مطار ناشط وسياحة مضطربة.. هل ستُحيي الهدنة "أعياد لبنان"؟

قال رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق، بيار الأشقر، لبلينكس إن وقف إطلاق النار ساعد كثيرا على استعادة قطاع السياحة أنفاسه بعد ركود دام لأكثر من عام، كاشفا أن الحرب أسفرت عن خسارة قطاع السياحة في لبنان مئات ملايين الدولارات وذلك منذ أن توترت الأوضاع يوم 8 أكتوبر 2023.

وكشف الأشقر أن حجوزات الفنادق في لبنان تراجعت جدا خلال الحرب، وقال إنه بين 8 أكتوبر 2023 و 23 سبتمبر 2024 تاريخ توسيع دائرة الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل، كانت الحجوزات مُتراجعة بنسبة 60%، أما بعد بدء الحرب الواسعة فالحجوزات تراجعت إلى 95%.

من ناحيتها، تقول هلا دغمان، وهي عاملة في إحدى فنادق العاصمة اللبنانية بيروت، إنَّ القلق سيطر على أوساط القطاع والعاملين فيه بسبب الحرب، مشيرة إلى أن هناك فنادق استقبلت نسبة قليلة من النازحين.

وفي حديث مع بلينكس، لفتت دغمان إلى أنّ الأمل كبير بأن تعود الحركة إلى قطاع الفنادق خاصة مع حلول فترة الأعياد، موضحة أن الحجوزات قد تشهد نقلة نوعية قريبا بعد الحرب وهذا ما ينتظره القطاع بفارغ الصبر.

في المقابل، تبين أيضا أن قطاع تأجير السيارات للسياح قد مُني بخسائر جمّة، وأوضح جيرار زوين نائب رئيس نقابة مكاتب تأجير السيارات في حديث لبلينكس إن الخسارة كانت كبيرة على القطاع بسبب الحرب، وأضاف: "هناك أضرار مباشرة وغير مباشرة ضمن القطاع، وننتظر موسم الأعياد لكي نستعيد نشاطنا".

وتابع "قبل الحرب، كان لدينا 340 شركة لتأجير السيارات، أما الآن فقد انخفض عددها إلى 120 شركة، علما أنه كان لدى كل شركة من هذه الشركات 50 سيارة بالحد الأدنى".

وأكمل "كان لدينا 23 ألف سيارة للإيجار قبل الحرب، وبعدها انخفض العدد إلى 13 ألف سيارة ومن ثم إلى 7 آلاف والآن لدينا نحو 8 آلاف مركبة.. كل ذلك، يشير إلى أن الخسائر ضخمة وليست سهلة ولكننا سنستعيد قوتنا قريبا ونأمل أن نشهد استقرارا طويل الأمد".

طيلة فترة الحرب، لاسيما خلال اشتدادها بعد 23 سبتمبر الماضي، ظلّ مطار رفيق الحريري الدولي يعمل بشكل طبيعي، فيما أبقت الخطوط الجوية اللبنانية رحلاتها من وإلى لبنان قائمة رغم التوتر.

ولمرات عدة، تعرض محيط المطار لقصف إسرائيلي لاسيما في منطقتي المريجة والأوزاعي، لكن حركة الطائرات ظلت على حالها ولم تتوقف.

مدير مطار رفيق الحريري الدولي، فادي الحسن، قال لبلينكس إن المطار لم يتعرّض لأضرار مادية جراء القصف، مشيرا إلى أن المرفق الجوي على أتم الجاهزية لاستقبال السياح والوافدين والمغتربين.

إلى ذلك، حصلت بلينكس على أرقام توثق الحركة اليومية للطائرات والركاب في مطار بيروت قبل يومين من إعلان وقف إطلاق النار الذي حصل فجر يوم 27 نوفمبر الماضي، بالإضافة إلى أرقام توثق حركة المسافرين في يوم الهدنة وفي النهار الذي يليه.

ويوم 25 نوفمبر، وصلت إلى مطار بيروت 19 رحلة فيما انطلقت 19 رحلة أخرى.

ووفقا للأرقام، فإن المطار شهد وصول 1939 مسافرا مقابل مغادرة 2475 شخصا خلال اليوم عينه.

أما يوم 26 نوفمبر، وهو اليوم الأخير قبل وقف إطلاق النار، فشهد وصول 21 رحلة فيما أقلعت من المطار 21 رحلة أخرى. هنا، الأرقام تكشف أن عدد الوافدين وصل إلى 2096 بينما المغادرين كان عددهم 2518.

ويوم وقف إطلاق النار، 27 نوفمبر، ارتفع عدد الوافدين إلى بيروت، فبلغ عددهم 2531 بينما انخفض عدد المغادرين ليصل إلى 1969 وذلك خلال 22 رحلة وصول و22 رحلة إقلاع.

وبعد يوم واحد فقط من بدء الهدنة، أي 28 نوفمبر، ارتفع عدد الوافدين إلى بيروت ليسجل 3743 شخصا بينما غادر 2304 أشخاص وذلك ضمن 26 رحلة وصول مقابل 25 رحلة إقلاع.

ماذا عن مكاتب السفر؟

يقول نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة، جان عبود، لبلينكس إن عرض تذاكر السفر خفيف جدا، لكنه أشار إلى أنه منذ الآن ولغاية 10 أيام، فإن هناك شركات طيران عدة ستُعيد فتح رحلات من وإلى بيروت.

وأوضح عبود أن الركود أصاب قطاع السفر والطيران في لبنان خلال فترة الحرب، مشيرا إلى أن القطاع تراجع بنسبة 85% بعد أكتوبر 2023، وقال "قبل الشهر المذكور، كان القطاع يبيع تذاكر يوميا بقيمة 2.5 مليون دولار، أما الآن فإن نسبة المبيعات لا تتجاوز الـ800 ألف دولار يوميا".

أما على صعيد أسعار بطاقات السفر، فتقول موظفة في مكتب للسفر في لبنان لبلينكس إن أسعار تذاكر القدوم إلى لبنان على متن الخطوط الجوية اللبنانية، أعلى بكثير من تذاكر المغادرة، مشيرة إلى أن تكلفة الرحلة من فرنسا إلى بيروت لا تقل عن 700 دولار، في حين أن هناك رحلات مقفلة ولا مقاعد متوافرة.

إثر وقف إطلاق النار، بدأت الإعلانات لحفلات مناسبة رأس السنة تبرز بقوة.

فنانون مثل نادر الأتات، صبحي توفيق، ناجي الأسطا وغيرهم، يستعدون للقاء الجماهير خلال حفلات سيقومونها ليلة رأس السنة.

السيد علي الأتات، مدير أعمال الفنان نادر الأتات، قال لبلينكس إن الأخير يستعد لإحياء حفلين خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن لبنان سيبقى بلد الفن والسلام مهما اشتدت الحروب.

من ناحيته، يقول المستشار الإعلامي لحفلات فنية في لبنان محمد بُرجي لبلينكس إن الأمل كبير بموسم الأعياد الذي سيكون عامرا بالحفلات رغم ويلات الحرب، ويضيف "اللبناني متمسك جدا بثقافة الحياة، وهناك فنانون يعدون العدة لملاقاة جمهورهم قريبا، وستبقى بيروت عاصمة الفن والغناء".

وبالتوازي مع حفلات رأس السنة، تعمل مناطق لبنانية على الاستعداد لأجواء عيد الميلاد. فعلى عكس مدينة بيروت التي لم تتحضر حتى الآن لإحياء "الميلاد"، تعمل مدينة جبيل- شمال لبنان، التي استقبلت أعدادا كبيرة من نازحي جنوب لبنان جراء الحرب، على التحضير لإقامة شجرة ميلادية.

يقول وسام زعرور، رئيس بلدية جبيل، لبلينكس إن الشجرة الميلادية هذا العام ستحاكي عودة لبنان ونهضته بعد الحرب، مشيرا إلى أنه ستكون هناك أنشطة عدة في المدينة احتفالا بـ"الميلاد"، وقال "متمسكون بالحياة وسنعيد بناء لبنان أجمل مما كان مهما اشتدت المصاعب".

في المقابل، تبدو أجواء عيد الميلاد في بلدة القليعة جنوب لبنان خجولة نوعا ما وقد لا يتم تشييد زينة ميلادية كما كان يجري كل عام.

المنطقة هذه تعتبر مهددة من قبل إسرائيل ويحظر على المواطنين التنقل فيها بين الـ5 مساء وحتى الـ7 صباحا، وذلك استنادا للتهديدات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي مؤخرا لأكثر من 60 بلدة لبنانية وتحديدا بعد سريان الهدنة في 27 نوفمبر الماضي.

السيدة إليانا ديب تقول لبلينكس إنها ستمضي عيد الميلاد مع أطفالها في المنزل، مشيرة إلى أن الأوضاع الاقتصادية سيئة بسبب الحرب التي عصفت بالمنطقة الحدودية، وأضافت "لقد تضررت كل مصالحنا في المنطقة بسبب الحرب والأحوال المعيشية متردية، وسنقضي عيد الميلاد بالموجود. كان لدي متجر صغير وأقفلته لأن الحركة شبه معدومة في المنطقة. ما نعيشه صعب جدا ونتمنى أن نلقى الفرج قريبا".

بدورها، تقول مايا جرجس، القاطنة في منطقة الشياح- بيروت، إنّ "عيد الميلاد هذا العام سيحل بصعوبة عليها وعلى عائلتها"، مشيرة إلى أنها تكبدت عناء النزوح من المنطقة بسبب القصف الذي طال الضاحية الجنوبية مرارا وتكرارا، وتضيف "نمر الآن بضائقة اقتصادية، فقد دفعنا أموالا كثيرة لقاء النزوح، وها نحن نعود إلى منزلنا لننفض غبار الحرب. صحيح أنه لم يتدمر لكنه تضرر وعلينا تكاليف باهظة".