زهران ممداني.. وعد باعتقال نتنياهو فتصدر انتخابات نيويورك

في خطوة أثارت صدمة سياسية وإعلامية داخل الولايات المتحدة، تصدّر النائب الديمقراطي الاشتراكي زهران ممداني، الذي توعّد علنًا باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حال زيارته لنيويورك، نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لمنصب عمدة المدينة.

جمع المرشح، الذي يبلغ من العمر 33 عاما، 43.5% من أصوات الخيار الأول، متقدّمًا على الحاكم السابق أندرو كومو الذي حصل على 36.4%، وذلك بعد فرز نحو 95% من الأصوات، في مدينة تُعدّ موطنًا لأكبر جالية يهودية خارج إسرائيل.

ورغم عدم إعلان النتائج النهائية بعد بسبب نظام التصويت التفضيلي المعتمد في المدينة، فقد اعترف نظيره كومو بهزيمته قائلاً: "هذه الليلة ليست ليلتنا، بل ليلة النائب ممداني، لقد قدّم حملة ذكية وقوية ويستحق الفوز".

ينتمي ممداني إلى جناح "الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا"، وهو حزب يساري معروف بدعمه الصريح للقضية الفلسطينية ومعارضته الشديدة لإسرائيل.

وفي حال فوزه في الانتخابات العامة المقرّرة في نوفمبر، سيُصبح أول عمدة مسلم، وأول عمدة من أصول جنوب آسيوية، وأول "ميلينيال" يقود مدينة نيويورك، وأول مسؤول ينتسب إلى الحزب الاشتراكي في هذا المنصب منذ عام 1993.

وقد حظي ممداني بدعم واسع بين الشباب والناخبين التقدميين، بفضل تواصله الإعلامي الذكي واقتراحاته الجريئة كالنقل المجاني بالحافلات، وتجميد الإيجارات، وإنشاء متاجر تموين حكومية، وفقا لما وعد به الناخبين على موقعه الرسمي.

ويرى محللون أنّ هذا الفوز الأولي يشكّل انحرافاً واضحاً عن التيار الوسطي الديمقراطي التقليدي، ويعكس رغبة متزايدة بين الناخبين في تبنّي سياسات جذرية تُعالج أزمات تكاليف المعيشة والعدالة الاجتماعية، وفقا لموقع The Jewish Press.

يُعرف ممداني، وهو عضو الجمعية التشريعية عن كوينز، بمواقفه المناهضة لإسرائيل، ويؤكد أنّ القضية الفلسطينية كانت دافعه الرئيسي لدخول السياسة.

خلال مناظرة انتخابية جرت يوم الأحد 8 يونيو في كنيس "بني يشورون"، أعلن أنه سيسعى لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حال زيارته للمدينة، مستنداً إلى مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية، حسب موقع i24 News. وقد أثارت هذه التصريحات عاصفة من الجدل، لاسيما أنّ المناظرة كانت بتنظيم مشترك من منظمة "الأجندة اليهودية في نيويورك" وجمعت سبعة مرشحين ديمقراطيين.

واتّهم رجل الأعمال ويتني تيلسون ممداني بالتحريض على احتجاجات معادية للسامية ومعادية لإسرائيل، وردّ الأخير بالاستشهاد بكلمات الناشط الإسرائيلي نوي كاتسمان، الذي قُتل شقيقه في هجوم 7 أكتوبر، قائلاً إنّ "كل حياة، سواء كانت إسرائيلية أو فلسطينية، يهودية أو عربية، ثمينة بالقدر ذاته". كما استند إلى تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، وصف فيها عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة بأنها "حرب تدمير غير مقيّدة ووحشية وإجرامية بحق المدنيين"، وفقا لـ i24News.

أكّد ممداني في أكثر من مناسبة أنّ مذكرة التوقيف الصادرة بحق نتنياهو من المحكمة الجنائية الدولية تستدعي التحرك، رغم أن المحكمة لا تملك صلاحية قضائية في الولايات المتحدة، وأن التعاون معها يُعدّ غير قانوني بموجب القانون الفيدرالي الأميركي.

في افتتاحية مطوّلة حملت عنوان "نصيحتنا للناخبين في سباق مقلق على رئاسة بلدية نيويورك"، حذّرت صحيفة نيويورك تايمز بشدّة من منح أصوات الناخبين لزورهان ممداني، مؤكدة أن ترشّحه يُمثّل خطراً على مستقبل المدينة.

واعتبرت الصحيفة أنّ ممداني، رغم "كاريزميته" وحملته التي وُصفت بـ"المرحة" والمليئة بمقاطع الفيديو المنتشرة على نطاق واسع، يطرح "أجندة غير مناسبة تمامًا لتحدّيات نيويورك".

ورأت الصحيفة أنّ ممداني يُقلّل من شأن الفوضى التي شهدتها المدينة في العقد الماضي، ولا يُولي أهمية كافية لمعاناة الطبقات العاملة والفقيرة التي كانت الأكثر تضررًا من تراجع الأمن والخدمات.

كما انتقدت اقتراحاته الاقتصادية بشدة، خاصة دعوته إلى تجميد الإيجارات التي قد تضر بالمعروض السكني، وخطته غير الواقعية لإدارة متاجر تموين حكومية، معتبرةً أنها "تفترض أنّ الخدمة العامة تبرع في البيع بالتجزئة"، وهو أمر "يثير السخرية" في نظرها.

كما وصفت الصحيفة ممداني بأنّه "الأقل خبرة ربما بين جميع من ترشحوا لرئاسة بلدية نيويورك في تاريخها الحديث"، مشيرة إلى أنّه لم يُدِر أي مؤسسة حكومية أو خاصة من قبل، وأنّه أخفق حتى في تمرير واحدة من أبرز أولوياته التشريعية، وهي توسيع برنامج تجريبي للنقل المجاني بالحافلات، بسبب ما سمّته "احتجاجًا استعراضيًا أجهض المبادرة".

وفي ختام تقييمها، خلصت هيئة التحرير إلى القول بشكل حاسم: "لا نعتقد أن السيد ممداني يستحق مكاناً على بطاقات الاقتراع الخاصة بالناخبين في نيويورك".