من حفل الزفاف إلى "الأسد الصاعد".. عملية إسرائيل تبدأ بخداع إيران
في الأسبوع الذي سبق أكثر الضربات الإسرائيلية جرأة ضد إيران، بدا المشهد في تل أبيب منشغلا بأمور داخلية.
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوازن بين مواجهة المعارضة التي حاولت حلّ الكنيست، والتحضيرات لحفل زفاف ابنه الأصغر، أفنير نتنياهو، الذي استُخدم كذريعة لإصدار تعليمات أمنية غير معتادة، شملت فرض قيود على المجال الجوي في محيط مكان الاحتفال.
لكن خلف الكواليس، كانت كلّ هذه المشاهد جزءاً من "الخداع الكامل"، كما وصفته صحيفة
إسرائيل هيوم، حيث استُخدمت المناسبات الشخصية والاضطرابات السياسية غطاءً لإخفاء خطة معقّدة لم تفلح طهران في رصدها.
في تلك الأجواء، توجّه نتنياهو مساء الخميس إلى حائط البراق، ودسّ ورقة بين شقوقه كتب فيها اقتباساً من الإصحاح الرابع والعشرين من
سفر العدد: "هوذا الشعب يقوم كلبوة ويرتفع كأسد، لا يضطجع حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى".
لم تكن الورقة دعاءً، بل إعلاناً مشفّراً عن عملية "الأسد الصاعد" التي ستبدأ خلال ساعات.
ولم يُفصح عن فحواها إلا صباح الجمعة، حين كشف تقرير نشرته صحيفة
جيروزاليم بوست أن الآية كانت مصدر إلهام لاسم العملية.. فكيف حضرت إسرائيل لعملية "الأسد الصاعد"؟
جمع المعلومات الاستخباراتية
على مدار سنوات، عملت إسرائيل على اختراق البنية الأمنية والعسكرية الإيرانية. نُفّذت عمليات تجسس واسعة شملت رصداً وتحليلاً دقيقاً لتحركات كبار المسؤولين الإيرانيين والعلماء النوويين، الذين تم استهداف بعضهم، حسب تقرير نشرته صحيفة
إسرائيل هيوم.
تعاون جهاز الموساد مع وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي وشركات دفاعية لتنفيذ عمليات تخريب سرية داخل إيران، ركزت على البنية التحتية للصواريخ والدفاعات الجوية.
تطلب هذا التنسيق تخطيطاً دقيقاً وتكنولوجيا متقدمة، بالإضافة إلى نشر قوات كوماندوس في طهران ومناطق أخرى داخل البلاد من دون أن تكتشفهم أجهزة الأمن الإيرانية.
نجح الموساد في زرع أنظمة قتالية متقدمة داخل إيران، تم توجيهها بدقة نحو أهدافها، مما مهد لعملية "الأسد الصاعد".
مراحل تنفيذ عملية "الأسد الصاعد"
يشير تقرير صحيفة
إسرائيل هيوم إلى أن العملية تكوّنت من ٣ مراحل رئيسية:
- المرحلة الأولى: نشرت وحدات الكوماندوس أنظمة تسليح دقيقة في مناطق مفتوحة قرب منصات دفاع جوي إيرانية. وعند انطلاق الهجوم الجوي الإسرائيلي، تلقت هذه الأنظمة إشارات تشغيل، وأطلقت صواريخها بدقة عالية نحو أهداف محددة.
- المرحلة الثانية: نفّذ الموساد عمليات سرية لنشر تقنيات هجومية متقدمة على منصات متحركة بهدف تحييد الدفاعات الجوية الإيرانية. وخلال الضربة، تم تدمير هذه المنصات بالكامل.
- المرحلة الثالثة: عبر شبكة من العملاء، أنشأ الموساد مواقع لإطلاق طائرات مسيّرة مفخخة داخل إيران قبل أسابيع من الهجوم. وخلال العملية، هاجمت هذه المسيّرات منصات صواريخ أرض-أرض في قاعدة "إسفجاباد" قرب طهران.
بدأت الغارات الجوية الإسرائيلية في صباح 13 يونيو، واستهدفت منشآت حيوية في البرنامج النووي الإيراني وقيادات في النظام. من أبرز المواقع التي حددها موقع
معهد دراسات الحرب:
مجمع نطنز لتخصيب اليورانيوم في أصفهان، شارع نوبنياد، حي لويزان، برج جهان کودک، أحياء فرحزاد، أمير آباد، اندرزغو، شارع لنغري، شارع باتريس لومومبا، ومجمع أساتيد سرو في طهران.
كما تم اغتيال عدد من القادة، من بينهم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، محمد باقري، قائد الحرس الثوري، حسين سلامي، قائد مقر "خاتم الأنبياء"، غلام علي رشيد، العالم النووي فريدون عباسي، الفيزيائي محمد مهدي طهرانجي، رئيس جامعة "آزاد الإسلامية"، المستشار الأمني البارز علي شمخاني الذي أصيب بجراح خطيرة.
الرسالة الإسرائيلية إلى إيران
بررت إسرائيل العملية بالقول إن إيران كانت على وشك استكمال تصنيع سلاح نووي، في وقت تراجعت الثقة بالمفاوضات الجارية مع واشنطن، والتي بات من المرجح إلغاؤها، حسب موقع
The Aviationist.
نقلت صحيفة
لوفيغارو الفرنسية أنّ الرسالة الإسرائيلية واضحة: إسرائيل قادرة على اغتيال قيادات الصفين الثاني والثالث في النظام، و"كسر عمود النظام الفقري".
ولم يتأخر الردّ الإيراني، إذ أعلن اللواء عبد الرحيم موسوي أنّه تلقى تعليمات من المرشد الأعلى بالرد، وقد رُصد بالفعل انطلاق نحو 100 طائرة مسيّرة مفخخة باتجاه إسرائيل.