عنها، لكن كل ذلك لم يحصل".

ما قاله قاسم خلال خطابه عن الداخل اللبناني، ارتبط بحديثه عن أن حزب الله سيُسهم بشكل فعّال لانتخاب رئيس جديد للبنان مِن خلال مجلس النواب، كما أشار إلى أنّ الحزب سيكون حاضرا في الميدان السياسي بـ"قوّته التمثيلية والشعبية".

بالنسبة إلى جابر، فإنّ هذا الكلام طبيعي مِن قِبل قاسم، باعتبار أن "حزب الله هو مكوِّن أساسي في الدولة اللبنانية"، مشيرا إلى أن "إلغاء الحزب شعبيا وسياسيا، لا يمكن أن يتحقّق نهائيا، كما أن طرح هذا الأمر ليس منطقيا".

في المقابل، يقول دياب إن ما يتبيّن هو أنّ "حزب الله" يحاول القول إنه ما زال حاضرا في السياسة رغم الحرب، موضحا أن الأخير "يسعى للمهادنة بمسألة الدخول مجددا للمعترك السياسي، وذلك كي يستجمع قوّته العسكرية بعد المعركة الحالية".

وفق دياب، فإن الأمر المقلق هو أن يكون هدف هذه المهادنة هو إعادة فرض "حزب الله" سطوته على لبنان وعلى مفاصل الحياة السياسية بعد الحرب، وقال: "التجارب السّابقة مع حزب الله لم تكن مُشجّعة. في حال كان الحزب يريد أن يكون مكوّنا فاعلا تحت سقف الدستور اللبناني، فلا مانع، أمّا إذا كانت المهادنة الحالية توطئة لفرض الحزب شروطه على اللبنانيين، فإنّ ذلك يعني أن لبنان سيكون أمام مشكلة داخلية جديدة".