كيف أفشلت إسرائيل قنبلة إيران التي كانت "ستُطفئها"؟
كشفت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير السبت ٢٦ يوليو، نقلاً عن مصادر استخباراتية إسرائيلية وأميركية، أن الحملة العسكرية التي استمرت 12 يوماً على إيران، لم تقتصر على شل البرنامج النووي الإيراني، بل أحبطت مشروعاً سرياً موازياً كان يهدف إلى تطوير سلاح نبضة كهرومغناطيسية (EMP) قادر على إطفاء إسرائيل بالكامل.
هذا المشروع، الذي حظي بدعم قادة الحرس الثوري، صُمم خصيصاً للالتفاف على فتوى المرشد الإيراني، علي خامنئي، التي تحرّم الأسلحة النووية، وفق الصحيفة.
وفيما كانت إسرائيل، بحسب المصادر ذاتها، على وشك إطلاق المرحلة النهائية من هجماتها التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام في طهران، جاء تدخل مفاجئ من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي أمر بوقف إطلاق النار قبل ساعات فقط من استكمال الهجوم، تاركاً الباب مفتوحاً أمام مفاوضات سياسية شاقة، بينما لا يزال غبار المعركة يغطي أنقاض البرنامج الذي استغرق بناؤه سنوات.
كيف كانت طهران تستعد لهجوم كهرومغناطيسي؟
إلى جانب سعيها المزعوم لامتلاك قنبلة نووية تقليدية، كانت إيران تعمل على تطوير سلاح لا يقلّ خطورة، وهو سلاح النبضة الكهرومغناطيسية (EMP) الذي كان من شأنه شلّ شبكة الكهرباء والبنية التحتية الإلكترونية في إسرائيل بالكامل، وفقاً لما نقلته واشنطن بوست عن مصادر إسرائيلية وأميركية.
وأفادت المصادر بأن قادة الحرس الثوري الإيراني كانوا الداعم الرئيسي لهذا المشروع، لاعتقادهم أنه لا ينتهك بشكل مباشر فتوى المرشد الإيراني ضدّ الأسلحة النووية، ما يجعله سلاحاً استراتيجياً "مقبولاً بالنسبة لإيران".
لكن هذا المشروع، بالإضافة إلى برنامج الاندماج النووي، توقّف بالكامل بعد أن استهدفت الضربات الإسرائيلية في الساعات الأولى من الحرب الصفوف الأولى والثانية والثالثة من كبار العلماء والفيزيائيين النوويين الإيرانيين، في خسارة فادحة للكوادر العلمية.
وأكد تقرير للقناة ١٢ الإسرائيلية، مستنداً إلى تقرير الصحيفة الأميركية، أن إسرائيل قضت على هذا المشروع المتقدم بالكامل، والذي كان يهدف إلى تحقيق دمار واسع من دون الحاجة لتفجير نووي.
سلاح الجو الإسرائيلي.. 400 ساعة طيران
على الأرض في قاعدة رامون الجوية، يروي تقرير للقناة ١٢ الإسرائيلية الجانب الآخر من المعركة، حيث تعمل الطواقم الفنية على مدار الساعة لإصلاح الطائرات التي عادت "مرهقة ومتهالكة" بعد أن نفّذت نحو 400 ساعة طيران قتالي.
يصف "ط"، مشرف ورشة صيانة طائرات F-16I: "كيف كانت الفرق الفنية تصلح الأعطال في ثلث الوقت المعتاد، وكيف اضطروا لتبديل محركات طائرات كاملة داخل الملاجئ المحصنة تحت الأرض، وهو أمر لم يفعلوه من قبل".
وتضيف "ع" من نفس القاعدة: "استعدينا لهذا الحدث منذ سنوات، وعندما رأيت الطائرات تخرج من حظائرها نحو إيران، لم أستطع حبس دموعي".
وعندما أُعلن وقف إطلاق النار، ساد شعور مختلط في إسرائيل بين الارتياح والتساؤل، حيث يقول "ط": "تساءلنا: لماذا انتهى الأمر بهذه السرعة؟ لكن البلاد تحتاج إلى الاتزان".
بعد توقف العمليات العسكرية التي ألحقت أضراراً "جسيمة وشديدة" ببرنامجها النووي، تسعى طهران حالياً لفتح قنوات دبلوماسية مع القوى الأوروبية لتجنب المزيد من العزلة.
ووفقاً لوكالة فرانس برس، أجرى وفد إيراني، الجمعة، محادثات "صريحة" في إسطنبول مع مبعوثين من فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
ويأتي هذا الاجتماع في وقت تهدد الدول الأوروبية الثلاث بتفعيل آلية "سناب باك" المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، والتي تعيد فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وهي آلية تنتهي صلاحيتها في أكتوبر المقبل.
وقد وصف نائب وزير الخارجية الإيراني، كاظم غريب آبادي، التهديد باللجوء إلى هذه الآلية بأنه "غير قانوني بتاتاً".
وفيما تحذر طهران من أنّها قد تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا أعيدت العقوبات، تحاول تجنب هذا السيناريو الذي سيزيد من انهيار اقتصادها.
وفي خطوة وصفتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها "مشجعة"، وافقت طهران على زيارة فريق فني من الوكالة "خلال الأسابيع المقبلة"، بعد أن كانت قد علقت تعاونها مطلع يوليو، محملة الوكالة جزءاً من المسؤولية عن الضربات التي استهدفت مواقعها.
هجمات أوقفتها مكالمة من ترامب
كانت الحملة العسكرية على وشك الدخول في مرحلة حاسمة ومختلفة تماماً. فبحسب ما كشفته واشنطن بوست وأكّده تقرير القناة ١٢ الإسرائيلية، كانت إسرائيل قد بدأت بالفعل "المرحلة النهائية من الهجمات التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام" في طهران عندما تدخل ترامب.
وأفادت المصادر الإسرائيلية والأميركية بأنّ إدارة ترامب أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لشنّ الهجوم في 13 يونيو، لكنّها اشترطت تدخلها فقط "إذا سارت الحملة على نحو جيّد".
وعندما تحققت الأهداف الأولية، بما في ذلك تدمير منشآت نطنز وفوردو وأصفهان، وتدمير نصف الصواريخ الباليستية الإيرانية، وتصفية النخبة العلمية، تدخلت الولايات المتحدة بقاذفات B-2 الخارقة للتحصينات لإكمال المهمة ومنح ترامب "حصة من النجاح".
لكن في تلك اللحظة الحاسمة، وقبل استكمال الهجمات المخطط لها ضد النظام الإيراني نفسه، أمر ترامب بوقف إطلاق النار، منهياً بذلك العملية العسكرية التي أعادت، بحسب قول مصدر إسرائيلي رفيع، عقارب الساعة إلى الوراء وجعلت إيران "لم تعد دولة على عتبة امتلاك السلاح النووي".