"مصير صدام".. عنوان قديم يعود في مواجهة إيران وإسرائيل
في تصعيد لافت، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، المرشد الإيراني، علي خامنئي، من أنه قد يلقى مصيراً مشابهاً لمصير الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي أُطيح به عام 2003 وأُعدم لاحقاً.
وقال كاتس، في لقاء جمعه بقيادات أمنية وعسكرية، إنّ خامنئي يخاطر بأن يلقى نفس مصير "الدكتاتور في الدولة المجاورة لإيران" إذا ما استمر في إطلاق الصواريخ على المدنيين الإسرائيليين وارتكاب ما وصفه بجرائم الحرب، حسب تعبيره.
واستشهد كاتس بسوابق صدام حسين، الذي أطلق صواريخ على إسرائيل، واتُهم حينها بمحاولة تطوير برنامج نووي سري.
في هذا السياق، كشفت صحيفة
فايننشال تايمز في تقرير نشرته الثلاثاء 16 يونيو أنّ إيران تواجه اليوم أقسى اختبار لبقائها منذ الحرب العراقية الإيرانية، إذ إنّ الضربات الإسرائيلية الأخيرة شكّلت صدمة استراتيجية، ليس فقط في حجمها ونوعها، بل في ما كشفته من اختراقات في البنية العسكرية والأمنية الإيرانية، بعدما أعلنت تل أبيب أنّ طائراتها تسيطر بالكامل على الأجواء فوق طهران.
عقب هجوم "الأسد الصاعد" الذي شنته تل أبيب على طهران واستهدف قيادات من الصف الأول في الحرس الثوري، اضطرت إيران إلى التخلي عن حذرها السابق بالنأي عن النفس، واعتماد تكتيكات هجومية مباشرة، شملت إطلاق صواريخ باليستية على تل أبيب وحيفا، وضرب مصافي نفط، بل وابتكار وسائل هجومية جديدة.
وذكرت صحيفة
ذي إيكونوميست أنّ إيران قد تلجأ إلى استخدام أسلحة غير تقليدية مثل "القنبلة القذرة" أو عرض سلاح نووي بدائي لردع إسرائيل وإجبارها على وقف العمليات.
خسائر متبادلة.. وإنذارات استراتيجية
تكبد الطرفان خسائر جسيمة في الأيام الأولى من التصعيد. فقد نفّذت إسرائيل سلسلة من الضربات التي وصفت بأنها من بين الأكثر دقة وجرأة، مستهدفة منشآت نووية إيرانية في نطنز ومقرات عسكرية واستخباراتية أدت إلى مقتل 17 من كبار قادة الحرس الثوري خلال ساعات، وفقاً لصحيفة فايننشال تايمز.
كما ألحقت الغارات أضراراً جسيمة بمراكز القيادة والسيطرة ومجمعات إنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة. ونقلت إذاعة
مونت كارلو الدولية عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي دفرين، أن نحو 200 طائرة مقاتلة شاركت في تنفيذ الهجوم الذي طال أكثر من 100 هدف داخل إيران، بما في ذلك منشآت استراتيجية في طهران ومدن أخرى مثل نطنز وتبريز وأراك وخنداب وأصفهان وكرمنشاه وبروجرد.
في المقابل، لم يكن الرد الإيراني أقل وقعا، إذ اخترقت صواريخ إيرانية متعددة منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، بما في ذلك القبة الحديدية ومقلاع داوود، وصولاً إلى مجمع وزارة الدفاع في تل أبيب، بحسب ما أوردته ذي إيكونوميست.
وأعلن الحرس الثوري أنه استخدم تقنية هجومية جديدة سببت تداخل أنظمة الدفاع الإسرائيلية بعضها ببعض، ما سمح للموجة الصاروخية باختراق جميع طبقات الدفاع.
أهداف نتنياهو المتغيرة.. وإمكانية سقوط الحكم
رغم أن المسؤولين الإسرائيليين لم يعلنوا مباشرة عن رغبتهم في تغيير الحكم في إيران، وفقا لصحيفة
يديعوت أحرنوت، إلّا أن استهداف القادة السياسيين والعسكريين يوحي بأنّ زعزعة استقرار الحكم قد تكون هدفاً ضمنياً.
ونقلت رويترز أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب منع خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد علي خامنئي.
ومع ذلك، فإنّ كثيراً من المحللين يرون في هذا الرهان مجازفة كبيرة. فالنظام الإيراني، كما تشير فايننشال تايمز، واجه ضغوطاً هائلة عبر العقود، من الحرب مع العراق إلى العقوبات والعزلة، ومع ذلك لم يسقط، بل عزز مناعته العسكرية والسياسية.
ونقلت الصحيفة عن محمد عتريانفر، السياسي الإصلاحي، أنّ غياب بديل حقيقي للحكم الحالي هو السبب الأهم في بقائه، موضحا أن المعارضة في الداخل غير منظمة، والمعارضة في الخارج لا تحظى بالشعبية. ويضيف علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية أنّ الصراع الحالي قد يضعف النظام لكنه لن يسقطه، قائلاً: "إنه أقرب إلى العراق 1991 وليس العراق 2003".
مع تفاقم الهجمات الإسرائيلية، تحوّلت الأولوية لدى كثير من الإيرانيين من المطالب الاقتصادية والسياسية إلى قضايا الأمن القومي. فحتى المنتقدين للنظام بدأوا يعيدون النظر في مواقفهم، وسط غياب قيادة معارضة واضحة.
وقالت فايننشال تايمز إنّ هناك انقساماً عميقاً بين الحاكمين والمحكومين، لكن التاريخ الإيراني يشهد بأنّ التهديد الخارجي يوحّد الصفوف، لا العكس.
في ظل التوتر بين إيران وإسرائيل، دعا نتنياهو الشعب الإيراني للانتفاض، في حملة إعلامية حملت رموزاً ما قبل الثورة الإسلامية، غير أن الاستجابة ظلت محدودة، وفقا لتقرير آخر ل
فايننشال تايمز. على الأرض، خرجت تظاهرات مؤيدة في بعض المدن، وشارك الناس في احتفالات دينية، وكأن شيئاً لم يحدث. لكن بالمقابل، رُصدت مظاهر احتفال بمقتل جنرالات من الحرس، خاصة ممن تورطوا في قمع احتجاجات 2022.
نهاية الحرب أم نهاية الهيمنة؟
علق الإعلامي تاكر كارلسون على تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية قائلاً إنّ تورط الولايات المتحدة في حرب إقليمية مع إيران قد يؤدي إلى نهاية رئاسة ترامب وربما نهاية "الإمبراطورية الأميركية"، محذراً من الانجرار إلى حرب شاملة قد لا يكون الجيش الأميركي مستعداً لها.
كما أشار خبير الاقتصاد الأميركي، جيفري ساكس، في
مقال له إلى أنّ ما يحدث يُعيد للأذهان ما كشفه القائد الأعلى السابق لحلف الناتو، الجنرال ويسلي كلارك، الذي قال إنّ الولايات المتحدة كانت تخطط بعد هجمات 11 سبتمبر لـ"تدمير حكومات سبع دول خلال خمس سنوات"، وهي العراق وسوريا ولبنان وليبيا والصومال والسودان وإيران.
وكان نتنياهو من أبرز المروجين لهذه الحروب، لاسيما غزو العراق عام 2003، إذ أدلى بشهادته أمام الكونغرس الأميركي قائلاً: "إذا أزلتم صدام ونظامه، أضمن لكم أن ذلك سيكون له ارتدادات إيجابية هائلة على المنطقة"، مضيفاً أنّ "الناس في إيران، خصوصاً الشباب، سيقولون إنّ زمن الأنظمة الاستبدادية قد ولّى". كما زعم أمام المشرعين أنّه "لا يوجد أدنى شك في أنّ صدام يسعى ويمضي قدماً نحو تطوير أسلحة نووية"، وهي ادعاءات ثبت لاحقاً زيفها.