دروز سوريا.. من النأي بالنفس في عهد الأسد إلى مواجهة الشرع
طوال سنوات النزاع في سوريا، حرص الدروز على النأي بالنفس عن تداعياته، لكنهم يجدون أنفسهم بعد إطاحة حكم بشار الأسد، في مواجهة مع السلطات الجديدة، في سياق سياسي وأمني معقد، وفي خضم تدخل اسرائيلي.
وتشهد مناطق قريبة من دمشق منذ الثلاثاء اشتباكات بين مسلحين من الدروز، ومجموعات مرتبطة بالسلطات السورية الانتقالية، أسفرت عن مقتل نحو 40 شخصا.
يبلغ تعداد الدروز في سوريا نحو 700 ألف نسمة، كانوا يشكلون نحو 3% فقط من إجمالي عدد السكان البالغ 23 مليونا قبل اندلاع النزاع الذي أدى الى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
ويتركز دروز سوريا في محافظة السويداء في جنوب البلاد، وينتشرون كذلك في محافظة القنيطرة المجاورة وفي جبل حرمون الممتد بين لبنان وسوريا، فضلا عن مناطق في ضواحي جنوب دمشق أبرزها جرمانا وصحنايا.
كما يتواجدون في عدد من القرى في محافظة إدلب (شمال غرب). ونزح جزء كبير منهم من المحافظة بعد سيطرة فصائل مسلحة عليها خلال النزاع الذي اندلع في العام 2011.
ويتوزع الدروز أيضا في دول الجوار: 200 ألف في لبنان و150 ألفا في إسرائيل، بينهم 23 ألفا في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
ولا يمكن لغير المولود درزيا أن ينضم الى الطائفة.
من النأي بالنفس إلى المواجهة
منذ اندلاع النزاع في سوريا، تمكن الدروز إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالا السلاح ضد الحكومة ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة.
وقبل سقوط الأسد، كانت محافظة السويداء التي لطالما شكا أبناؤها من التهميش، مسرحا لتظاهرات مناهضة للحكومة استمرّت لأكثر من عام.
خلال فترة النزاع، شكّل الدروز مجموعات مسلّحة خاصة بهم، من أبرزها "حركة رجال الكرامة" و"كتيبة الجبل".
وإثر إطاحة الأسد الذي قدّم نفسه حاميا للأقليات في سوريا، لم يتوصل الدروز الذين ينضوون ضمن مجموعات مسلحة عدة في مناطق وجودهم، إلى اتفاق مع السلطات الجديدة للاندماج ضمن قواتها، رغم جهود في هذا السياق.
غير أن بعض الفصائل "التي ترغب بالاندماج" بدأت بذلك المسار فعلا، كما يشرح ريان معروف رئيس تحرير موقع "سويداء 24" المحلي.
ويضيف أن "الفصائل التي أعلنت استعدادها للاندماج نسّبت المئات من عناصرها، 400 لوزارة الدفاع و500 عنصر لجهاز الأمن العام وباتوا يتقاضون رواتب".
ويشير إلى أن الدروز "ليسوا كتلة واحدة، ثمة تيارات بينهم كانت منفتحة على الحوار ومتقبلة للسلطة الجديدة". لكنه يشكك باستمرار في ذلك بعد الأحداث الأخيرة.
تعهدت السلطات الجديدة ضمان أمن الطوائف كافة، وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يحثّ المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية.
وزادت مخاوف الأقليات بعد أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين في مارس.
ومنذ سقوط الأسد، كثّفت إسرائيل، عبر وجوه بارزة من أبناء الطائفة الدرزية المقيمين في مناطق تحت سيطرتها، مساعيها لفتح قنوات تواصل مع الدروز السوريين.
فقد أرسلت إليهم شحنات من المساعدات الإنسانية، وسمحت في مناسبتين لوفود من كبار رجال الدين بزيارتها، وذلك على الرغم من حالة العداء والحرب القائمة رسميا بين البلدين.
وكانت إسرائيل قد هددت بالتدخل لحماية دروز سوريا إثر مواجهات محدودة شهدتها منطقة جرمانا مطلع مارس.
إلّا أن هذه التصريحات قوبلت برفض قاطع من قبل كبار رجال الدين الدروز الذين جدّدوا تمسّكهم بوحدة الأراضي السورية ورفضهم أي تدخل خارجي.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "الجيش الإسرائيلي نفّذ عملية تحذيرية واستهدف مجموعة متطرفة كانت تستعد لشن هجوم على السكان الدروز في بلدة صحنايا" الأربعاء.
وقال في بيان عن مكتبه الاعلامي، "تم نقل رسالة حازمة إلى النظام السوري، إسرائيل تتوقع منهم التحرك لمنع الإضرار بالطائفة الدرزية".