سياسة

زواج على عتبة "غوته".. اللغة الألمانية تفرّق بين المتزوجين

نشر
blinx
منذ عام ونصف، تكرّس الشابة المغربية سهام حياتها لتعلّم اللغة الألمانية على أمل اللحاق بزوجها توماس الذي يعيش في ولاية بادن-فورتمبيرغ.
قصة حب تحوّلت إلى زواج، لكن الحياة المشتركة ما زالت مؤجلة بسبب شرط إداري: شهادة اللغة الألمانية من معهد "غوته".
رغم الجهود اليومية التي تبذلها، لم تتمكن سهام من اجتياز الامتحان، شأنها شأن آلاف الأزواج الذين تفرّقهم متطلبات لم الشمل.
تشير آخر الإحصاءات إلى ارتفاع معدلات الرسوب في اختبارات اللغة، حيث فشل 45% من المتقدمين في عام 2018، وفقا لموقع مهاجر نيوز. كما تراجعت نسب النجاح بين الشباب من 83.6% في عام 2015 إلى 63.5% في 2019، وفقا لشبكة دويتشه فيله.
وفي هذا السياق، ذكرت مجلة دير شبيغل في تقرير حديث أن عدد الأزواج الذين يلتحقون بذويهم في ألمانيا في تراجع، ويُعد اختبار اللغة من أبرز العوائق التي تواجه المتقدمين بطلبات التأشيرة، حيث ارتفعت معدلات الرسوب بشكل ملحوظ. ووصفت نائبة عن حزب اليسار هذا الوضع بأنه "شكل من أشكال التعسّف".

مواقف متباينة من الأحزاب

تتباين مواقف الأحزاب السياسية في ألمانيا بشأن شرط اجتياز اختبار اللغة الألمانية كمقدمة للمّ الشمل العائلي.
يرى حزب اليسار أن هذا الإجراء يشكل انتهاكًا لحق الحياة الأسرية، ويطالب بإلغائه بشكل تام. أما حزب الخضر، فيعتبر أن هذا الشرط يعكس سياسة معادية للاندماج ولا يراعي الظروف الصعبة التي يعيشها كثير من المتقدمين، خاصة في دول تعاني من أزمات إنسانية أو تعليمية.
من جهته، يشير الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى أن نظام الاندماج أظهر بعض النجاحات، مثل وصول ثلثي المشاركين إلى المستوى اللغوي "B1"، لكنه يقرّ أيضًا بوجود ثغرات تتطلب تحسينًا.
وعلى النقيض من هذه المواقف، يرى حزب البديل من أجل ألمانيا أن ارتفاع نسب الرسوب دليل على غياب ثقافة التعلم والإرادة لدى المهاجرين، ويعارض بشدة تمويل برامج يراها غير فعالة.

قصة ليندا الألمانية.. زواج عبر الزجاج

ليندا فِندت، طالبة ألمانية، تعيش قصة حب وزواج مع مورو ديوب من السنغال، لكن شرط اللغة يحول بينهما. أنفقا أكثر من 6 آلاف يورو على الدورات والدروس، دون أن يتمكن مورو من اجتياز الامتحان. نسبة الرسوب في السنغال تخطّت 75% عام 2021، ما يجعل الزواج، بالنسبة لكثيرين، حياة مؤجلة.
يقيم مورو حالياً في العاصمة داكار، ويتنقل لساعات طويلة أسبوعياً لحضور الدروس، ويدرس يومياً مع زوجته عبر مكالمات الفيديو. رغم تحسّن درجاته في كل محاولة، لم يبلغ بعد الحد الأدنى للنجاح.

الاندماج.. هل يبدأ قبل الوصول أم بعده؟

ترى الحكومة الألمانية أن اللغة مدخل للاندماج، وتشترط حصول الأزواج القادمين من دول خارج الاتحاد الأوروبي على شهادة "A1" قبل منح تأشيرة لم الشمل.
لكن باحثين مثل مريم غوتكونست يشككون في الهدف الحقيقي لهذا الإجراء، ويعتبرونه وسيلة فرز غير عادلة على حدود أوروبا.
في دراسة أجرتها حول سياسات لم الشمل، تشير غوتكونست، إلى أن شرط إتقان اللغة قبل دخول ألمانيا لا يهدف فقط إلى التهيئة للاندماج، بل يعمل كأداة فرز تستثني أولئك الذين يُعتبرون غير نافعِين ضمن المنظومة الألمانية.
بحسب غوتكونست، الخطاب الرسمي الذي يروج لفكرة "الاندماج المسبق" يخفي وراءه منطقًا انتقائيًا، يُقصي من لا يمتلكون المهارات أو الخلفية التعليمية المطلوبة.
وتوضح الدراسة أن هذا التكامل المفروض لا يقتصر على النقاش السياسي داخل ألمانيا والاتحاد الأوروبي، بل يتغلغل في عمل المؤسسات اليومية مثل معهد "غوته"، بل ويؤثر حتى على تصورات المهاجرين أنفسهم.
تُظهر حالات مثل سهام ومورو وآخرين أن من يُعتبرون غير مؤهلين لا يُمنحون فرصة للاندماج الحقيقي، بل يُمنعون من الوصول أساسًا.
تؤكد غوتكونست أن كشف هذا التناقض لا يكون إلا من خلال تحليل الخطابات السائدة وممارسات المؤسسات على الأرض، والتي كثيرًا ما تُخفي أهدافها الحقيقية وراء لغة الاندماج والدعم.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة