عين ترامب على قناة السويس.. لماذا يريد عبورها "مجانا"؟
"لولا الولايات المتحدة ما كانت قناتا السويس وبنما"، بهذه العبارة اختصر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر حسابه على موقعه تروث سوشيال موقفه من القناتين، مطالبا بمرور سفن بلاده التجارية والحربية عبرهما مجانا.
قناة السويس المصرية، توفر أقصر طريق شحن بين آسيا وأوروبا، وافتتحت عام 1869 بعد 10 سنوات من عمل شاق مات خلاله آلاف العمال المصريين.
خلال هذه الفترة كانت الولايات المتحدة تخوض حربا أهلية امتدت بين عامي 1861-1865، ثم إعادة بناء ما دمر في حقبة امتدت إلى ما بعد افتتاح الممر المائي، فماذا نعرف عن قناة السويس؟
قنوات قبل "السويس" منذ عهد الفراعنة
بحسب
الموقع الرسمي لقناة السويس فإن فكرة ربط البحرين الأبيض والأحمر بدأت منذ عهد الملك المصري القديم سنوسرت الثالث عبر نهر النيل، ونفذت بالفعل ولا تزال آثارها موجودة حتى اليوم في جنيفة بالقرب من السويس.
أما عملية إعادة حفر هذه القناة فكانت كالآتي:
- عام 610 قبل الميلاد، بذل الفرعون نخاو الثاني المعروف باسم نيقوس، غاية جهده لإعادة شق القناة، فنجح إلى وصل النيل بالبحيرات المرة ولكنه فشل في وصلها بالبحر الأحمر.
- عام 510 قبل الميلاد، اهتم دارا الأول، ملك الفرس بالقناة، فأعاد ربط النيل بالبحيرات المُرة.
- عام 285 قبل الميلاد، نجح بطليموس الثاني بإعادة الملاحة إلى القناة بأكملها، بعد أن حفر الجزء الواقع بين البحيرات المرة والبحر الأحمر.
- حفر الإمبراطور تراجان الروماني قناة جديدة (سنة 98 ميلادية).
- عام 641 ميلادية، أعاد عمرو بن العاص الملاحة الى القناة، وأطلق عليها اسم قناة أمير المؤمنين.
- عام 1820، أمر محمد علي بإصلاح جزء من القناة لري المنطقة الواقعة بين العباسية والقصاصين.
بحسب الموقع الرسمي لقناة السويس، فإن التاريخ الحقيقي يبدأ بفرمان الخديوي سعيد، حاكم مصر حينها، بتأسيس شركة لشق قناة السويس عام 1854 لينشئها الفرنسي فيرديناند ديليسبس، ويصدر بعد ذلك بعامين فرمانا يشير إلى أن "القناة البحرية الكبرى من السويس إلى الطينة والمرافئ التابعة لها مفتوحة على الدوام بوصفها ممراً محايداً لكل سفينة تجارية".
تأسست الشركة، برأس مال قدره 200 مليون فرنك (8 ملايين جنيه)، مقسم على 400 ألف سهم، قيمة كل منها 500 فرنك.
خصصت الشركة لكل دولة من الدول عددا معينا منها وكان نصيب مصر 92136 سهما، إضافة إلى 85506 لـ:
- إنجلترا
- الولايات المتحدة
- النمسا
- روسيا
لكن هذه الدول رفضت رفضا قاطعا الاشتراك في الاكتتاب، فاضطرت مصر إلى استدانة 28 مليون فرنك بفائدة باهظة لشراء نصيبها بناء على إلحاح دليسبس.
فى 25 أبريل 1859، بدأ العمل فى حفر قناة السويس بأول ضربة فأس في مدينة "فرما" (موقع بورسعيد حاليا) بمشاركة نحو 20 ألفا من العمال المصريين الذين أدوا واجبهم في ظروف إنسانية بالغة القسوة، إلى أن تلاقت مياه البحرين الأبيض والأحمر في 18 أغسطس 1869، بعد عشر سنوات بذل فيها العمال المصريون عرقهم ومات منهم الآلاف.
والتقت مياه البحرين الأبيض والأحمر، وولد ذلك الشريان الحيوي للملاحة العالمية، ما أنهى أعمال هذا المشروع الضخم الذي استغرق تنفيذه عشر سنوات ، بعد استخراج 74 مليون متر مكعب من الأتربة. وبلغت تكاليفه 433 مليون فرانك (17320000 جنيه) ، أي ضعف المبلغ الذي كان مقدرا لإنجازه.
افتتحت قناة السويس "شريان الخير لمصر والعالم" التي وصفها عالم الجغرافيا الراحل الدكتور جمال حمدان بأنها " نبض مصر"، عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل بحضور:
- أوجينى زوجة إمبراطور فرنسا نابليون الثالث
- إمبراطور النمسا
- ملك المجر
- ولى عهد بروسيا
- شقيق ملك هولندا
- سفير بريطانيا العظمى فى الآستانة
- الأمير عبد القادر الجزائري
- الأمير توفيق ولى عهد مصر
- الكاتب النرويجي الأشهر هنريك إبسن
- الأمير طوسون نجل الخديو الراحل سعيد باشا
- نوبار باشا.
وعبرت القناة في ذلك اليوم (17 نوفمبر 1869) السفينة "ايغيل" وعلى متنها كبار المدعوين تتبعها 77 سفينة، 50 منها حربية.
أين كانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت؟
يبدأ التاريخ الحقيقي للولايات المتحدة مع اندلاع الثورة الأميركية، التي بدأت في 13 مستعمرة من مستعمرات بريطانيا الشمالية في أميركا، إذ بدأت في عام 1775 وانتهت بمعاهدة سلام في عام 1783، بحسب موسوعة بريتانيكا.
وفي الوقت الذي كانت تحفر فيه قناة السويس، كان الأميركيون يخوضون حربا أهلية مع بعضهم البعض (1861-1865)، لتبدأ حقبة إعادة البناء بعد ما خلفته المعارك والتي تتوازى مع افتتاح القناة حتى عام 1889.