سياسة

قمة أوروبية-صينية.. التجارة تُشعل الخلافات وروسيا تعقّدها

نشر
blinx
استقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ، اليوم الخميس، رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بكين، في مستهل قمة تهدف إلى إعادة ضبط العلاقات المتوترة بين الصين والاتحاد الأوروبي.
وتأتي هذه القمة في الذكرى الـ50 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، وسط تصاعد التوترات التجارية، وتباين في المواقف حيال الحرب الروسية في أوكرانيا، وقلق أوروبي متزايد من تنامي الاعتماد المتبادل بين بكين وموسكو.
وفي تعبير عن مدى التوتر الذي يطبع العلاقة، قالت فون دير لاين إن العلاقات مع الصين "وصلت إلى نقطة تحوّل"، مشيرةً إلى أنّ الطرفين بحاجة إلى "إعادة التوازن" في تعاونهما إذا أرادا تجنّب مزيد من التصعيد السياسي والاقتصادي.

اختلال الميزان التجاري محور المواجهة

دخل الاتحاد الأوروبي هذه القمة محمّلاً بلائحة طويلة من الشكاوى الاقتصادية، أبرزها تفاقم العجز التجاري مع الصين، إذ بلغت صادرات بكين إلى الاتحاد أكثر من ضعف وارداتها منه في النصف الأول من هذا العام، بحسب بيانات الجمارك الصينية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.
وترى أوروبا، حسب ما ذكرته الصحيفة، أن هذا الخلل يعود جزئياً إلى الحواجز التنظيمية الصينية، ودعم بكين السخي لمصنّعيها، خصوصاً في قطاع السيارات الكهربائية. وقد فرض الاتحاد الأوروبي مؤخراً تعريفات جمركية مشددة على هذه المركبات، متهماً الصين بتشويه المنافسة عبر دعم حكومي كثيف.
وفي المقابل، تطالب بكين أوروبا برفع القيود الجمركية وفتح السوق أمام صادراتها، ملوّحة بردود انتقامية مشابهة لما حدث في أزمة الألواح الشمسية في 2013، حين قبلت بروكسل بصفقة تضمن بقاء الأسعار مرتفعة، ما أدى لاحقاً لانهيار الصناعة الأوروبية لصالح الشركات الصينية، حسب تقرير للمفوضية الأوروبية.

شراكة تجارية صينية-روسية تُقلق الغرب

منذ بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022، ازدهرت التجارة بين الصين وروسيا، وقفزت إلى أكثر من 240 مليار دولار في العام الماضي، أي بزيادة بنحو الثلثين. وتحوّلت الصين إلى أكبر مشترٍ للنفط والخشب والفحم الروسي، وستصبح قريباً المستورد الأول للغاز الطبيعي الروسي أيضًا، حسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
كما زوّدت بكين موسكو بمكونات الطائرات المسيّرة ومركبات وتجهيزات أخرى دعمت المجهود الحربي الروسي. ويبرز معبر "مانتشولي" الحدودي كنموذج لهذا التكامل، حيث تمر الشاحنات والقطارات بين الجانبين في حركة دائمة لتبادل المواد الخام والبضائع المصنعة.
لكن هذا التبادل لم يخلُ من توترات، إذ فرضت الصين رسوماً على الفحم الروسي لحماية مناجمها، في حين ردّت موسكو بمنع تصدير بعض أنواع الأخشاب، ما أثار تذمر رجال الأعمال الصينيين.

الصين وتمكين اقتصاد الحرب الروسي

أعرب القادة الأوروبيون خلال القمة عن قلقهم الشديد من دعم الصين غير المباشر للحرب الروسية في أوكرانيا. فرغم محاولات بكين للفصل بين التجارة والسياسة، ترى أوروبا أن الصين "تمكّن فعلياً اقتصاد الحرب الروسي"، كما قالت فون دير لاين، التي شددت على أنّ استمرار الصين في هذا النهج سيكون "عاملاً حاسماً في مستقبل علاقاتنا".
وطالب الاتحاد الأوروبي الصين باستخدام نفوذها للضغط على روسيا لقبول وقف إطلاق نار، مؤكداً أن استمرار بكين في تجاهل دعوات التهدئة يزعزع الأمن الأوروبي.

النفوذ الاقتصادي الصيني وورقة المعادن النادرة

إلى جانب الخلافات التجارية والسياسية، تشعر بروكسل بقلق متزايد من قدرة الصين على إحداث أزمات صناعية عالمية، لا سيما مع هيمنتها على سوق المعادن النادرة المستخدمة في تصنيع السيارات والتقنيات الدفاعية.
فقد عطّلت بكين في الآونة الأخيرة معظم صادراتها من هذه المعادن، ما أجبر الحكومات الأوروبية على الدخول في مفاوضات قسرية لتفادي توقف المصانع، بينما سمحت فقط بشحنات تكفي للإبقاء على الإنتاج دون بناء مخزونات كافية.

تعاون مناخي.. وسط بحر من الخلافات

رغم حدة الخلافات، يُسجل الملف المناخي كالنقطة الإيجابية الوحيدة بين الطرفين، حيث يلتقي الطرفان على دعم اتفاق باريس للمناخ في ظل انسحاب واشنطن منه.
ومع ذلك، تبقى فرص إحراز تقدم حقيقي في القضايا الجوهرية ضعيفة، في ظل تعقيدات الحرب، والاضطرابات الاقتصادية، وتهديدات الرسوم الأميركية على الجانبين.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة