سياسة

أردوغان يخنق المعارضة بـ"أخطبوط فساد"؟

نشر
blinx
 & 
يتعرض خصوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "لحملة أمنية واسعة وغير مسبوقة"، بحسب ما وصفتها "رويترز"، وأسفرت هذه الحملة عن اعتقال أكثر من 500 شخص خلال تسعة أشهر فقط، في إطار تحقيق بدأ في إسطنبول وامتد إلى أنحاء البلاد، مستهدفًا بلديات يديرها حزب الشعب الجمهوري المعارض.
برأي أردوغان فإن هذا التحقيق يتصدى لما يسميه شبكة فساد تشبه "أخطبوطا تمتد أذرعه إلى مناطق أخرى داخل تركيا وخارجها".
ولكن حزب الشعب الجمهوري، من جهته، ينفي اتهامات الفساد ويصفها بأنها "محاولة مكشوفة للقضاء على بديل ديمقراطي للأتراك"، وهو ما تنفيه الحكومة أيضا.

ماذا تكشف هذه المراجعة؟

لم يستهدف التحقيق، الذي بدأ في إسطنبول قبل أن يمتد إلى جميع أنحاء البلاد، إلا البلديات التي يديرها حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، وهو حزب مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة.
ولأن خطوة أردوغان هذه تهدف لـ"مكافحة الفساد"، بحسب ما يقول، يعتبر دبلوماسيون ومحللون، تحدثوا لرويترز، أن تلك الحملة لم تدفع الحلفاء الغربيين لإطلاق انتقادات حادة باعتبارها تهديدا للديمقراطية.

14 رئيس بلدية و200 عضو في السجن

كشفت مراجعة مذكرات قانونية وإعلانات حكومية عن حبس 14 رئيس بلدية منتخبا من حزب الشعب الجمهوري، ومن بينهم أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول والمنافس الرئيسي لأردوغان، وأكثر من 200 من أعضاء الحزب أو مسؤولين محليين، وذلك على ذمة المحاكمة.
ولم تشهد البلاد منذ سلسلة انقلابات في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عزل مثل هؤلاء القادة السياسيين البارزين من مناصبهم استنادا إلى أدلة لم تنشر بعد ويرفضها محامو المتهمين باعتبارها ملفقة، بحسب رويترز.

استنزاف سياسي؟

يعتبر أرطغرل جوناي وزير الثقافة والسياحة السابق في حكومات في عهد أردوغان بين عامي 2007 و2013 أن هذه التحقيقات "تستخدم كأداة للاستنزاف السياسي وليس للتحقيق الموضوعي في وقائع محددة".
وقال جوناي الذي استقال من حزب العدالة والتنمية بعد اعتقال آلاف الأتراك إثر اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة في حديقة جيزي عام 2013، إن ذلك يعكس "القلق والذعر الذي يشعر به حزب أردوغان من الانتخابات المقبلة".

ماذا تقول الحكومة؟

رفض أردوغان ووزراء الحكومة مرارا اتهامات من منتقدين لهم بالتدخل في شؤون القضاء، وقالوا إن المحاكم جهات مستقلة وتحتاج إلى وقت لفحص الأدلة.
وأكد أردوغان لنواب حزب العدالة والتنمية في البرلمان أمس الأربعاء أنها "عملية قانونية وليست سياسية".

كيف وأين بدأت التحقيقات؟

الإجابة على هذا السؤال، يمكن اختصارها بشخص واحد، إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول التي يبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة، الذي قررت السلطات حبسه في مارس على ذمة المحاكمة بتهم فساد ينفيها.
إمام أوغلو، محور تلك الأحداث والتحقيقات، هو مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة في أي انتخابات مقبلة.
وتسبب اعتقاله في خروج أكبر احتجاجات منذ أحداث حديقة جيزي وفي انخفاض قيمة الليرة بشكل حاد، لكن خفت حدة الأمرين منذ ذلك الحين.

إمام أوغلو.. ليس وحده

لكن بخلاف إمام أوغلو، الذي لا يزال يتفوق على أردوغان في بعض استطلاعات الرأي حتى وهو خلف القضبان.
وخلصت مراجعة رويترز إلى:
  • اعتقال أكثر من 500 واستجوابهم منذ بدء التحقيق في أكتوبر الفائت، منهم 202 على الأقل منذ الأسبوع الماضي.
  • السلطات قررت حبس أكثر من 220 من بين هذا العدد أو وضعهم قيد الإقامة الجبرية.
  • 36 شخصا على الأقل، معظمهم من العاملين في القطاع الخاص ويتعاملون تجاريا مع البلديات، قدموا إفادة ثانية للمدعين العامين من السجن بموجب بند "التوبة الفعالة" في القانون التركي.
  • أفرجت السلطات بعد ذلك عن 32 منهم مع إخضاعهم لإجراءات رقابة قضائية.
ولم يرد مكتب أردوغان أو وزارة العدل هذا الأسبوع على طلب للحصول على أعداد إجمالية للمحتجزين والمعتقلين، وللتعقيب على نتائج مراجعة رويترز.

التحقيقات تتوسع

منذ يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، اتسع نطاق التحقيق إلى إزمير، ثالث أكبر مدينة في تركيا وأنطاليا وأضنة وأديامان، وهي مناطق فاز فيها كلها حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية التي جرت في مارس من العام الماضي، وهو تصويت شهد تسجيل أكبر هزيمة انتخابية يمنى بها الحزب الحاكم على الإطلاق.

"أذرع أخطبوطية" تزيد المخاوف

تنبأ أردوغان في الأشهر القليلة الماضية بتنفيذ المزيد من عمليات توجيه الاتهامات والاعتقالات، وأصاب في توقعه، وهو أمر زاد من المخاوف بشأن التدخل السياسي.
وبعد أيام من تعليقه، في مايو، عن وجود "أذرع فساد أخطبوطية"، اعتقلت السلطات 5 من رؤساء البلديات من إسطنبول وأضنة بتهم الفساد.

في بلديات "المعارضة" فقط؟

أصدرت مديرية الاتصالات في تركيا قائمة برؤساء بلديات سابقين من حزب العدالة والتنمية أدينوا بتهم مماثلة في تحقيقات منفصلة، قائلة إن ما يتردد عن أن حزب الشعب الجمهوري مستهدف بشكل منفرد "لا أساس لها من الصحة على الإطلاق".
لكن معظم الأسماء المدرجة في القائمة خضعوا للتحقيق بعد ترك مناصبهم ولم تحبسهم السلطات على ذمة المحاكمة.
وتظهر مراجعة رويترز لأحدث تحقيق عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية في 14 مقاطعة من أصل 39 في إسطنبول يديرها حزب العدالة والتنمية.

تجريم الحق في الدفاع القانوني

محمد بيليفان محامي رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وهو مسجون أيضا، اعتبر من محبسه أن التحقيق يسعى لأول مرة إلى تجريم الحق في ممارسة المحاماة والدفاع القانوني، وأكد أنه "لا يوجد دليل واحد ملموس" ضد موكله.

أكرم إمام أوغلو.. اتهام واحد

في أحد جوانب التحقيق، يظهر محضر مؤلف من 121 صفحة من استجواب الشرطة أن إمام أوغلو يواجه ادعاء واحدا بأنه تواطأ مع مجموعة من الرجال "اجتمعوا في مقهى لمناقشة مدفوعات للرشوة"، بحسب المحضر.
وتظهر الوثائق أن الشرطة سألته عن كيفية اتصال هاتفه بنفس البرج الخلوي الذي كان يتصل بهواتف الرجال 150 مرة على الأقل. فأجاب بأن منزله في ذلك الوقت كان قريبا من المقهى، لذا كان من الطبيعي أن يستخدم هاتفه نفس البرج.
ولم يعلق متحدث باسم الادعاء العام بعد على استجواب الشرطة.

رفض وإنكار

يرفض حزب الشعب الجمهوري جميع مزاعم الفساد ضد مسؤولي البلديات التابعين له، لكنه قال إنه سيحقق في الأمر بعد أن نشرت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية الرسمية (تي.آر.تي) لقطات لنائب رئيس بلدية مانافجات في أنطاليا جنوب البلاد والتي تقول إنها تظهره وهو يتلقى الرشى.
وينكر جميع رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعب الجمهوري، بمن فيهم 14 رئيس بلدية في السجن وواحد قيد الإقامة الجبرية، التهم المتعلقة بالفساد والرشوة والإرهاب التي ينتظرون قرار المحكمة بشأنها.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة