في تطور دبلوماسي جديد، طرحت الولايات المتحدة مقترحًا خلال اجتماع بين حركة حماس والمبعوث الأميركي الخاص لشؤون الرهائن آدم بوهلر، يقضي بالإفراج عن الرهينة الأميركي إدن ألكسندر، وعدد من الأسرى الآخرين المحتجزين لدى الحركة، مقابل تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة شهرين، واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وكان هذا المقترح واحدًا من عدة خيارات بحثت خلال المحادثات الأخيرة التي جرت في قطر بين مسؤولين أميركيين وحماس، وفقًا لمصادر مطلعة على سير المفاوضات، تحدثت لصحيفة واشنطن بوست، وفضّلت عدم الكشف عن هويتها نظرًا لحساسية الموضوع.
إضافة إلى المقترح الأميركي، تم عرض خطة أخرى تقدم بها ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط، لتمديد الهدنة الحالية لمدة 50 يومًا، حتى نهاية شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي.
وقد وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ما يُعرف بـ"خطة ويتكوف"، والتي تقضي بالإفراج عن نصف الرهائن المحتجزين لدى حماس في المرحلة الأولى، ومن ثم الإفراج عن البقية في نهاية الفترة المحددة.
لكن حركة حماس رفضت هذا المقترح، رغم أنها لم ترد بعد على المقترحات الأخرى.
هذه التطورات جاءت بعد تهديد عالي النبرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء، لحركة حماس من أجل أن تطلق "في الحال" سراح جميع الرهائن الأحياء والأموات. فهل ستؤدي هذه الدبلوماسية إلى إنفراجات في ملف الرهائن وإنهاء الحرب بشكل نهائي كما تم الاتفاق عليه في يناير الماضي؟
اعرف أكثر
ووفقًا لمصادر مقربة من موقف الحركة، فإنها تدرس إمكانية إبرام صفقة مباشرة مع إدارة ترامب، مع إصرارها على أن الهدف النهائي لأي مفاوضات يجب أن يكون الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة وإنهاء الحرب بشكل نهائي، بالإضافة إلى الإفراج عن جميع الأسرى، كما تم الاتفاق عليه في يناير الماضي.
في حين أكد مسؤول عربي مطلع على المفاوضات، أن اجتماعًا مباشرًا واحدًا فقط عُقد مع حماس، أفاد دبلوماسي آخر بأن هناك عدة جولات من المحادثات جرت بين آدم بوهلر، مبعوث واشنطن لملف الرهائن، والقيادي البارز في حماس خليل الحية في العاصمة القطرية الدوحة. وأوضح المصدر أن هذه المحادثات كانت مباشرة بين الطرفين ولم تكن بوساطة قطرية.
على الجانب الإسرائيلي، رفضت تل أبيب الدخول في مفاوضات جوهرية كان من المفترض أن تبدأ قبل انتهاء الهدنة الحالية، كما أبدت استعدادها لاستئناف العمليات العسكرية حتى القضاء على ما تبقى من قوة حماس.
وكانت شروط الاتفاق قد تم التفاوض عليها بشكل غير مباشر بين إسرائيل وحماس على مدى أكثر من عام، بوساطة أميركية وقطرية ومصرية، دون أي اتصال مباشر بين الولايات المتحدة أو إسرائيل وحماس، التي تُصنفها واشنطن منظمة إرهابية.
اعترف ترامب رسميا بوجود محادثات مباشرة مع حماس، إذ صرح في المكتب البيضاوي قائلاً: "نجري مناقشات مع حماس" بشأن الرهائن الأميركيين والإسرائيليين، لكنه نفى تقديم أي أموال مقابل الإفراج عنهم، مشددًا على أن الولايات المتحدة "لن تدفع نقدًا".
من جانبه، أكد ويتكوف أن جميع الرهائن مهمون للإدارة الأميركية، لكن "إدن ألكسندر هو مواطن أميركي... لذا فهو يمثل أولوية قصوى بالنسبة لنا"، مشيرا إلى أمله في تحقيق تقدم خلال الأسبوع المقبل عندما يزور المنطقة لمتابعة المفاوضات.
هذا ولم يتضح ما إذا كان يخطط ويتكوف للقاء حماس بشكل مباشر، لكنه قال: "نحن مستعدون للحوار، ولكن إذا لم ينجح الحوار، فإن البديل ليس بديلاً جيدًا لحماس".
لطالما تفاخر ترامب بقدرته على استعادة المواطنين الأميركيين المحتجزين حول العالم، مقارنة بالإدارات السابقة.
ففي فبراير الماضي، نجحت وساطة أميركية في تأمين إطلاق سراح ستة أميركيين كانوا مسجونين في فنزويلا، عقب زيارة قام بها مبعوث ترامب ريتشارد غرينيل إلى كاراكاس للقاء الرئيس نيكولاس مادورو.
كما أُطلق سراح مارك فوغل، معلم أميركي كان معتقلًا في روسيا منذ عام 2021، بعد مفاوضات جرت بين ويتكوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان ترامب قد التقى في البيت الأبيض الأربعاء مع الرهائن الأميركيين والإسرائيليين المفرج عنهم، متوعدا بعد اللقاء حركة حماس بمنشور على منصته تروث سوشل" للتواصل الاجتماعي: "إلى سكّان قطاع غزة: هناك مستقبل جميل ينتظركم، لكن ليس إذا احتفطتم بالرهائن. إذا احتفظتم برهائن أنتم أموات! خذوا القرار الصحيح".
أما بالنسبة للتفاوض مباشرة مع حماس، فقد سبق لإدارة جو بايدن أن فكرت العام الماضي في الاجتماع بالحركة لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الطرفين تراجعا في نهاية المطاف عن هذه الخطوة. ومع ذلك، تم التوصل إلى اتفاق مرحلي وقعته إسرائيل وحماس قبل أيام من تولي ترامب الرئاسة، وذلك بعد تدخله للضغط على إسرائيل لدفع المفاوضات إلى الأمام.
خلال المرحلة الأولى من هذا الاتفاق، أعادت القوات الإسرائيلية انتشارها من المناطق السكنية في غزة إلى المناطق الحدودية، وتم إطلاق سراح 33 رهينة مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين.
كما شهدت هذه الفترة زيادة كبيرة في تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وعلى الرغم من أن الاتفاق كان من المفترض أن يستمر لستة أسابيع، إلا أن الهدنة انتهت رسميًا يوم السبت الماضي.
وبموجب الاتفاق، كان من المقرر استمرار الهدنة أثناء التفاوض على المرحلة الثانية، التي تشمل الإفراج عن جميع الرهائن المتبقين، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، وإنهاء الحرب بشكل نهائي. أما المرحلة الثالثة فتهدف إلى تشكيل حكومة جديدة غير تابعة لحماس، وبدء عملية إعادة إعمار القطاع المدمر.