"عون" جديد لرئاسة لبنان.. ما دلالات جلسة 9 يناير؟

في بيان له، الخميس 28 نوفمبر، دعا الاتحاد الأوروبي لبنان إلى انتخاب رئيس جديد، والأمر نفسه أكدته فرنسا وأميركا مرارا عبر مواقف عدة سابقة أطلقها مسؤولون من البلدين.

النائب في البرلمان اللبناني، أيوب حميّد، قال لبلينكس إن هناك دعوة دولية للبنان لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن الرئيس العتيد لا يجب أن يكون صداميا، بل جامعا للبنانيين كما أنه لا يجب أن يشكل تحديا لأحد، وأضاف "بري كان واضحا في هذا الأمر خلال كلمته التي ألقاها أمام اللبنانيين يوم 26 نوفمبر الجاري عقب وقف إطلاق النار، وقال إنه على اللبنانيين الإتيان برئيس وإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية".

من ناحيته، يقول المحلل السياسي اللبناني، إبراهيم بيرم، لبلينكس إن الدول الغربية تطالب برئيس جديد وهذا الأمر بات ملحا في الوقت الحاضر، وأضاف "ما يتبين هو أن جزئية انتخاب الرئيس هي أساسية في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية، فيما يظهر أيضا وجود نية داخلية للاتجاه نحو إنجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت ممكن لأن البلاد لا تتحمل فراغا أكثر من ذلك".

مع هذا، فقد طرحت إمكانية فرض عقوبات دولية على لبنان إن لم ينتخب رئيسا. عن هذه النقطة، يقول حميّد إن "لبنان يواجه عقوبات فعلية منذ سنوات وهذا الأمر لم ينتهِ".

أما بيرم، فيشيرُ إلى أن "مسألة العقوبات لم تُطرح"، موضحا أنه ما من طرف تحدث عن هذا الأمر في الوقت الراهن، وقال "الضغط الدولي لا يعني بالضرورة الوصول إلى فرض عقوبات، وفي الأساس فإن الرسائل الغربية والعربية لانتخاب رئيس ليست جديدة وهي متكررة ومتجددة دائما".

من ناحيته، يقول المحلل السياسي، سيمون أبو فاضل، لبلينكس، إن هناك طلبا دوليا لانتخاب رئيس لأن هذا الأمر مطلوب، ويضيف "الخارج يريد رئيسا للجمهورية مع تركيبة كاملة تُجدد واقع البلد والأساس في ذلك تشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات لديها بيان وزاري جديد يحدد موقع لبنان ويساهم في إعادة إنهاض الدولة".

وأكمل "أيضا، فإن وجود رئيس جديد هو أمر مهم في ظل التبدلات التي تشهدها المنطقة وتزامنا مع إدارة أميركية جديدة. هناك ملفات ساخنة مطروحة مثل التطبيع في المنطقة وحل الدولتين في فلسطين، ولبنان لن يكون بمنأى عن هذه الملفات، ولهذا السبب فإن وجود رئيس هو أمر أساسي".

المدة المتبقية من الآن ولغاية 9 يناير 2025 تتجاوز الشهر، ويقول بيرم إنها فترة مفصلية وحاسمة تستدعي تحرك القوى السياسيّة نحو إجراء مناقشات ومشاورات في ما بينها.

وفق بيرم، فإنّ "جميع الأحزاب السياسية في لبنان باتت أمام مسؤولية كبرى للوصول إلى انتخاب رئيس"، مشيرا إلى أن هذا الأمر يرسي استقرارا سياسيا وما من مصلحة لأحد بعرقلة حصول هذا الاستقرار الذي يعتبر مطلبا دوليا وداخليا على حد سواء.

أما النائب حميد، فيقول لبلينكس إن بري يؤيد الحوار بين مختلف الأطراف، وقال "قبل الشغور وبعده، كان بري يدعو القوى السياسية للتفاهم والتوافق على رئيس.. هناك من رفض تلك الدعوة، وهذا الأمر معروف. أما الآن، فإن المطلوب من الجميع التلاقي للوصول إلى رئيس، والانتخاب يجب أن يحصل اليوم قبل الغد".

مع كل ذلك، فإن التساؤل الأساسي الذي يبرز هنا: هل تم التوافق على اسم للرئاسة حقا؟ بيرم يقول إنه لا إشارات توحي بذلك حتى الآن، مشيرا إلى أنّ الفترة الحالية قد تقود إلى "تقارب" في حين أن سيناريو فشل الانتخاب يمكن أن يحصل أيضا.

من ناحيته، يتوافق أبو فاضل مع ما قاله بيرم، فيقول إنه لا شيء يوحي بالتوافق حول أسماء معينة، معتبرا أن دعوة بري لانتخاب رئيس لا تشكل تحديا لأحد، هي كلام مكرر ويهدف الأخير من ورائه للقول إنه ليس طرفا في هذا الملف.

أما حميد، فيكشف عبر بلينكس أنّ كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري لم تتنازل عن ترشيح رئيس تيار "المردة" اللبناني سليمان فرنجية للرئاسة، مشيرا إلى أنه ما من دولة طرحت اسما للرئاسة على اللبنانيين، وأضاف "حاليا هناك سلة من الأسماء، ورسالة الدول لنا واضحة وهي أنه علينا الاتفاق على شخصية وانتخابها والجميع سيرحب بذلك".

خلال الجلسة البرلمانية التي أعلن فيها بري تحديد الموعد لانتخاب الرئيس، جرى تمديد ولاية قائد الجيش جوزيف عون وقادة أمنيين آخرين مدة عام واحد.

وكما تمت الإشارة، فإن عون من أبرز المرشحين للرئاسة، إلا أن مسألة تمديد ولايته طرحت فرضية إمكانية استبعاده عن السباق الرئاسي.. فإلى أي مدى هذا الأمر واقعي؟

في حديثه عبر بلينكس، يقول حميد إن التمديد لقائد الجيش لا علاقة له باستحقاق الرئاسة، ويضيف "تمديد ولاية عون أساسه تأمين استمرارية المؤسسات وعدم حصول شغور فيها خاصة في ظل المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان وتحديدا بعد الحرب الأخيرة التي عاشها".

من ناحيته، يقول بيرم إن "التمديد لعون يوحي بأنه تم استبعاده عن الخط الرئاسي"، مشيرا إلى أن الإتيان بالأخير للرئاسة يحتاج إلى تسوية برلمانية ودستورية وهذا الأمر صعب حاليا، وتابع "في العام 2008، انتُخب قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان رئيسا للجمهورية بعد احتقان كبير شهده لبنان. الظروف آنذاك فرضت إنجاز تعديل أتى بسليمان إلى الرئاسة الأولى، وقد سبق هذا الأمر توافق داخلي فيما كان هناك ضغط دولي وعربي باتجاهه".

وأكمل "أما على صعيد عون، فإنّ الأمور مختلفة، فهناك أطراف عدة تعارض وصوله إلى الرئاسة مثل التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل وكتل أخرى. هنا، فإن ما يتبين هو أن الظروف التي توافرت لسليمان آنذاك ليس متوافرة لعون الآن إلا إذا حصلت تبدلات جوهرية فرضت أمورا أخرى".

ما قاله حميّد وبيرم يؤيده أبو فاضل، فيقول إن "ملف التمديد لعون منفصل عن ملف الرئاسة"، لكنه قال إنه "ليس واضحا حتى الآن ما إذا كان هناك إجماع على اسم عون لتولي الرئاسة"، وتابع "عون موضع ثقة كقائد جيش لكن في الوقت نفسه هناك جهات تؤيد انتخابه رئيسا وأخرى تعارض ذلك".

قائد الجيش اللبناني، جوزيف عون، الذي يتمّ التداول باسمه كمرشّح محتمل لرئاسة الجمهورية اللبنانية يتولّى الجمعة مسؤولية تنفيذ مهمة صعبة محاطة بالمخاطر عقب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله الذي ينصّ على نشر قوات الجيش في جنوب البلاد ومراقبة سحب سلاح حزب الله.

كان يفترض أن يتقاعد عون، 60 عاما، في يناير بعد أن تولى قيادة الجيش منذ العام 2017. ولكن مُدّد له مرتين، كان آخرها، الخميس، بسبب سلسلة الأزمات السياسية والأمنية التي يشهدها لبنان منذ سنوات، ولتجنّب فراغ في السلطة العسكرية.

ويحظى الجيش إجمالا في لبنان بالاحترام على نطاق واسع، ويحافظ على وحدته منذ انتهاء الحرب الأهلية، 1975-1990، في بلد يعاني انقسامات سياسية وطائفية.

وبدأ الجيش الذي يضم نحو 80 ألف جندي لبناني، تعزيز انتشاره في جنوب لبنان كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار.

يقول الخبير في العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف في بيروت كريم بيطار "يتمتع عون بسمعة طيبة من حيث النزاهة الشخصية".

ويضيف لوكالة فرانس برس "داخل الجيش اللبناني، يُنظر إليه على أنه شخص ملتزم بالمصلحة الوطنية. كان يحاول تعزيز هذه المؤسسة، وهي آخر مؤسسة غير طائفية لا تزال ثابتة في البلاد".

ويتمتع عون بعلاقات جيدة مع مجموعات سياسية مختلفة الولاءات، بما فيها حزب الله، وكذلك مع دول أجنبية.

ويقول الباحث مهند الحاج علي، من مركز كارنيغي للشرق الأوسط "بحكم قيادته القوات المسلحة اللبنانية المدعومة من الولايات المتحدة، فإن له علاقات جيدة مع الولايات المتحدة".