إسرائيل ترسم خريطة جديدة لغزة.. "مدينة خيام" على أنقاض رفح
استبق يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي لقاء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض الإثنين، بالإعلان عن وضع خطط لإجبار جميع الفلسطينيين في غزة على العيش في مخيم على أنقاض رفح، في مخطط وصفه خبراء قانونيون وأكاديميون بأنه جريمة ضد الإنسانية.
وخلال مؤتمرهما الصحفي، أعاد المسؤولان شبح تهجير الفلسطينيين إلى دائرة الضوء مجددا عندما سُئل ترامب عن تهجير سكان القطاع المدمر، فرد قائلا إن الدول المحيطة بإسرائيل تقدم المساعدة. وأضاف "نحظى بتعاون كبير من ... الدول المحيطة... لذا سيحدث أمر جيد".
وقال نتنياهو نفسه إن إسرائيل تعمل مع واشنطن للعثور على دول أخرى توافق على مثل هذه الخطة، فما المصير الذي ينتظر الفلسطينيين مع استمرار الحرب في غزة؟
كاتس و"مدينة إنسانية" على أنقاض مدينة رفح
وفقا لتقرير لصحيفة الغارديان، فقد وضع وزير الدفاع الإسرائيلي خططًا لإجبار جميع الفلسطينيين في غزة على العيش في مخيم على أنقاض رفح، في مخطط وصف بأنه مخطط لجرائم ضد الإنسانية.
ونقلت صحيفة هآرتس أن كاتس أمر الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لإنشاء مخيم، ووصفه بـ"مدينة إنسانية".
وقال كاتس في تصريح للصحف الإسرائيلية إن الفلسطينيين سيخضعون "لفحص أمني قبل الدخول، ولن يُسمح لهم بالمغادرة بعد دخولهم".
وستسيطر القوات الإسرائيلية على محيط الموقع و"تنقل" في البداية 600 ألف فلسطيني إلى المنطقة، معظمهم من النازحين حاليًا في منطقة المواصي، بحسب المخطط الإسرائيلي.
في نهاية المطاف، سيتم إيواء جميع سكان غزة هناك، وتسعى إسرائيل إلى تنفيذ "خطة الهجرة، وهو ما سيحدث"، وفقا لما نقلته صحيفة هآرتس عن كاتس.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن العمل على "المدينة الإنسانية" قد يبدأ خلال وقف إطلاق النار. وأضاف أن نتنياهو يقود جهودًا لإيجاد دول مستعدة لاستقبال الفلسطينيين.
وذكرت رويترز يوم الاثنين أن خطط بناء مخيمات تُسمى "مناطق عبور إنسانية"، لإيواء الفلسطينيين داخل غزة وربما خارجها، عُرضت سابقًا على إدارة ترامب ونوقشت في البيت الأبيض.
إسرائيل تروج للترحيل على أنه مشروع أميركي
منذ أن اقترح دونالد ترامب في يناير بعد تنصيبه رئيسا بأيام أن يغادر عدد كبير من الفلسطينيين غزة "لتطهير" القطاع، روّج سياسيون إسرائيليون، بمن فيهم نتنياهو، بحماس للترحيل القسري، وكثيراً ما قدموه على أنه مشروع أميركي.
وقوبلت الخطة بتنديد عالمي، وقال الفلسطينيون والدول العربية وخبراء حقوق الإنسان إنها تصل إلى حد "التطهير العرقي".
وفي مارس، اعتمد القادة العرب خطة مصرية لإعادة الإعمار كلفتها 53 مليار دولار، والتي من شأنها تجنب تهجير الفلسطينيين من غزة، ورفضها ترامب وإسرائيل آنذاك.
وأمس الإثنين عند استضافة ترامب لنتنياهو في البيت الأبيض، قال الرئيس الأميركي عندما سئل عن تهجير الفلسطينيين، إن الدول المحيطة بإسرائيل تقدم المساعدة. وأضاف "نحظى بتعاون كبير من ... الدول المحيطة... لذا سيحدث أمر جيد".
وقال نتنياهو نفسه إن إسرائيل تعمل مع واشنطن للعثور على دول أخرى توافق على مثل هذه الخطة.
وأضاف "إذا أراد الناس البقاء، فبإمكانهم ذلك، ولكن إذا أرادوا المغادرة، فيجب أن يتمكنوا منها". وأردف "نعمل مع الولايات المتحدة عن كثب لإيجاد دول تسعى لتحقيق ما تقوله دائما، وهي أنها تريد منح الفلسطينيين مستقبلا أفضل. أعتقد أننا نقترب من العثور على دول عدة".
وتدعم واشنطن منذ فترة طويلة حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين لإنشاء دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلتين إلى جانب إسرائيل. وعندما سُئل ترامب عما إذا كان هذا الحل ممكنا، قال "لا أعرف" وأحال السؤال إلى نتنياهو.
ورد نتنياهو بالقول "أعتقد أن الفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بجميع الصلاحيات لحكم أنفسهم، ولكن دون أن تمنح لهم أي من الصلاحيات من شأنها أن تهددنا. هذا يعني أن السلطة السيادية، مثل الأمن الشامل، ستبقى دائما في أيدينا".
خطة كاتس انتهاك للقانون الدولي
قال مايكل سفارد، أحد أبرز محامي حقوق الإنسان في إسرائيل، إن خطة كاتس تنتهك القانون الدولي. كما أنها تتناقض بشكل مباشر مع مزاعم صدرت قبل ساعات من مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي قال في رسالة إن الفلسطينيين نزحوا داخل غزة فقط من أجل حمايتهم.
وقال سفارد: "لقد وضع (كاتس) خطة عملية لجريمة ضد الإنسانية. إنها ليست أقل من ذلك". الأمر كله يتعلق بنقل السكان إلى الطرف الجنوبي لقطاع غزة تمهيدًا لترحيلهم خارجه، وفق "الغارديان".
في حين أن الحكومة لا تزال تُسمي الترحيل "طوعيًا"، يخضع سكان غزة لتدابير قسرية كثيرة، لدرجة أنه لا يُمكن اعتبار أي مغادرة للقطاع بالتراضي من الناحية القانونية.
وأضاف سفارد: "عندما تُطرد شخصًا من وطنه، فهذا يُعد جريمة حرب. وإذا نُفذ على نطاق واسع كما يُخطط، فإنه يُصبح جريمة ضد الإنسانية".
ومثّل سفارد ثلاثة جنود احتياط قدموا التماسًا إلى المحاكم الإسرائيلية، مطالبين الجيش بإلغاء أوامر "تعبئة وحصر" المدنيين في غزة، ومنع أي خطط لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة.
وفي رسالة ردًا على ادعاءاتهم، قال مكتب رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، إن تهجير الفلسطينيين أو حصر السكان في جزء واحد من غزة لم يكن من بين أهداف العملية.
وقال البروفيسور عاموس غولدبرغ، مؤرخ الهولوكوست في الجامعة العبرية في القدس، إن هذا التصريح ناقض تصريح كاتس بشكل مباشر.
وقال غولدبرغ إن وزير الدفاع وضع خططًا واضحة للتطهير العرقي في غزة، وإنشاء "معسكر اعتقال أو معسكر انتقالي للفلسطينيين قبل طردهم".
وقال عن منطقة احتجاز كاتس المخطط لها للفلسطينيين: "إنها ليست إنسانية ولا مدينة"، فالمدينة هي مكانٌ تُتاح فيه فرص العمل، وكسب المال، وتكوين العلاقات، وحرية التنقل، وتابع: "هذا ليس ما يُخططون له، لن تكون مكانًا صالحًا للعيش، تمامًا كما أن المناطق الآمنة غير صالحة للعيش الآن".
وقال غولدبرغ إن خطة كاتس أثارت أيضًا سؤالًا مباشرًا حول مصير الفلسطينيين الذين يرفضون الامتثال للأوامر الإسرائيلية بالانتقال إلى المجمع الجديد. وأضاف: "ماذا سيحدث إذا لم يقبل الفلسطينيون هذا الحل وثاروا".