مافيا تثير أزمة برلمانية.. ما سر تهريب الذهب بمطار بغداد؟

عقب حادثة تهريب سبائك الذهب من المطار، أثارت النائبة في مجلس النواب العراقي عالية نصيف، الرأي العام بعدما كشفت عن وجود عمليات كبيرة لتهريب وغسيل الأموال تحدث من قبل تجار ذهب وسياسيين متنفذين.

نصيف قالت في تصريحات تلفزيونية إن هناك عمليات منظمة من قبل تجار ذهب وشبكات متنفذة يقومون من خلالها بشراء الذهب من خارج العراق عبر الدخول في مزاد العملة بالسعر الرسمي للدولار وهو 1320 دينارا للدولار الواحد، ثم إدخاله للعراق واستغلاله عبر طريقتين:

1. الأولى عن طريق صهره وتحويله إلى سبائك وتهريبه إلى دول أخرى للاستفادة من فارق العملة والسعر الكبير.
2. الأخرى هي بيعه مباشرة داخل البلد بسعر السوق الموازية، وهو 1500 دينار للدولار الواحد.

تقول البرلمانية إن هذا الأمر ساهم بأزمات عدة، منها بقاء سعر الدولار مرتفعا وارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير، إضافة للضرر الكبير في الاقتصاد العراقي، مشيرة إلى متنفذين ونواب معينين، تدور حولهم شبهات بارتباطهم بعمليات تهريب الذهب من المطار.

الهيئة العامة للجمارك في العراق، أعلنت يوم الأحد 17 نوفمبر عن إحباط عملية تهريب 13 سبيكة ذهبية بوزن 13700 غرام في مطار بغداد الدولي كانت مخبأة بطريقة احترافية لتهريبها خارج البلاد خلافاً للضوابط والتعليمات النافذة. لتعلن بعدها هيئة النزاهة الاتحادية فتح تحقيق في الحادثة، ومن ثم القبض على 4 أشخاص.

وكشفت مصادر أمنية في بغداد، عن أن الشخص الذي حاول تهريب 13 كيلوغراماً من الذهب من مطار بغداد الدولي هو موظف لدى شركة الخطوط الجوية العراقية، ويعمل في الشركة بصفة معاون ربان طائرة، لكنه كان مسافراً على متنها، واستغل وظيفته لتسهيل مروره عبر نقاط التفتيش المختلفة داخل المطار.

وأضافت المصادر لبلينكس أن "المتهم بعملية تهريب الذهب كان ينوي السفر إلى تركيا عبر شركة الخطوط الجوية العراقية، وكانت عليه مؤشرات أمنية سابقة، دفعت إلى القبض عليه قبل صعوده إلى الطائرة في آخر نقطة تفتيش".

وبينت المصادر أن "المتهم مرتبط بشبكة تهريب عراقية لها ارتباطات داخلية وخارجية، كذلك هناك علاقة لهذه الشبكة بطرف سياسي عراقي، يعمل على إطلاق سراح المتهم الرئيسي، ويحاول منع إثارة الموضوع بشكل أكبر وبالتالي كشف تفاصيل أخطر عن الشبكة وحجم عمليات التهريب التي قامت بها طيلة الفترات السابقة".

عملية "التهريب" فتحت حرب تصريحات بين النائبة عالية نصيف، التي انشقت عن "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، وأصبحت مستقلة، وبين النائب حسن الخفاجي الذي ينتمي لـ"تحالف الأساس" المدعوم من مليشيات داخل الحشد الشعبي. فالأخير وعقب اتهامات عالية نصيف، خرج مكذبا ادعاءها وطالبها بإظهار الدليل، نافيا أي علاقة له بحادثة سبائك التهريب بالمطار.

لترد نصيف ببث مباشر عبر صفحتها على فيسبوك، واصفة تصريحات النائب بالدجل والبهتان.

وأظهرت نصيف وثائق تثبت مخاطبتها لهيئة النزاهة للجهات المعنية منذ يوليو الماضي، تطالبها بالتحقيق في تهريب أطنان من الذهب من قبل شبكات إجرامية بعضهم تجار وصاغة للذهب، عبر دخولهم في مزاد العملة وشراء الذهب ثم صهره وتهريبه كسبائك.

المختص في الشؤون الاقتصادية، ناصر الكناني يوضح لبلينكس "وجود طرق مختلفة لتهريب الذهب، ولهذا كانت هناك إجراءات أمنية ورقابية مشددة على مختلف المنافذ البرية والجوية وحتى البحرية".

وأضاف أن "استمرار عمليات تهريب الذهب، قد يدفع إلى عقوبات دولية مختلفة من الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، بسبب تأثير عمليات التهريب الواسعة في سوق الذهب العالمي، ولهذا كان هناك توجه حكومي لتأسيس منصة حكومية مختصة باستيراد الذهب، حتى تكون العمليات تحت المراقبة والمتابعة".

لجنة الصناعة والتجارة والاقتصاد النيابية، كشفت عن وجود شبكة وصفتها بـ"الخطيرة" تقف وراء عمليات تهريب الذهب من العراق، وهو ما قد يعرّض العراق لعقوبات دولية بسبب التأثير في سوق الذهب في العالم.

وقال نائب رئيس اللجنة ياسر الحسيني، في بيان إن "عمليات تهريب الذهب ليست وليدة اليوم، بل هي تجري منذ فترة طويلة جداً، وهناك شبكة خطيرة وكبيرة متورطة بتلك العمليات، وهذه الشبكة لديها ارتباطات بجهات داخلية وحتى خارجية".

وأوضح الحسيني أن "إحباط عملية تهريب الذهب مؤخرًا في مطار بغداد، كشف بعض خيوط تلك الشبكة، وهذا ما ولَّد ضغطًا سياسيًا من أجل إخفاء الحقائق ومحاولة تزييف التحقيقات".

وأضاف أن "عمليات تهريب الذهب بهذا الشكل الكبير، ستؤدي إلى تداعيات خطيرة على الداخل العراقي، سواء على وضعه الاقتصادي، أو سمعته أمام المجتمع الدولي، وهذا قد يدفع بعض القيود في تعاملات الذهب الدولية تجاه العراق، والأمر أكيد محل متابعة وحذر من قبل الجهات الحكومية العراقية المختصة".

ويصف الخبير الاقتصادي سرمد الشمري عمليات تهريب الذهب، بأنها "من أخطر التحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي، حيث تؤدي إلى استنزاف الثروة الوطنية، وفقدان جزء كبير من الاحتياطي المالي الذي يمكن أن يُستخدم لدعم العملة الوطنية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي".

وقال الشمري لبلينكس إن "أضرار هذه العمليات لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل تؤثر أيضًا في سمعة العراق في الأسواق الدولية، ما يضعف ثقة المستثمرين الأجانب ويحدّ من فرص الاستثمار في البلاد"، مشيرًا إلى أنها "ترفع الطلب على الدولار، ما يتسبب في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية".