سياسة

صراع على العقول.. هل تواجه فرنسا "الإخوان" بتدريس "العربية"؟

نشر
blinx
في خضم الجدل المتنامي حول نفوذ تنظيم "الإخوان" في فرنسا، طرح التقرير الذي كشفت عنه صحيفة لوفيغارو توصيةً بتعزيز تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية كبديل عن تدريسها في الكتاتيب والمساجد، باعتبار ذلك خطوة للحد من التطرف ومنع هذه الجماعات من احتكار تعليم اللغة.
لكن هذه الدعوة لم تلقَ إجماعاً حكومياً، إذ سارع وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى التأكيد بأن "الأولوية يجب أن تبقى للغة الفرنسية"، وفقا لما نقله موقع Charente Libre، في موقف يعكس تمسك الدولة بجعل اللغة الوطنية في صدارة السياسة اللغوية والتربوية.

تعليم اللغة العربية في فرنسا

رغم أنّ اللغة العربية تُعدّ ثاني أكثر اللغات تحدثا في فرنسا، حيث يتحدث بها ما بين 3 إلى 4 ملايين شخص، إلا أنها لا تُدرّس إلا في 3% فقط من المدارس الإعدادية والثانوية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة لوباريزيان.
ووفق بيانات وزارة التربية الوطنية التي كشفت عنها Le Figaro Etudiant، يبلغ عدد الطلاب الذين يتعلمون العربية في المدارس الحكومية حالياً 18 ألفا و790 طالباً موزعين على 410 مؤسسات تعليمية، رغم تزايد الطلب بشكل ملحوظ.
تعليقاً على هذه القضية، قالت كاثرين بينون، أستاذة اللغة العربية في مرسيليا لصحيفة لوباريزيان: "رغم كل الخطابات الرسمية حول تعزيز تعليم اللغة، لا يزال تعليم العربية في الهامش وكأن المجتمع لا يريد رؤيتها"، مضيفة أنها تناضل من أجل اعتبار العربية لغة أجنبية كباقي اللغات، لا مجرد أداة وظيفية لمحاربة التطرف.
من جهته، يقول محمد عطوي، وهو مدرّس لغة عربية في المدارس الثانوية والصفوف التحضيرية في ستراسبورغ لفرانس برس: "رغم الطلب القوي، لم يبلغ يوما تدريس اللغة العربية مستويات متقدمة" في فرنسا.
العقبات في هذا المسار ليست تعليمية فقط، بل سياسية أيضاً. فقد حاول عدد من وزراء التعليم إدخال إصلاحات بهذا الاتجاه، مثل نجاة فالو بلقاسم وجان-ميشيل بلانكير، إلا أن هذه المحاولات قوبلت بهجوم لاذع من اليمين واليمين المتطرف، واتهماهما بمحاولة "فرض" العربية على المدارس الابتدائية، وتهميش اللغة الفرنسية، حسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة لوموند عام 2016.

جهود متفرقة لتوسيع تعليم العربية داخل المدارس

ورغم هذه الصعوبات، تشير وزارة التعليم إلى بعض التقدّم، إذ تم مؤخراً إدراج 161 طالباً في مسارات "أوروبية ولغات شرقية"، و1,220 طالباً في 25 قسماً دولياً خاصاً باللغة العربية، بالإضافة إلى تجربة شهادة كفاءة في اللغة العربية، المعروفة بـ CIMA، لطلاب المرحلة النهائية.
تُدرّس اللغة العربية أيضا في بعض المدارس الابتدائية من خلال برامج اللغات الأجنبية الدولية (Eile)، وهي دورات اختيارية تُضاف إلى الحصص الدراسية الاعتيادية، مع معلمين من الدول الشريكة، مثل المغرب والجزائر وتونس، لتعليم اللغة العربية.

التقرير الذي ربط تعليم العربية بالتجنيد الديني

جدل ربط تعليم اللغة بالتجنيد السياسي ليس وليد اليوم. ففي عام 2018، أصدر معهد مونتين تقريراً بعنوان "صناعة الإسلاموية" يدعو إلى "إعادة إطلاق تعليم اللغة العربية"، معتبراً أنّ جماعات الإسلام السياسي استغلت دورات تعليم العربية كوسيلة "لاستقطاب الشباب إلى المساجد والمدارس التابعة لهم".
في ذلك الوقت، تعهّد وزير التعليم الأسبق بإدخال اللغة العربية إلى المدارس الحكومية من أجل سحب البساط من تحت أقدام الجماعات الدينية، لكنه تعرض لهجوم عنيف، خاصة من التيارات اليمينية، التي رأت في مبادرته محاولة "لإقحام الإسلاموية في المدارس".
وبدلاً من تطوير هذا التوجه، بقي عدد مدرّسي اللغة العربية في فرنسا منخفضاً، يضم 222 أستاذاً فقط، بينهم 79 يعملون بعقود مؤقتة. وفي عام 2024، لم يتم فتح سوى 12 منصباً لتوظيف أساتذة جدد في هذه المادة، ما يعكس استمرار الإهمال الهيكلي لثاني لغة محكية في فرنسا وجميع الدولة الأوروبية.
ويعتقد جيروم فورنييه، من نقابة SE Unsa أنه "قياسا على الطلب الموجود لدى العائلات، يُرجّح أن تعليم الغة العربية غير مُقدّم بالشكل الكافي"، مشيرا إلى "غياب أي إرادة وزارية لتطويره".
ترى صوفي فينيتيتاي، الأمينة العامة لاتحاد طلاب المدارس الثانوية (Snes-FSU)، وهو الاتحاد الرئيسي للتعليم الثانوي (المدارس الإعدادية والثانوية)، أن "هذا التعليم لا يحظى بوضوح بالأهمية اللازمة". وتعتقد أن "هذه مشكلة اليوم، لا بل ثمة خلل في نظام التعليم الوطني".

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة