من اشتباك لآخر.. ماذا يحدث في السويداء؟
قالت وسائل إعلام سورية، الجمعة، إن قوات العشائر في جنوب سوريا دخلت إلى مدينة السويداء من الجهة الغربية، وسط اشتباكات عنيفة مع فصائل درزية.
وأشارت في وقت لاحق إلى أن المواجهات وصلت إلى الجزء الشرقي من السويداء. وبث رواد مواقع التواصل الاجتماعي لقطات قالوا إنها لدخول تلك القوات إلى المدينة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن أحياء سكنية في المدينة تعرضت مساء الجمعة، إلى قصف مدفعي وصاروخي.
ودعت الأمم المتحدة الجمعة إلى وقف "سفك الدماء" في سوريا، مطالبة بـ"تحقيقات مستقلة، سريعة وشفافة في كل أعمال العنف، وأن تتم محاسبة المسؤولين" عن هذه الانتهاكات، في وقت أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل نحو 600 شخص خلال أيّام.
لماذا تهاجم قوات العشائر السويداء؟
أعلنت القبائل العربية في سوريا "النفير العام" لنجدة عشائر البدو في المحافظة السورية، حيث يتحرك عشرات آلاف المقاتلين نحو مدينة السويدا.
واندلعت الاشتباكات الأحد، في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار وأعقبتها عمليات خطف متبادلة.
ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخّلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.
واتهم المرصد السوري والفصائل الدرزية وشهود القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات في مدينة السويداء بعيد انتشارها فيها، الثلاثاء.
وسحبت السلطات السورية قواتها من محافظة السويداء، الخميس.
تروي ربى التي تعمل ضمن الفريق الطبي في مستشفى السويداء الحكومي في جنوب سوريا، باكية، كيف تحوّل مكان عملها إلى "مقبرة جماعية"، مناشدة أن تمدّ يد المساعدة لهم بعد أيام طويلة من دون نوم.
واستقبل هذا المستشفى وهو المؤسسة الطبية الوحيدة التي بالكاد لا تزال تعمل في المدينة ذات الغالبية الدرزية، أكثر من 400 جثة منذ الإثنين، وفقا للطبيب العامل في المستشفى ونقيب أطباء السويداء عمر عبيد.
وقال عبيد لوكالة فرانس برس "الجثث في الشوارع والبرادات لم تعد تتسع، الجثث انتفخت"، مؤكدا أن هناك أكثر من 400 جثة ما بين نساء وأطفال ومسنين ومقاتلين.
يجهد الفريق الطبي من أطباء وممرضين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، لتقديم العلاج للجرحى الذين ما زالوا يتدفقون إليهم، منهم من تمدّد في الأروقة بانتظار دوره في تلقي العلاج.
وتقول ربى العاملة في المستشفى، مفضلة عدم الكشف عن اسمها كاملا، "الباقون اليوم في المستشفى هم تسعة عاملين، بين ممرضين وأطباء، لكل المستشفى، لا ينامون".
نزح نحو 80 ألف شخص من مناطق سكنهم في محافظة السويداء في جنوب سوريا، إثر أعمال العنف التي اندلعت منذ الأحد، بحسب ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة.
وأوردت المنظمة في بيان أن "79 ألفا و339 شخصا نزحوا منذ 13 يوليو، من ضمنهم 20 ألفا و19 شخصا نزحوا في 17 يوليو"، مضيفة أن "الخدمات الأساسية في السويداء" من كهرباء وماء "انهارت"، فضلا عن "نقص بالوقود شلّ حركة النقل وعرقل عمليات الاجلاء الطارئة".
وتكمل ربى "الوضع سيء جدا، لا ماء ولا كهرباء، والأدوية بدأت تنقص كثيرا".
وتضيف بصوت مرتجف "هناك أشخاص لا يزالون في بيوتهم منذ ثلاثة أيام ولم يستطع أحد أن يسعفهم". وتكمل "هناك جثث كثيرة في الشوارع لم يتمكن أحد من أن ينتشلها.
وتتابع الشابة بتأثّر "هناك نساء وأطفال وأشخاص مجهولو الهوية، هناك أشلاء من أقدام أو أياد".
وأفاد نقيب الأطباء عمر عبيد بأن ثلاثة من زملائه قتلوا في أعمال العنف في مدينة السويداء أحدهم قتل "في بيته، دخلوا عليه، وأعدموه أمام أهله"، فيما قتلت أخرى برصاص قناص في سيارتها بعدما عبرت حاجزا للأمن، أمام زوجها وأولادها.
والطبيب الثالث وهو جراح يدعى طلعت عامر قتل الثلاثاء صباحا، مرتديا زيّه الأزرق، خلال توجهه إلى عمله "ليقوم بواجبه"، كما روى عبيد.
وقال "أطلقوا النار عليه في رأسه ثم اتصلوا بزوجته... قالوا لها: زوجك كان يرتدي بدلة زرقاء... لقد باتت حمراء الآن".
جثث متناثرة في أرجاء المدينة
رجل مسن ثقبت رأسه رصاصة وهو في غرفة المعيشة، وآخر تسللت إليه رصاصة في غرفة نومه. جثة لامرأة في شارع. كلها مشاهد دموية لما بعد إراقة الدماء على مدى أيام في مدينة السويداء السورية.
بدأ الناجون الخميس، في جمع ودفن عشرات الجثث التي عثر عليها بمختلف أنحاء المدينة.
ووضع وقف لإطلاق النار مساء الأربعاء نهاية لاشتباكات العنيفة بين مسلحين دروز وقوات حكومية وصلت إلى المدينة لفض اشتباكات بين الدروز ومسلحين من البدو.
وتفاقمت أعمال العنف بشدة بعد وصول القوات الحكومية وفقا لروايات أدلى بها أكثر من 10 من سكان السويداء لرويترز واثنين من المراسلين على الأرض وجماعة مراقبة.
ورأى سكان أصدقاء وجيرانا يُقتلون رميا بالرصاص من مسافة قريبة في منازلهم أو في الشوارع. وقالوا إن عمليات القتل تلك نفذتها قوات سورية تعرفوا عليها من الزي والشارة.
تمكنت رويترز من التحقق من وقت ومكان بعض مقاطع الفيديو التي تظهر فيها الجثث لكنها لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل ممن نفذ القتل ولا متى وقع.