الخذلان النووي.. هل "يضغط بوتين سراً على إيران"؟
بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة التي استهدفت منشآتها النووية، تجد إيران نفسها في قلب عاصفة دبلوماسية وعسكرية معقدة، لكن التطور الجديد بالنسبة لطهران قد لا يأتي من أعدائها التقليديين، بل من حليفها الأبرز.
ففيما تكشف كواليس لقاء خاص في البيت الأبيض، بحسب ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سرّاً أنه لن يعارض ضربة إسرائيلية جديدة، تتكشف في الخفاء تحركات من جهة جديدة.
ففي تطور لافت، كشفت مصادر أوروبية وإسرائيلية رفيعة المستوى لكلّ من القناة ١٢ الإسرائيلية وموقع أكسيوس، أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي طالما دعمت بلاده علناً "حق إيران في التخصيب"، قد اتخذ موقفاً أكثر تشدداً في محادثاته الخاصة، معبراً عن دعمه لاتفاق يقوم على مبدأ "صفر تخصيب" على الأراضي الإيرانية.
إلّا أنّ وكالة تسنيم نفت تقرير أكسيوس الذي يفيد بأنّ بوتين حض إيران على قبول الاتفاق النووي "من دون تخصيب".
فهل خذلت موسكو حليفتها طهران بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، وهل تُجبر هذه الضغوط المزدوجة إيران على الرضوخ لشروط كانت ترفضها، أم تدفعها نحو مواجهة وحيدة؟
ما طبيعة الموقف الأميركي-الإسرائيلي الجديد تجاه ضرب إيران؟
وفقاً لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار تحدثوا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن ترامب، ورغم تفضيله للحلّ الدبلوماسي، لم يُبدِ اعتراضاً على خطة إسرائيل بشن هجمات جديدة إذا استأنفت طهران تحركاتها نحو السلاح النووي.
وتشير الصحيفة إلى أن ترامب يعوّل على التهديد بمزيد من الضربات لدفع إيران نحو اتفاق، ورغم أن إسرائيل لا تحتاج لموافقة أميركية صريحة، فقد يطلب منها التريث إذا رأى أن العمل العسكري قد يفشل المسار الدبلوماسي.
كيف تخلى بوتين سراً عن دعم إيران في الملف النووي؟
في تحول لافت لموقفها المعلن، كشفت تقارير القناة ١٢ الإسرائيلية وموقع أكسيوس، نقلاً عن 3 مسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى ومسؤول إسرائيلي، أن بوتين أبلغ كلاً من ترامب والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ومسؤولين إيرانيين بأنه يدعم اتفاقاً نووياً يمنع إيران من تخصيب اليورانيوم.
وتفيد المصادر بأنّ موسكو شجعت الإيرانيين خلال الأسابيع الماضية على قبول مبدأ "صفر تخصيب" لتسهيل المفاوضات مع الأميركيين، كما أبلغت الحكومة الإسرائيلية بهذا الموقف.
وكجزء من هذا التوجه، أوضح الروس أنهم مستعدون لنقل مخزون اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب إلى الخارج، مقابل تزويد طهران بيورانيوم منخفض التخصيب (بنسبة 3.67%) لتوليد الكهرباء، وكميات صغيرة مخصبة بنسبة 20% لأغراض البحث العلمي.
كيف تردّ إيران على هذه الضغوط المزدوجة؟
في مواجهة هذه الضغوط، أبلغت طهران الروس أنها "لن تدرس" أو "لن تفكر" في خيار "صفر تخصيب"، بحسب ما نقل مصدر أوروبي مطلع لموقع أكسيوس.
وعلى الصعيد الرسمي، أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، السبت، وفقاً لوكالة فرانس برس، أن تعاون بلاده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "سيتخذ شكلاً جديداً"، حيث سيتم النظر في طلبات الوكالة "حالة بحالة".
ويأتي هذا في ظلّ شعور إيراني بخيبة الأمل من الدعم الروسي، الذي اقتصر على التصريحات الإعلامية خلال حربها الأخيرة مع إسرائيل، بحسب مصادر مطلعة تحدثت للقناة ١٢ الإسرائيلية.
أمّا في ما يخص المفاوضات مع واشنطن، فقد سبق لطهران أن أعلنت على لسان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وفقاً لوول ستريت جورنال، استعدادها لاستئنافها بشرط وقف الضربات.
ما هي الآفاق المستقبلية للتوصل لاتفاق؟
يرى دبلوماسيون غربيون، بحسب وول ستريت جورنال، أن الطريق أمام اتفاق جديد أصبح أكثر وعورة، حيث شددت الهجمات الأخيرة موقف ترامب بخصوص وقف التخصيب كشرط أساسي.
وينقل التقرير عن السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، دان شابيرو، قوله إن "التوصل إلى اتفاق كان صعباً قبل الضربات، وأصبح أصعب الآن".
وتؤكد مصادر للقناة ١٢ هذا الجمود، مشيرة إلى أن لقاءً كان مخططاً له في أوسلو بين مبعوث البيت الأبيض ووزير الخارجية الإيراني يفتقر الآن إلى الحماسة من الطرفين، ويجري البحث عن مكان بديل. وبينما يبقى المقترح الروسي بنقل اليورانيوم مطروحاً على الطاولة، فإنه مرهون بالتوصل إلى اتفاق شامل يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي.