سياسة

تعزية خجولة وغياب عن الجنازة.. لماذا تتجاهل إسرائيل وداع البابا؟

نشر
blinx
في الوقت الذي تستعد فيه روما لاستقبال قادة العالم في جنازة البابا فرانسيس، يُخيّم صمت ثقيل على الموقف الرسمي الإسرائيلي، ما أثار خيبة أمل عميقة داخل الكنيسة الكاثوليكية وبين أبناء الطائفة الكاثوليكية في إسرائيل.
ورغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس، وعددًا من قادة العالم أكدوا حضورهم للمراسم الجنائزية، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس يتسحاق هرتسوغ، ووزير الخارجية جدعون ساعر جميعهم اعتذروا، أو ببساطة تجاهلوا الدعوة، بحسب ما تقول صحيفة هآرتس.
وبينما اكتفت إسرائيل بإيفاد سفيرها لدى الفاتيكان، يارون زايدمان، كممثل وحيد، بدت المقارنة ظاهرة مع عام 2005، حين شارك رئيس الدولة ووفد رفيع المستوى في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني.
هرتسوغ، الذي شارك بجنازة الملكة إليزابيث الثانية قبل عامين، فضّل هذه المرة التعبير عن تعازيه بتغريدة مقتضبة كتب فيها: "أرسل أحر التعازي لمواطني إسرائيل المسيحيين وللعالم المسيحي على فقدان الأب الروحي البابا فرنسيس، رجل الإيمان والرحمة، الذي كرس حياته للفقراء والسلام".

حذف التغريدة

لكن هذه الكلمات، التي حظيت بمئات الردود، لم تنجح في تبديد الشعور بالإحباط.
ففي مشهد لافت، حذفت وزارة الخارجية الإسرائيلية تغريدة تعزية كانت قد نشرتها على الحساب الرسمي لإسرائيل في منصة إكس، دون نشر بديل لها، ما أثار ضجة داخل أروقة الوزارة، بحسب مصادر مطلعة للصحيفة.
حتى سفارات إسرائيل في الفاتيكان وإيطاليا وفرنسا لم تنشر أي تعازٍ إلا على استحياء، رغم حساسية الموقف.

لن يمر مرور الكرام

مصدر رفيع في الكنيسة الكاثوليكية في إسرائيل قال لـ"هآرتس" إن "البطريرك اللاتيني الكاردينال بيتسابالا، أحد المرشحين لخلافة البابا، يدرك جيدًا ما يجري، والصمت الإسرائيلي لن يمر مرور الكرام".
وأشار إلى أن البطريرك غادر إلى روما للمشاركة في مراسم الجنازة واختيار البابا الجديد.
وفي حديث لـ"هآرتس"، قال المتحدث باسم البطريركية اللاتينية، فريد جبران: "في إسرائيل يعيش نحو 200 ألف مسيحي، نصفهم كاثوليك، والبابا هو قائدهم الروحي الأعلى. كان بإمكان أي وزير أو حتى رئيس الوزراء أن يعبّر بكلمة بسيطة. الصمت كان محبطًا".

"النقد مشروع" ولكن

وأضاف جبران أن غضب بعض الدوائر الرسمية من مواقف البابا الناقدة للحرب على غزة لا يبرر تجاهل وفاته، موضحًا أن "النقد مشروع، وصدر من قادة العالم أجمع. لكن يبدو أن الحكومة الإسرائيلية اختارت أن تنسى إنجازاته الكبرى: لقاءاته مع أسر المخطوفين، إدانته الصريحة لمعاداة السامية، ورسائله إلى اليهود في إسرائيل".
وزارة الخارجية ردّت بتصريح مقتضب أكدت فيه أن "إسرائيل قدّمت تعازيها عبر القنوات الرسمية، وسفراؤها وقّعوا في دفاتر العزاء بالفاتيكان"، مؤكدة أن السفير زايدمان سيمثل إسرائيل في الجنازة.

تعزية متأخرة

وأعربت الحكومة الإسرائيلية، الخميس، عن تعازيها في وفاة البابا بعد ٣ أيام من رحيله.
وجاء في منشور صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "تعبر دولة إسرائيل عن خالص تعازيها للكنيسة الكاثوليكية والكاثوليك في جميع أنحاء العالم في وفاة البابا فرنسيس".
كيف أزعج البابا فرانسيس إسرائيل؟
وكانت العلاقات بين إسرائيل والفاتيكان قد تدهورت بشكل كبير منذ الحرب في غزة. ولطالما انتقد البابا فرنسيس تصرفات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، التي يقيم فيها أيضا حوالي 1000 مسيحي.
وفي أكثر من مناسبة، تحدث البابا عن معاناة المدنيين في غزة، وندّد "بالعنف من أي طرف كان"، لكنه خصّ إسرائيل بالنقد عندما وصف ما يحدث بأنه "مجزرة إنسانية"، ودعا إلى "وقف القتال فورًا".
أمر آخر أثار حفيظة الجانب الإسرائيلي هو أن البابا لم يذكر صراحة حركة حماس أو يُدين هجوم 7 أكتوبر 2023 بنفس الحدة التي أدان بها الرد الإسرائيلي.
في 22 نوفمبر 2023 استقبل البابا وفودًا من الفلسطينيين الذين فقدوا أفرادًا من عائلاتهم خلال القصف الإسرائيلي، وهو ما اعتبرته إسرائيل "موقفًا سياسيًا مبطنًا".
وقبل سنوات وتحديدا في 13 مايو 2015، اعترف الفاتيكان رسميًا بدولة فلسطين، ورفع تمثيلها إلى مستوى سفارة. وعلى الرغم من أن ذلك حدث قبل تصاعد الحرب الأخيرة، إلا أن الموقف ظل مصدر توتر دائم في العلاقة مع إسرائيل.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة