دولة موازية.. من هم "مواطنو الرايخ" أصحاب "مملكة ألمانيا"؟
أعلنت السلطات الألمانية الثلاثاء تنفيذ عمليات دهم في أنحاء البلاد تستهدف شبكة متطرفة وتتبنى نظريات المؤامرة فيما أعلنت حل "أكبر منظمة" تابعة للحركة.
وجاء في بيان لوزارة الداخلية بأن عمليات الدهم التي أطلقت في سبع مناطق ألمانية استهدفت جمعية "مملكة ألمانيا" "Konigreich Deutschland" التي يبلغ عدد أتباعها 6000 شخص "ينكرون وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية ويرفضون نظامها القانوني".
وأوضحت الوزارة بأنه تم حظر الجمعية اعتبارا من الثلاثاء نظرا إلى أن "أهدافها وأنشطتها تتعارض مع القانون الجنائي ومع النظام الدستوري"، مشيرة إلى أن الحظر يطال كذلك "منظمات عدة مرتبطة بهذه الجمعية".
وفي إطار العملية، أعلن مكتب المدعي العام الفدرالي توقيف أربعة أشخاص، بينهم ثلاثة من الأعضاء المؤسسين للمجموعة التي أنشأت على مدى السنوات العشر الماضية "هياكل ومؤسسات أشبه بدولة" داخل الدولة تشمل نظاما للتأمين وهويات وحتى عملة خاصة بها.
وذكرت الوزارة بأن الجمعية تضم "متطرفين خطيرين" وهي جزء من حركة تعرف باسم "حركة مواطني الرايخ" التي ترفض شرعية الجمهورية الألمانية الحديثة.
وباتت هذه الجمعية المعروفة اختصارا باسم "كاي آر دي" محظورة اعتبارا من الثلاثاء لأن "أهدافها وأنشطتها تتنافى مع القانون الجنائي وتخالف النظام الدستوري".
وقال وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت أن المجموعة الواسعة الانتشار في ألمانيا أنشأت اعتبارا من العام 2012 "دولة موازية وأقامت هيكليات تدخل ضمن نطاق الجريمة الاقتصادية".
وحتّى لو "لم تضبط بعد أيّ أسلحة في حوزة المجموعة ولم تصنّف بعد في عداد الجماعات المسلّحة"، فلا يمكن اعتبار أتباعها بأنهم "بعيدون عن إلحاق الأذى فيما يراودهم حنين إلى الماضي"، بحسب دوبريندت.
ويطال الحظر أيضا "المنظّمات المتعدّدة التي تتبع "مملكة ألمانيا" التي أسّست سنة 2012 على يد مدرّب الكاراتيه السابق بيتر فيتتسك الذي نصّب نفسه ملكا ومقرّها في الشرق بالقرب من مدينة فيتينبرغ بين برلين ولايبتسيغ.
علم وعملة وبطاقات هوية خاصة
خلال مقابلة في أواخر 2023 مع وكالة فرانس برس في مجموعة من المساكن التي حوّلت إلى "قصر" له علمه وعملته وقوانينه وبطاقات هويّات خاصة، قال بيتر فيتتسك إنه أسّس دولته الخاصة للتصدّي "للتلاعب بالجمهور" السائد في نظره في المجتمع الألماني.
وأشار إلى أنه يستضيف في عدّة مواقع أنصارا لديهم "روح ريادية" و"يريدون إحداث تغيير إيجابي في العالم".
أوقف فيتتسك الثلاثاء مع ثلاثة أشخاص آخرين، بينهم مؤسسون للمنظمة التي أقامت منذ حوالى عشرة سنوات "هيكليات ومؤسسات ترقى إلى مصاف دولة تقريبا" مع نظام مصرفي وشبكة تأمين، وفق ما أفادت النيابة العامة.
ويتمسّك كثيرون من هؤلاء بفكرة استدامة الرايخ العائد لما قبل الحرب العالمية الأولى على شكل نظام ملكي. وقد أعلنت مجموعات صغيرة عدّة عن دويلاتها الخاصة.
وبحسب الاستخبارات الألمانية الداخلية، كان هذا التيّار يضمّ حوالى 23 ألف عضو سنة 2022.
وقالت وزارة الداخلية الألمانية إنّ "مملكة ألمانيا تتوسع" منذ سنوات.
ويسند أتباعها "مآربهم السيادية إلى روايات مؤامرة معادية لليهود"، وهو "أمر غير مقبول في دولة القانون"، بحسب بيان الوزارة.
كما تسعى الجمعية إلى التربّح من خلال أنشطة غير قانونية تمارسها منذ سنوات في مجال البنوك والتأمين بالاستناد إلى هيكلياتها الفرعية.
مواجهة مع "مواطني الرايخ"
يواجه الائتلاف الحكومي الجديد في ألمانيا الذي أبصر النور الأسبوع الماضي بقيادة المستشار المحافظ فريدريش ميرتس تنامي فكر أقصى اليمين بعد أن بات حزب "البديل من أجل ألمانيا" أكبر كتلة معارضة في مجلس النواب بعد أن حقق نتيجة قياسية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في فبراير.
وفي عهد المستشار السابق أولاف شولتس، فُكّكت عدّة منظمات تنشط تحت راية "مواطني الرايخ" في عمليات غالبا ما أفضت إلى ضبط أسلحة. وكانت عملية الثلاثاء قيد الإعداد "منذ عدّة أشهر"، بحسب ما كشف وزير الداخلية المعيّن حديثا.
وقد اتّسع نطاق هذه الجماعة القائمة منذ الثمانينات بفعل القيود المفروضة إبّان جائحة كوفيد-19.
وأشهر العمليات التي استهدفتها تلك التي تم خلالها تفكيك جماعة مسلّحة كانت تسعى إلى الانقلاب على المؤسسات الديموقراطية في البلد في ديسمبر 2022.
وكانت تلك الجماعة تضمّ بين أعضائها الذين يخضعون للمحاكمة اليوم الأمير هاينريش الثالث عشر وجنود نخبة سابقين ونائبة سابقة من اليمين المتطرّف.
كما ضجت وسائل الإعلام بمخطط دبرته مجموعة أخرى لاختطاف وزير الصحة كارل لاوترباخ احتجاجا على القيود المفروضة وقت الجائحة.