في ليلة هادئة من مساء الأربعاء 29 يناير بضواحي مدينة سودرتاليا السويدية، تم كسر السكون بأصوات طلقات نارية استهدفت العراقي سلوان موميكا في شقته بحي هوفسجو لتسقطه قتيلًا.
حمل موميكا أفكارًا ونفذ أفعالًا وضعت اسمه في قلب الجدل العالمي.
احتجاجاته، التي تضمنت إحراق نسخ من القرآن الكريم تحت حماية الشرطة السويدية، أشعلت غضبًا واسعًا في العالم الإسلامي، بينما كانت تثير في الوقت ذاته تساؤلات حول دوافعه الحقيقية، هل كانت فكرية أم مالية.
لكن قصة موميكا لم تبدأ في السويد، بل تعود جذورها إلى العراق، حيث مر بمحطات متباينة بين السياسة والسلاح، قبل أن يصبح لاجئًا في أوروبا وشخصية تتناقل أخبارها وسائل الإعلام.
في هذا التقرير، تستعرض بلينكس تفاصيل حياته من البداية، وتسلط الضوء على دوافعه، والعوائد التي جناها من احتجاجاته المثيرة، وماضيه الذي لا يقل إثارة للجدل عن نهايته.
اعرف أكثر
عُثر على سلوان موميكا، البالغ من العمر 38 عامًا، مقتولًا في شقته بمنطقة هوفسجو في سودرتاليا بعد تعرضه لإطلاق نار مساء الأربعاء بينما كان في بث مباشر على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، وفقا لصحيفة أفتونبلادت السويدية.
وصلت الشرطة والإسعاف إلى مكان الحادث بعد بلاغات عن أصوات إطلاق نار وألقت القبض على 5 أشخاص على صلة بالتحقيق في جريمة القتل، فيما يشارك جهاز الأمن في القضية دون أن يدلي بأي تعليق بشأنها.
في عام 2023، نفذ سلوان موميكا، مع رفيقه سلوان نجم، سلسلة من الأفعال الاستفزازية التي أثارت جدلًا واسعًا وغضبًا دوليًا.
بدأ في 21 يونيو بحرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة التركية في السويد، مما زاد التوتر بين البلدين. وفي 20 يوليو، نفذ موميكا احتجاجًا آخر أمام السفارة العراقية، حيث ألقى نسخة من القرآن والعلم العراقي على الأرض وداس عليهما قبل أن يقوم بإحراق نسخة من القرآن أمام البرلمان السويدي في 31 يوليو.
وبسبب هذه الأفعال، وُجهت إلى موميكا تهمة التحريض ضد مجموعة عرقية وكان من المتوقع أن يصدر الحكم في القضية اليوم، الخميس، عند الساعة 11 صباحًا، إلا أن المحكمة الجزئية أعلنت في بيان صحفي تأجيل إصدار الحكم إلى 3 فبراير، وفقا للتلفزيون السويدي الرسمي، SVT.
وعلق سلوان نجم، الذي وُجهت إليه تهم مع موميكا، على حسابه بإكس قائلا: "أنا التالي"، في إشارة إلى احتمال استهدافه بعد موميكا.
تصرفات موميكا، الذي انتقل إلى السويد عام 2018، لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة لمواقف فكرية وأيديولوجية أعلن عنها سابقا. وصف نفسه بأنه "ملحد ليبرالي" وأكد أن حرق نسخ من القرآن الكريم أمام السفارات والمساجد وأماكن رمزية أخرى، هي "أعمال فلسفية" تهدف إلى التعبير عن رفضه لبعض المفاهيم الدينية، حسب ما ذكر تقارير لوكالة الأناضول.
على الرغم من إحراقه العلني لنسخ من القرآن الكريم تحت حماية الشرطة السويدية، إلا أن المسؤولين السويديين والحكومة والرأي العام، وجّه إليه انتقادات، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن معظم السويديين لا يوافقون على حرقه للكتب المقدسة في العلن.
كما ساهمت أفعاله وأقواله المتمثلة في انتقاد وسب الإسلام في تعقيد انضمام السويد إلى حلف الناتو، بعد أن أثارت هذه الاحتجاجات غضب تركيا، العضو في الحلف، التي اتهمت السويد بتوفير ملاذ آمن لأشخاص تعتبرهم إرهابيين، مما دفع أنقرة إلى تعليق محادثات انضمام السويد واستخدام حقها في النقض لتعطيل العملية.
رغم تأكيد موميكا على أن أفعاله نابعة من قناعاته الفكرية، إلا أن الجانب المالي لأعماله أصبح محط تساؤلات.
قام موميكا ببث العديد من احتجاجاته المثيرة للجدل على منصة تيك توك والتي يتابعه فيها أكثر من 164 ألف مستخدم. على هذه المنصة فقط، حصل على تبرعات من متابعين وصلت قيمتها بين 270 دولار أميركي للبث الواحد.
هذه العوائد ساعدته في تصدر قوائم المستخدمين الأكثر ربحًا للرموز الرقمية على المنصة، لكنها توقفت بعد تعرضه لانتقادات واسعة، حيث قامت منصة تيك توك بمنع المستخدمين من إرسال الهدايا خلال بثوثه المباشرة.
ولد سلوان موميكا في منطقة نينوى بشمال العراق وينتمي إلى الطائفة المسيحية السريانية. قبل مغادرته إلى السويد، كان له دور بارز في الحياة السياسية والعسكرية، حيث أسس حزبًا سياسيًا يُعرف باسم "الاتحاد الديمقراطي السرياني"، وأدار ميليشيا مسلحة تابعة لهذا الحزب.
تظهر تسجيلات وصور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي موميكا مرتديًا الزي العسكري ومحاطًا بأفراد مسلحين، ما أثار تساؤلات حول ماضيه ودوره في الصراعات داخل العراق.
وصف موميكا نفسه بأنه لاجئ سياسي وحصل على تصريح إقامة لمدة 3 سنوات في السويد عام 2021. بعد انتهاء فترة الإقامة في عام 2024 وصدور أمر بترحيله، توجه موميكا إلى النرويج طلبًا للجوء، لكنه اعتُقل هناك وأُعيد إلى السويد.
بعد شهر واحد، في مايو 2024، تم منحه تصريح إقامة جديد في السويد نظرًا للمخاطر التي قد يتعرض لها من تعذيب ومعاملة لا إنسانية إذا أُعيد إلى العراق، لكن مع إحالته للقضاء الذي كان سيصدر حكما بحقه اليوم الخميس.