تهدم غزة لتحصين جنودها.. إسرائيل تعيد تشكيل القطاع

أهوال مشاهد المباني المهدمة في غزة لا ترى بالعين المجردة فحسب، بل يمكن ملاحظتها من صور الأقمار الصناعية. نيويورك تايمز، اعتمدت على هذه الصور في تقريرها بالإضافة لشهادات وتحليلات إسرائيلية، وخلص تقريرها إلى أن خطة إسرائيل تتكون من 4 محاور:

إنشاء منطقة عازلة واسعة وهدم المباني

• هدم الجيش الإسرائيلي من أجل هذا الغرض أكثر من 600 مبنى بين سبتمبر ونوفمبر فقط، بما في ذلك المنازل والأراضي الزراعية، لتوسيع المنطقة العازلة تحت محافظة غزة وهي "محور نتساريم"، وأصبح المحور يمتد لمسافة 6 كيلومترات من الشمال إلى الجنوب وعرضه من أول قطاع غزة شرقا حتى البحر غربا وأصبح يفصل شمال القطاع عن جنوبه تماما.

• العقيد ناداف شوشاني، المتحدث باسم الجيش، يصف هذه الإجراءات بأنها "لأسباب عملياتية"، قائلا إن بعض المباني هُدمت لأنها كانت تُستخدم من قبل مقاتلي حماس كمواقع مراقبة وأماكن للاختباء.

تعزيز البنية التحتية العسكرية

• في 3 أشهر فقط أنشأ الجيش الإسرائيلي شبكة من القواعد العسكرية، تضم بناء أو توسيع 19 قاعدة عسكرية مع استحداث عشرات القواعد الصغيرة لأماكن تمركز الجنود. توسعت بعض القواعد بـ"شكل كبير" منذ سبتمبر، على حد وصف الصحيفة، وشملت أبراج الاتصالات، نقاط التفتيش، ثكنات الجنود، وتحصينات دفاعية مثل الخنادق والتلال.

• وفقا للعقيد شوشاني، فإن حجم التوسع يشير إلى استعداد إسرائيل للبقاء لفترة طويلة. وقال وزير الحكومة الإسرائيلية آفي ديختر إن "إسرائيل ستبقى في غزة لفترة طويلة".

إعادة تشكيل الجغرافيا والمجتمعات المحلية

• أدى هدم المباني وإزالة الأحياء الفلسطينية إلى تغيير جذري في الجغرافيا المحلية. قرية المغراقة مثلا، التي كان يسكنها أكثر من 10 آلاف فلسطيني، دُمّرت بالكامل. ويقول بشير أبو كميل، أحد سكان القرية الذين نزحوا جنوبا، بأن السكان لم يعودوا يجرؤون على الاقتراب من المنطقة بسبب التوسع العسكري الإسرائيلي، قائلا: "لم يبقَ سوى الدمار".

إشارات إلى سيطرة طويلة الأمد

• على الرغم من تصريحات الجيش بأن التوسعات تأتي "لأسباب عملياتية"، يرى محللون عسكريون إسرائيليون أن هذا التحرك يعكس تحولا في استراتيجية إسرائيل، حيث "الانسحاب والانفصال لم يعد خيارا" وفقا للجنرال المتقاعد أمير أفيفي.

• نتنياهو خلال زيارته لمحور نتساريم في 19 نوفمبر أشار إلى أن الهدف الرئيسي من هذا التوسع هو منع عودة حماس إلى السلطة. ورصفت إسرائيل ممر نتساريم وحصّنته بشكل كبير، وفقا للصحيفة الأميركية، مما يمنح القوات الإسرائيلية سيطرة استراتيجية على الحركة داخل القطاع.

• من ناحية أخرى، عارضت إدارة بايدن السيطرة الإسرائيلية طويلة الأمد، بينما دعا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب قبل تسلمه السلطة في الولايات المتحدة، وقال إن حماس يجب أن تسلم الرهائن فورا.

ما ورد في تقرير نيويورك تايمز، يحتاج إلى عين من الأرض تؤكده، والفلسطينيون في غزة لا يستطيعون الوصول للمحاور الإسرائيلية الممتدة على طول القطاع.

التأكيد على معلومات نيويورك تايمز جاء على لسان الجندي "المجهول" الذي كتب مقالا في هآرتس، وهذا ما قاله عن المحاور الـ4 للخطة الإسرائيلية التي أوردتها نيويورك تايمز:

إنشاء منطقة عازلة واسعة وهدم المباني

• يؤكد الجندي أن الدمار واسع النطاق ولا يمكن مسحه، قائلا: "كلما اقتربت من الطرق اللوجستية، مثل نتساريم وكيسوفيم، تجد أن عدد المباني القائمة أقل والدمار أكبر وهائل". ويضيف الجندي: "الدمار في غزة شهادة على وحشية، مهما حاولت إسرائيل إخفاءها، فإنها ستبقى لعقود".

تعزيز البنية التحتية العسكرية

• يشير الجندي إلى إنشاء قواعد عسكرية كبيرة، موضحا أن الطرق مثل نتساريم حُصنت بشكل مكثف، وقال: "التحصينات على طول الطريق ليست لضمان سيطرة مدنية، بل لتوفير الأمن للجنود المنهكين، لفترة طويلة".

إعادة تشكيل الجغرافيا والمجتمعات المحلية

• يتحدث الجندي عن تغيير جذري في المشهد العام لغزة، قائلا: "ليس هناك الكثير ليقال عن الدمار إنه في كل مكان. أكوام من الحجارة والخرسانة الممتدة حتى البحر".

• يصف الجندي أيضا معاناة المدنيين الذين نزحوا من منازلهم بقوله: "شاهدت أمهات مع أطفالهن يسيرون بصعوبة، يحملون حقائب مليئة ببقايا الطعام والملابس، أي مستقبل يقدمه العالم لهم؟".

إشارات إلى سيطرة طويلة الأمد

• يرى الجندي في مقاله بصحيفة هآرتس أن الجيش الإسرائيلي يعمل بدون رؤية واضحة لإنهاء الصراع. وفي هذا السياق، يقول: “من غرفة التحكم إلى آخر جندي، ندرك أن الحكومة لا تعرف كيف تمضي قدما. واضح أننا سنعود لجولات أخرى". ويضيف الجندي: "لا أعتقد أننا سنخرج من قطاع غزة قبل نهاية 2025".

لكن هل هذه الاعترافات والتحليلات جديدة؟

في تقرير نشرته صحيفة هآرتس في 13 نوفمبر بعنوان "الجيش الإسرائيلي يخطط للبقاء في غزة حتى نهاية 2025"، وأوضحت الصحيفة عن طريق خرائط الأقمار الصناعية أن 3 محاور في قطاع غزة يتم توسيعها، وهي: مفلاسيم في شمال غزة، نتساريم في وسط غزة، وفيلادلفيا في الجنوب، كما ذكر التقرير أن محورا آخر يتم بناؤه اسمه "كيسوفيم" يفصل دير البلح عن خان يونس الواقعتين إلى الجنوب من وسط غزة، وذلك بجانب:

تدمير واسع النطاق للبنية التحتية والمنازل

• تحدث هآرتس عن إزالة عشرات المباني حول ممرات حيوية مثل نتساريم وكيسوفيم، وأوضح أن هذه العمليات تهدف إلى تعزيز المنطقة العازلة وضمان حرية الحركة اللوجستية للقوات الإسرائيلية.

إعادة تشكيل الجغرافيا والمجتمعات المحلية

• وصف التقرير تدمير الأحياء والمباني الذي أدى لخلق مناطق خالية تماما من السكان، مما يتيح للقوات الإسرائيلية حركة غير مقيدة. أشار إلى أن هذه التحركات تؤثر بشكل مباشر على المجتمعات الفلسطينية القريبة، حيث تم تهجير العائلات وحرمانها من العودة إلى مناطقها.

دوافع عسكرية وأمنية لتوسيع الممرات

• أشار التقرير إلى أن المحاور مثل نتساريم تم تحصينها بشكل مكثف، مع إنشاء نقاط تفتيش وأبراج مراقبة لضمان السيطرة الدائمة.
• أوضح التقرير أن توسيع هذه الممرات جاء "لأسباب عملياتية"، حسب الجيش الإسرائيلي، لمواجهة التهديدات من الأنفاق والهجمات المفاجئة.

إشارات إلى سيطرة طويلة الأمد

• ذكر التقرير أن هذه أفعال الجيش تعتبر جزءا من استعداد الجيش الإسرائيلي للبقاء لفترة طويلة، رغم التصريحات بأن هذه القواعد "مؤقتة ويمكن تفكيكها. ومع ذلك، أكد التقرير أن هذه الخطوة تعكس تحولا في الاستراتيجية الإسرائيلية نحو بقاء طويل الأمد في القطاع.