فوضى في إدارة ترامب.. والمستفيد "عقوبات طهران"
في تطور لافت، وجّهت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، تعليمات إلى وكالات حكومية بوقف جميع الأنشطة المتعلقة بفرض عقوبات جديدة على إيران، ما يعكس تحولاً مفاجئاً في سياسة "الضغط الأقصى" التي كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تبناها.
حضّت إيران الولايات المتحدة الاثنين على تقديم "ضمانات" بشأن رفع العقوبات التي تخنق اقتصاد البلاد، عقب اقتراح أميركي بشأن اتفاق نووي محتمل.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في مؤتمر صحافي أسبوعي في طهران "نريد ضمانات بشأن رفع العقوبات"، مضيفا "حتى الآن، لم يرغب الطرف الأميركي في توضيح هذه المسألة".
وأتت تصريحاته غداة تقرير صادر عن الأمم المتحدة يظهر أن طهران كثفت إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب.
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأحد بأن إيران سرعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري، قبل أسبوع من اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا.
القرار الذي صدر الأسبوع الماضي لم يأتِ من مجلس الأمن القومي أو وزارة الخزانة، كما هو معتاد، بل من مكتب المتحدثة باسم البيت الأبيض، ما أثار تساؤلات داخل الأوساط السياسية في واشنطن، بحسب
صحيفة وول ستريت جورنال.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن مجلس الأمن القومي يعاني حالياً من حالة "فوضى تنظيمية"، بعدما تم وضع أكثر من 100 موظف في إجازة إدارية، في ظل غياب تنسيق واضح بين وزارة الخارجية ومكتب نائب الرئيس، وسط تقارير عن تفكك فريق الاتصالات في المجلس.
وجاءت التعليمات بتجميد النشاط المتعلق بالعقوبات بعد أيام فقط من عرقلة إدراج جديد في قائمة العقوبات من قبل وزارة الخزانة. ومنذ ذلك الحين، تعطلت على الأقل حالتان إضافيتان كان من المقرر تنفيذهما. ولم تُعلن واشنطن عن أي عقوبات جديدة تجاه إيران منذ 21 مايو، ما يعزز الانطباع بأن هناك وقفاً شاملاً غير معلن، ومن دون تحديد إطار زمني.
ورداً على استفسار بشأن هذا التجميد، لم ينفِ البيت الأبيض الأمر، بل أصدر بياناً مقتضباً على لسان نائبة المتحدثة آنا كيلي، جاء فيه: "أي قرارات جديدة بشأن العقوبات سيتم الإعلان عنها من قبل البيت الأبيض أو الجهات المعنية داخل الإدارة".
تفسيرات متضاربة داخل الإدارة
داخل فريق ترامب، تتباين التفسيرات حول ما يجري. بعض المسؤولين يرون أن القرار لا يتعدى كونه إجراءً احترازياً لفرملة وتدقيق أي تحركات جديدة، خصوصاً في ظل المحادثات النووية الحساسة. لكن آخرين يرون أن هناك "فجوة في التواصل" داخل الإدارة، وأن التجميد فُهم بشكل مفرط أو تم اتخاذه من دون تنسيق شامل.
الارتباك يتعدى أصل القرار ليطال أيضاً نطاقه، إذ لم يتضح ما إذا كان يشمل فقط العقوبات الجديدة، أم يمتد إلى تنفيذ العقوبات القائمة. ورغم أن القيود الكبرى مثل تجميد الأموال الإيرانية وحظر صادرات النفط يُفترض أن تبقى سارية، إلا أن الحاجة إلى توجيهات إضافية تبدو ملحّة.
القلق الأكبر داخل إدارة ترامب يتمثل في أن خفض الضغط الآن قد يقوّض النفوذ الأميركي في التفاوض مع طهران. فالعقوبات الأخيرة بدأت بالفعل تؤثر على صادرات إيران النفطية، خاصة إلى الصين، وكانت تشكّل أداة ضغط فعّالة لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات بشروط واضحة.
لكن بعض المحللين يرون أن طهران، وكما درجت العادة، تستخدم المفاوضات لشراء الوقت والتخفيف من الضغوط، من دون تقديم تنازلات حقيقية. ويعزّز هذا الانطباع ما ورد في تقارير جديدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي كشفت أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة عالية، مع الاستمرار في تضليل المفتشين بشأن طبيعة أنشطتها النووية.