قنبلة B61-13 النووية الأميركية.. ضرورة عسكرية أم لعبة سياسية؟
في منشأة "بانتكس" بمدينة أماريلو شمال غرب ولاية تكساس، المدينة التي اشتهرت تاريخياً بكونها مركزا رئيسيا لإنتاج الأسلحة النووية خلال الحرب الباردة، أعلن وزير الطاقة الأميركي كريس رايت عن إنجاز تاريخي يتمثل في اكتمال تصنيع أول قنبلة نووية من طراز B61-13، أحدث نسخة ضمن سلسلة قنابل B61 التي تشكل العمود الفقري للردع الجوي الأميركي.
وقد تم تجميع أول وحدة من هذه القنبلة قبل الموعد المستهدف بحوالي عام، وفي أقل من عامين على انطلاق البرنامج، ما يجعل B61-13 واحدة من أسرع الأسلحة النووية تطويراً وإنتاجاً في التاريخ الحديث، وفق
بيان لوزارة الطاقة الأميركية.
وخلال كلمته أمام العلماء والمهندسين المشاركين في المشروع، قال رايت: "تحديث ترسانتنا النووية أمر ضروري لتحقيق أجندة الرئيس ترامب للسلام من خلال القوة. السرعة المذهلة في إنتاج B61-13 تعكس براعة فرقنا العلمية، وتؤكد إدراكنا لخطورة المرحلة التي تتطلب ردعاً حاسماً في عالم متقلب".
وتمثل القنبلة الجديدة تطوراً متقدماً في سلسلة B61 التي تُعد الأطول خدمة والأكثر تنوعاً في الترسانة النووية الأميركية، لكنها تختلف عن النسخ السابقة في أنها ستُستخدم فقط عبر قاذفات استراتيجية ومن قواعد داخل الأراضي الأميركية، مما يعزز دقتها وفاعليتها ضد أهداف عسكرية محصنة أو واسعة النطاق.
ما هي قنبلة B61-13؟ وما الذي يميزها؟
تنتمي قنبلة B61-13 إلى سلسلة قنابل B61، وهي سلسلة تُعتبر من أقدم وأكثر الأسلحة النووية الأميركية قابلية للتكيّف، حيث تعود نسختها الأولى إلى عام 1968، وفقا لموقع
Airforce Technology.
النسخة الجديدة هي قنبلة جاذبية تكتيكية تُلقى من الجو وتسقط نحو الهدف اعتماداً على الجاذبية، من دون أنظمة توجيه. وتتميز B61-13 بقدرتها على تغيير شدة الانفجار، حيث تتراوح طاقتها التفجيرية بين 10 و360 كيلوطناً، مما يمنح الرئيس الأميركي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، مرونة أكبر في تحديد مستوى القوة المناسبة بحسب طبيعة الهدف، وفقًا لما ورد في
بيان وزارة الطاقة.
وتعتمد B61-13 على التحديثات الأمنية والتقنية التي طُبقت على النسخة السابقة B61-12، لكنها مخصصة للتعامل مع أهداف "ضخمة ومتحصنة تحت الأض"، ويتم إسقاطها حصرياً من القاذفات الاستراتيجية الحديثة مثل B-21 الشبحية، ضمن خطة تحديث القدرات النووية الأميركية الجوية.
تُعد القنبلة B61-13 من أقوى الأسلحة النووية الأميركية الحديثة، إذ تبلغ قوتها التدميرية القصوى 360 ألف طن، أي ما يعادل نحو 24 ضعف قوة قنبلة "ليتل بوي" التي أُلقيت على هيروشيما عام 1945 والتي بلغت 15 ألف طن فقط، وفقاً لما ذكرته المنظمة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية.
تمتلك الولايات المتحدة ثاني أكبر ترسانة نووية في العالم، تُقدَّر بحوالى 5200 رأس نووي، وتضم بعضاً من أقوى الأسلحة مثل القنبلة B83-1 ذات القدرة التدميرية من فئة الميغاطن، والرأس الحربي W88 المحمول على صواريخ باليستية تُطلق من الغواصات، إضافة إلى القنبلة الدقيقة B61-12. ورغم هذا التنوع والوفرة، قررت واشنطن تطوير قنبلة جديدة: B61-13 للأسباب التالية:
- أولا: الاعتبارات السياسية، إذ لا يرتبط قرار بناء B61-13 بحاجات عسكرية مباشرة، بل هو جزء من صفقة سياسية بين البيت الأبيض والكونغرس بحسب اتحاد العلماء الأميركيين.
كانت هذه القنبلة قد تقرر إخراجها في عهد أوباما، غير أن إدارة ترامب الأولى أعادت تفعيلها. وفي عهد بايدن حدث انقسام سياسي بين الإدارة الراغبة في إزالتها وأعضاء في الكونغرس الذين رفضوا ذلك، وتم الاتفاق على تطوير B61-13 مقابل إزالة القنبلة B83-1 كحل وسط.
- ثانيا: توفير مرونة تشغيلية أكبر، إذ تتيح B61-13 تعديل قوة تفجيرها لتناسب أهدافاً متنوّعة، مع دقة أعلى في إصابة المنشآت المحصّنة أو المدفونة.
- ثالثا: الحفاظ على الريادة التكنولوجية، فبينما تُسرّع روسيا والصين في تحديث قدراتهما النووية، تسعى واشنطن لضمان عدم تآكل تفوقها.
- رابعا: تعزيز السلامة والأمان، إذ إن القنبلة الجديدة تتمتع بتقنيات متقدمة في الحماية والتخزين والنقل مقارنة بالقنابل القديمة.
- خامسا: يُمثّل هذا المشروع جزءاً من استراتيجية الردع الأميركية الشاملة، إذ يمنح القادة العسكريين خيارات أكثر تنوعًا لمواجهة التهديدات دون اللجوء إلى الأسلحة النووية الاستراتيجية ذات الدمار الشامل.