الاقتصاد الإيراني يحتضر… وطهران تبحث عن "طوق نجاة نووي"
مع اشتداد العقوبات الأميركية وانتشار الفساد، تواجه إيران أزمة اقتصادية خانقة دفعت بها للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية، بحسب تقرير ل
صحيفة وول ستريت جورنال، ويبدو أن الخوف من تدخل عسكري أميركي لعب دورًا في تحريك طهران نحو المفاوضات، لكن الانهيار الاقتصادي هو ما يُبقيها على الطاولة.
الريال الإيراني يُعد من أضعف العملات في العالم، والتضخم تجاوز 30%، والبطالة تضرب صفوف الشباب، بينما لم تعد الطبقة الوسطى قادرة على تحمّل تكلفة السلع المستوردة.
هذه الأزمات مرشحة للتفاقم أكثر في ظل إدارة ترامب الثانية، التي أعادت تفعيل سياسة "الضغط الأقصى" على طهران لإجبارها على كبح برنامجها النووي.
الضغوط الداخلية تحاصر النظام
تقول سنم وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز "تشاتهام هاوس" بلندن: "هذا بلد يتداعى تحت ضغط العقوبات وسوء الإدارة والفساد... طهران تسعى في نهاية المطاف لتخفيف العقوبات، وتعتقد أن ترامب قد يكون القادر على تقديم ذلك أكثر من إدارة بايدن".
وعُقدت محادثات أميركية-إيرانية رفيعة في مسقط، هي الأعلى مستوى منذ سنوات.
وتسعى واشنطن إلى اتفاق جديد يحد من تخصيب إيران لليورانيوم مقابل رفع العقوبات، بعد أن انسحب ترامب من الاتفاق السابق عام 2018، الذي تم توقيعه عام 2015 في عهد أوباما.
منذ انسحاب ترامب، فرضت واشنطن عقوبات مشددة على قطاعات النفط والمال.
وعند عودته إلى البيت الأبيض، زاد من القيود عبر استهداف شركات صينية تتعامل مع طهران.
ووسط هذا التصعيد، تبدو الثقة شبه معدومة بين الطرفين، إلا أن كلاهما لديه دوافع لإنجاح التفاوض.
إيران، من جانبها، ترى في تخفيف العقوبات وسيلة لإنعاش اقتصاد متدهور بات يهدد استقرار النظام الحاكم، خاصة في ظل المرض الذي يعاني منه المرشد الأعلى علي خامنئي (85 عامًا).
تشير المؤشرات إلى قلق طهران من احتجاجات محتملة، خاصة وأنها تستعد لتغيير محتمل في القيادة.
نفوذها الخارجي تراجع مع الضربات الإسرائيلية للفصائل المدعومة منها في غزة ولبنان، وخسارتها حليفها الرئيسي في سوريا.
يقول جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن: "كان رهان بزشكيان ومن سمح له بالترشح أن غياب الإصلاح قد يؤدي إلى الثورة".
يوضح ألترمان أن الطبقة المرتبطة بالسلطة في إيران تعيش رفاهية غير مسبوقة، بينما تزداد معاناة باقي الشعب.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي الإيراني، ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 41% في مارس مقارنة بالعام الماضي، في ظل بطء النمو الاقتصادي ونقص الكهرباء.
يقول غريغوري برو من "مجموعة أوراسيا": العقوبات منذ 2018 لم تُسقط الاقتصاد فجأة، لكنها خنقته ببطء. المستهلك الإيراني اضطر إلى تغيير نمط استهلاكه من المنتجات الأوروبية إلى الصينية والروسية.
الضغوط مستمرة والتنازلات محدودة
يقول جواد صالحي-إصفهاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا تك: "التضخم هو الشاغل الأول للإيرانيين الآن".
رغم كل هذا، يرى أنه من غير المرجح أن تُقدم طهران على تغييرات كبرى. بل من المرجح أن تقدم تنازلات تكتيكية للحفاظ على سير المحادثات والحصول على تخفيف جزئي للعقوبات.
ويختتم بقوله: "لقد تحملوا الكثير من المعاناة، لكنهم لم يستسلموا بعد".