من قناة بنما إلى غرينلاند وكندا، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يعيد رسم حدود النفوذ الأميركي بخطاباته المثيرة للجدل، حسب ما ذكرته مجلة نيوزويك الأميركية. طموحات ترامب التوسعية، التي تتنقل بين ممرات استراتيجية وجزر قطبية وحتى حدود دول مجاورة، أثارت تساؤلات وقلقًا على الساحة الدولية.
وفي أحدث تصريح له، قال ترامب: "قناة بنما قد تصبح قريبًا قناة الولايات المتحدة الأميركية"، وهو ما يعتبر تهديدا ... هذه ليست مزحة، بل تهديد لاستعادة السيطرة على هذا الممر المائي الحيوي إذا لم تخضع السلطات البنمية لمطالبه بخفض الرسوم على السفن الأميركية. كما لمح إلى أن الممر يخضع لهيمنة صينية
جاء هذا التصريح يوم الأحد 22 ديسمبر 2024 خلال مؤتمر للمحافظين اليمينيين في ولاية أريزونا، حيث قال ترامب: "نُستغل بشدة في قناة بنما، كما هو الحال في كل مكان آخر".
قال ترامب إن الولايات المتحدة أنشأت هذا الممر، الذي يربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ، "بتكاليف باهظة"، واحتفظت بالسيطرة عليه لعقود، إلى أن سلمته لبنما عام 1999 "بحماقة". ووصف الرسوم التي تفرضها بنما على عبور السفن بأنها "سخيفة وغير عادلة للغاية".
في المقابل، رد الرئيس البنمي بغضب، مؤكدًا أن القناة جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية لبلاده".
ويعتبر هذا التصريح الثالث لترامب بشأن رغبته في الإستيلاء على أراض دول أخرى، حيث قال سابقا أنه يريد شراء غرينلاند التابعة للدنمارك، وكذلك دعا كندا للانضمام للولايات المتحدة كالولاية الـ 51.
فكيف كان الرد البنمي على ترامب؟ وماذا عن الرد الغرينلندي والكندي؟
اعرف أكثر
بعد خطاب ترامب بفترة وجيزة، أصدر رئيس بنما، خوسي راوول مولينو، فيديو أكد فيه أن "كل متر مربع من القناة ينتمي إلى بنما وسيبقى كذلك".
دون أن يذكر ترامب بالاسم، رد مولينو على شكاوى ترامب بشأن زيادة الرسوم المفروضة على عبور السفن للقناة، مشيرًا إلى أن هذه الرسوم تحددها خبراء يأخذون في الاعتبار التكاليف التشغيلية وعوامل العرض والطلب.
وقال مولينو: "الرسوم ليست محددة بشكل عشوائي". وأضاف أن بنما قامت بتوسيع القناة على مدار السنوات لزيادة حركة السفن "بمبادرتها الخاصة"، موضحًا أن زيادات الرسوم تساعد في تغطية تكاليف التحسينات.
وأكد مولينو: "قد يكون لدى البنميين آراء مختلفة بشأن قضايا عديدة، ولكن عندما يتعلق الأمر بقناتنا وسيادتنا، سنتحد جميعًا تحت رايتنا البنمية".
ورد ترامب عبر موقعه على وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً: "سنرى بشأن ذلك!" كما نشر صورة لعلم الولايات المتحدة مغروسًا في منطقة القناة تحت عبارة: "مرحبًا بكم في قناة الولايات المتحدة!".
وتكمُن أهمية قناة بنما في أنها اختصرت بشكل كبير الرحلة البحرية بين السواحل الشرقية والغربية للأميركتين. قبل اكتمال القناة، كان على السفن الإبحار حول رأس هورن في الطرف الجنوبي من قارة أميركا الجنوبية، مما كان يضيف آلاف الأميال وعدة أشهر إلى رحلاتها، وفقا لشبكة سي إن إن.
رافق تهديد ترامب باستعادة قناة بنما ادعاء بأن الصين تسعى لزيادة نفوذها في بنما ومنطقة قناة بنما. واستند ترامب إلى توقيع بنما عام 2017 بيانًا مشتركًا أكدت فيه أنها لن تحتفظ بأي علاقات رسمية مع تايوان، مما جعله يزعم أن نفوذ الصين يزداد في المنطقة المحيطة بالقناة.
ردًا على تصريحات ترامب، نفى مولينو، رئيس بنما فكرة أن الصين تمارس سيطرة واضحة على القناة. وأضاف قائلا: "القناة ليست تحت أي سيطرة، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، لا من الصين، ولا من المجتمع الأوروبي، ولا من الولايات المتحدة أو أي قوة أخرى".
في سياق مشابه، أشار ترامب إلى اهتمامه بضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة أثناء إعلانه عن اختياره للسفير الأميركي لدى الدنمارك يوم الأحد 22 ديسمبر 2024. ووصف الجزيرة الواقعة في القطب الشمالي بأنها "ضرورية للأمن القومي الأميركي".
هذه ليست المرة الأولى التي تعبر فيها الولايات المتحدة عن اهتمامها بغرينلاند، إذ حاولت شراءها في مناسبات عدة منذ القرن التاسع عشر، وفقا لوول ستريت جورنال.
الجزيرة تتمتع بموقع استراتيجي وموارد طبيعية غنية، بما في ذلك النفط والذهب والفضة والنحاس، وفقا لموقع أكسيوس، مما يجعلها هدفًا جذابًا للتوسع الأميركي.
ردا على ترامب، قال رئيس وزراء غرينلاند، موتي إيجيدي بأن غرينلاند ليست للبيع. وأضاف في تصريح مكتوب: "غرينلاند ملكنا. نحن لسنا للبيع ولن نكون للبيع أبدًا. يجب ألا نخسر كفاحنا الطويل من أجل الحرية".
كما وصفت رئيسة وزراء الدنمارك، ميته فريدريكسن، عرض ترامب بأنه "سخيف"، مما دفعه إلى وصف رفضها للفكرة بأنه "وقح"، وأعقب ذلك قراره بإلغاء زيارة كانت مقررة إلى كوبنهاغن.
لم تقتصر طموحات ترامب على بنما وغرينلاند، بل امتدت إلى كندا، حيث ألمح خلال لقاء مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى إمكانية أن تصبح كندا جزءًا من الولايات المتحدة.
ووصف ترامب فكرة انضمام كندا للولايات المتحدة بأنها "رائعة". وأضاف على منصته للتواصل الاجتماعي: "كثير من الكنديين يرغبون في ذلك لتوفير الضرائب والحصول على حماية عسكرية أفضل". كما أطلق على رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لقب "حاكم كندا العظمى"، وهو ما أثار جدلاً إضافيًا حول نوايا ترامب تجاه جارته الشمالية.
ورغم أن التصريح بدا وكأنه مزحة، إلا أنه أثار جدلًا حول رؤية ترامب لتوسيع حدود الولايات المتحدة. من جانبه، شدد ترودو على استقلال كندا وسيادتها، مستبعدًا أي احتمال لمثل هذا السيناريو.