إسرائيل تحارب صحافتها.. خنق "هآرتس" والدور على "كان"

اقتراح قدمه وزير الاتصالات شلومو كرحي ووافق عليه مجلس الوزراء، وهو: "امتناع أي هيئة تمولها الحكومة عن التواصل مع صحيفة هآرتس أو وضع إعلانات فيها".

وفقا لتفسيره، فإن القرار هو رد فعل على "العديد من تقارير الصحيفة اليسارية التي أضرت بشرعية إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، خاصة التصريحات التي أدلى بها ناشر الصحيفة عاموس شوكن في لندن والتي تدعم الإرهاب وتدعو إلى فرض عقوبات على الحكومة"، حسب ما نقلت هآرتس عما دار داخل الاجتماع.

مشكلة الحكومة مع هآرتس تصاعدت بعد خطاب ألقاه ناشر الصحيفة عاموس شوكن في مؤتمر هآرتس في لندن في 29 أكتوبر الماضي. في افتتاحية المؤتمر قال شوكن: "إن حكومة نتنياهو لا تهتم بفرض نظام فصل عنصري قاس على السكان الفلسطينيين. إنها تتجاهل التكاليف التي يتحملها الجانبان للدفاع عن المستوطنات في حين تقاتل مقاتلي الحرية الفلسطينيين، الذين تسميهم إسرائيل إرهابيين".

ما أثار غضب هآرتس والقائمين عليها، أن الاقتراح الذي "يؤذيها ماديا" وتمت الموافقة عليه، لم يظهر على جدول أعمال الحكومة الذي تم نشره قبل اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي، ولم يطلع مكتب النائب العام على الاقتراح، ولم يقدم رأيه كما جرت العادة، حيث لم يكن على علم بنية طرح الاقتراح للتصويت حين عرض القرار على الوزراء أثناء المناقشة دون أي رأي قانوني.

وردت هآرتس على قرار الحكومة بالبيان التالي: "إن القرار الانتهازي بالمقاطعة، والذي تم تمريره في اجتماع الحكومة دون أي مراجعة قانونية، هو خطوة أخرى في رحلة نتنياهو لتفكيك الديمقراطية الإسرائيلية، وإسكات صحيفة مستقلة ناقدة. لن تتراجع هآرتس ولن تتحول إلى كتيب حكومي ينشر رسائل وافقت عليها الحكومة وزعيمها".

وزير الاتصالات شلومو كرحي وعضوة الكنيست تالي جوتليف طرحا مشروع قانون في ذات الجلسة التي اتخذ فيها القرار ضد هآرتس، لخصخصة هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان".

لكن ماذا يعني خصخصة "كان"؟

إذا تم إقرار مشروع القانون، فسيتعين على مجلس إدارة هيئة البث العام الإسرائيلية تقديم قائمة بأصول الهيئة إلى وزير الاتصالات ووزير المالية، حسب ما نقلت جيروزاليم بوست. هذا يعني إنهاء التمويل العام لـ"كان" ونقل مسؤولية تشغيل برامجها التلفزيونية والإذاعية إلى مالكين من القطاع الخاص في غضون عامين من إقرار القانون.

والقرارات التي سيتم اتخاذها على مدار عامين ستكون كالتالي:

• في غضون عام إقرار القانون، ستنشر السلطة الثانية للتلفزيون والإذاعة في إسرائيل مناقصة لبيع "كان".

• بعد سنة ونصف السنة، أي بعد 6 أشهر من نشر المناقصة ستعلن السلطة الثانية للتلفزيون والإذاعة قرارها بشأن الفائز بالمناقصة.

• إذا لم يتم اختيار فائز بالمناقصة، فإن "كان" ستتوقف عن البث في غضون عامين من سريان هذا القانون.

الوزير كرحي يعترض على المال الذي تخصصه الحكومة لهيئة البث مقابل المحتوى الذي يعتبره "مروعا" لإسرائيل. في هذا السياق يقول الوزير: "تحت حماية النائب العام ومحكمة العدل العليا، تعمل هيئة البث بدون مجلس للإشراف على إهدار المال العام وهذا المحتوى المروع مع الأخبار المتحيزة والعبثية".

مشروع "قانون كرحي" جاء في نصه أن ميزانية هيئة البث الإسرائيلية التي تدفعها الحكومة "تبلغ 800 مليون شيكل. وهذا مبلغ مرتفع للغاية، وحتى أولئك الذين يؤمنون بأهمية البث العام متفاجئون من حجمه". ويرى كرحي أن "البث العام لم يعد ضروريا من أجل تقديم استجابة للتعددية الثقافية الموجودة في إسرائيل" حسب تقرير لتايمز أوف إسرائيل.

وزير الاتصالات يسعى بكل الوسائل القانونية لزيادة الدعم الحكومي للقناة 14، دون أي قيود على بعض محتوياتها، وهذا ما يفسر سعيه لخصخصة هيئة البث، لأن هذا من شأنه أن يزيد فرصة الدعم للقناة 14 "التي تميل لليمين بتغطيتها للحرب على جبهتي لبنان وغزة".

القناة 14 التي وصفتها صحيفة الغارديان بـ"القومية المتطرفة المدعومة من الحكومة" تتحول بسرعة إلى المصدر الإخباري الأكثر مشاهدة في إسرائيل ونتنياهو يؤيدها، على الرغم من قول اليساريين في إسرائيل بأنها تحرض على جرائم حرب.

حسب تقرير سابق للغارديان، تفوقت القناة 14 على مصدر الأخبار الرئيسي في إسرائيل الذي كانت تحتكره القناة 12، في تقييمات المشاهدين، خاصة برنامج Patriots المعروف بخطابه العنيف حول غزة. يقول محللون إعلاميون للغارديان إن صعود القناة 14 هو علامة على تحول الرأي العام الإسرائيلي إلى أقصى اليمين الذي تسارع بسرعة منذ بدء حرب غزة قبل عام.

أيالا بانيفسكي، زميلة الرئاسة في قسم الصحافة في جامعة سيتي سانت جورج في لندن تقول: "الإسرائيليون يستهلكون الكثير من الأخبار من خلال القنوات التلفزيونية الكبرى مثل القناتين 12 و13، وبعدهما تأتي هيئة البث، لكن القناة 14 لم تكن في لعبة الأوائل حتى وقت قريب جدا".

وترى بانيفسكي أن الحرب "ساعدت هذه القناة على استغلال تأثير القومية لكسب المزيد من الدعم".