سياسة

بين الطعن والصمت.. جرائم ضد المسلمين تُقابل ببرود رسمي في فرنسا

نشر
blinx
أعلنت الإدارة الوطنية للاستخبارات الإقليمية في فرنسا عن تسجيل ارتفاع مقلق في عدد الحوادث المعادية للمسلمين، حيث تم إحصاء 79 حادثة في مختلف أنحاء البلاد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، بزيادة بلغت 72٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بحسب ما أوردته وزارة الداخلية لصحيفة لو بارزيان.
ويأتي هذا الإعلان في أعقاب جريمة مروعة هزّت الرأي العام الفرنسي، وقعت صباح الجمعة 23 أبريل في بلدة غران كومب بمنطقة غارد جنوب شرق البلاد، حيث أقدم شاب فرنسي من أصول بوسنية يُدعى أوليفييه هـ. على قتل الشاب المالي أبوبكر سيسي، 23 عاماً، عبر توجيه عشرات الطعنات له أثناء توجهه في حوالي الساعة 8:30 صباحاً إلى مسجد خديجة لتنظيفه قبل بدء صلاة الجمعة.
ووفق روايات شهود وتقارير إعلامية، قام الجاني بتصوير الضحية وهو يتألم على أرضية المسجد، مردداً عبارات مهينة للإسلام. لكنه، عند تسليمه نفسه لاحقاً للسلطات الإيطالية، نفى أن تكون الجريمة بدافع كراهية دينية، وزعم أنه لا يتذكر تصوير المشهد.
وبحسب النيابة العامة في مدينة نيم، فقد تم فتح تحقيق قضائي رسمي بتهمة "القتل العمد مع سبق الإصرار وبدافع ديني أو عرقي".
وفي السياق ذاته، عبّر ممثلون دينيون وجمعيات ومراكز بحث عن قلقهم العميق من التدهور المستمر في المناخ الاجتماعي تجاه المسلمين في فرنسا، ومن تنامي الأعمال العدائية التي غالباً لا تُؤخذ بالجدية المطلوبة.
ونقلت صحيفة لوموند عن كمال قبطان، عميد المسجد الكبير في ليون، قوله إن "الخطاب المريب والاستهداف لم يعد يطال الفاعلين فقط، بل كل من يُرى كمُسلم"، محذّراً من الاستهانة بالتصعيد الحاصل.

صمت رسمي يكشف ازدواجية التعامل مع الضحايا

بينما أزهقت روح الشاب المالي صباح يوم الجمعة 25 أبريل، لم يصدر أي تعليق رسمي من المسؤولين الفرنسيين يدين الحادث إلا بعد مرور أكثر من 24 ساعة. فقد انتظر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو حتى مساء السبت 26 أبريل، حيث نشر في تمام الساعة 11:07 مساءً على منصة إكس تدوينة وصف فيها الهجوم بأنه "جريمة شنيعة نابعة من الإسلاموفوبيا".
وجاء تعليق الرئيس إيمانويل ماكرون بعد تعليق بايرو بيوم كامل، مساء الأحد عند الساعة 4:54 بعد الظهر، حيث عبّر من خلال تدوينة على حسابه الرسمي عن "دعم الأمة" لأقارب الضحية ولكل المواطنين الفرنسيين من أتباع الديانة الإسلامية، مؤكدًا أن "العنصرية والكراهية الدينية لن يكون لهما مكان في فرنسا أبدًا".
وفي سياق مقارنة زمنية، كان رد الرئيس ماكرون أسرع نسبيًا حين تعرّض الحاخام أرييه إنغلبرغ، في 22 مارس 2025، لاعتداء من طرف قاصر في مدينة أورليان وسط فرنسا، إذ نشر في اليوم التالي للهجوم، بتاريخ 23 مارس 2025 على الساعة 2:45 بعد الظهر، تدوينة أدان فيها الحادث واصفًا إياه بأنه "صادم" ويعكس "سمّ معاداة السامية".

ارتفاع الجرائم ضد المسلمين في فرنسا

في تقرير لوزارة الداخلية الفرنسية، تشير البيانات إلى أن عدد الجرائم المتعلقة بكراهية المسلمين قد انخفضت عام 2024 بنسبة 29٪، حيث سجلت الحوادث المبلغ عنها 173 حادث، مقارنة بعام 2023 الذي سجل فيه 242 حادث.
لكن منظمات حقوقية تحذر من أن الأرقام الرسمية التي تعلن عنها وزارة الداخلية لا تشير إلى الواقع بدقة، بل تعاني من نقص كبير، وفقا لتقرير حديث نشرته المفوضية المشتركة بين الوزارات لمكافحة العنصرية ومعاداة السامية، DILCRAH.
وتحذر الجمعيات من أن استمرار تجاهل هذه الظاهرة يرسّخ ما وصفوه بـ"ازدواجية المعايير"، خاصة في ظل سن قوانين تستهدف بشكل مباشر المسلمين، مثل منع الحجاب في المسابقات الرياضية، الذي وصفته بياتريس باربوس، نائبة رئيسة اتحاد كرة اليد الفرنسي، بأنه قرار يخلّف آثارًا نفسية واجتماعية مدمّرة على النساء المسلمات.
وفي هذا السياق، تستعد جمعيات لإطلاق منصات إلكترونية للإبلاغ عن الاعتداءات وتوثيقها بهدف جمع بيانات دقيقة لاستعمالها في الضغط على الأحزاب لتغيير السياسيات.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة