كيف تحل حسابات المؤثرين محل الإعلام في استراتيجية فرنسا؟
كشف تقرير نشره موقع
إنتليجنس أونلاين أن وزارة الخارجية الفرنسية بدأت في توسيع قنوات تواصلها خارج الإطار التقليدي لوسائل الإعلام لتشمل المؤثرين الشباب على منصات إنستغرام وتيك توك ممن يملكون بضعة آلاف إلى عشرات الآلاف من المتابعين، وذلك في سياق مواجهة حملات تضليل تقودها قوى أجنبية معادية.
وجاء التقرير في سياق تحذيرات أوردتها وسائل إعلام فرنسية
، تفيد بأن المديرية العامة للأمن الداخلي رصدت" قوى أجنبية معادية" تستغل شخصيات مؤثرة على شبكات التواصل "لتضخيم" روايات تهدف إلى "تقويض التماسك الاجتماعي" داخل فرنسا.
وأوضح تقرير إنتليجنس أونلاين أن نحو ١٢ مؤثراً أصبحوا من العناصر الرئيسية التي تعتمد عليها الإدارة الفرعية للاستخبارات والاستراتيجية في وزارة الخارجية، ليس في تنفيذ استراتيجيتها الاتصالية فحسب، بل أيضاً في دعم جهود باريس في مواجهة المنافسين والخصوم على الساحة الدولية.
التعاون من دون أي مقابل مالي
حسب إنتليجنس أونلاين، يقوم فريق الاستخبارات والاستراتيجية بوزارة الخارجية برصد نشاط هؤلاء المؤثرين عبر الإنترنت، الذين هم في الغالب شباب وبعضهم لا يزالون طلاباً، ويشاركون متابعيهم تحليلاتهم حول الأخبار، ثم يتواصل معهم عند رصد اهتمامهم بالشؤون الدولية. ويتيح هذا التواصل فرصة لهم لطرح أسئلة مباشرة على الوزارة والحصول على إجابات حول ملفات محددة.
ورغم اعتماد وزارة الخارجية الفرنسية على هؤلاء المؤثرين كأداة رئيسية في مواجهة "الروايات الأجنبية المعادية"، فإن نائب مدير الوحدة شارل تيبو يؤكد أن هذا التعاون لا يتضمن أي مقابل مالي على الإطلاق، مشدداً على أن استقلاليتهم التحريرية تبقى محفوظة بالكامل، في محاولة لنفي أي شبهة تأثير مباشر على محتواهم.
وأكّد المؤثر لويس دوكلو، الذي يتابعه 57 ألف شخص على منصة إكس، أنه يتعاون مع الوحدة منذ أكثر من عام على أساس طوعي بحت. وفي موازاة ذلك، توفر الوزارة للمؤثرين مذكرات وتحليلات داخلية تمنحهم "سياقاً أعمق" للأحداث الجارية من دون فرض أيّ التزام عليهم.
وصول المؤثرين إلى المعلومات قبل الإعلام التقليدي
أفاد بعض المؤثرين الذين تحدثوا إلى إنتليجنس أونلاين بأنهم فوجئوا ببعض الوثائق التي وصلتهم. فقد تلقّى أحدهم تفاصيل عن الجولة الـ١٨ من العقوبات ضد روسيا قبل أيام من إعلانها رسمياً، إضافة إلى "مذكرة عن وضع الاقتصاد الروسي"، ما أثار لديه تساؤلات أخلاقية حول كيفية التعامل مع هذه البيانات.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن مبدأ الشفافية "أساسي" منذ اليوم الأول، وفق ما صرّح تيبو، مضيفاً أن المؤثرين يحظون "بنفس المعاملة التي يحصل عليها الصحفيون" ويحصلون على "نفس المعلومات" من دون تفرقة.
استراتيجية ليست خالية من المخاطر
تراهن وزارة الخارجية على المؤثرين الشباب بسبب قدرتهم على الوصول إلى جمهور واسع، إضافة إلى أن تعاونهم المجاني يمثل ميزة إضافية.
لكن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر، إذ يبقى احتمال حدوث انقلاب في الولاءات أو استغلال هذه القنوات في اتجاهات غير مرغوبة قائماً، حسب تقرير إنتليجنس أونلاين.
ومن بين المؤثرين الذين أبدوا تغييرا في توجهاتهم المؤثر الفرنسي إلياس ديمزالين، الذي بدأ نشاطه في أوساط أقصى اليمين، انتقل مؤخراً إلى التقارب مع حزب "فرنسا الأبية" بزعامة جان لوك ميلونشون، وأصبح وجهاً مألوفاً في فعالياته، بحسب ما أفادت به مجلة
لكسبريس الفرنسية.
ويُقدَّر عدد المؤثرين النشطين في فرنسا بنحو 150 ألفاً على منصات يوتيوب وإنستغرام وتيك توك وفيسبوك، وفقا لموقع
Vie Publique، ما دفع بالسلطات لإصدار قانون في 9 يونيو 2023 لتنظيم التأثير التجاري ومكافحة تجاوزات المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي، حسب
المركز الأوروبي للمستهلكين.