صفقة واشنطن.. هل هي غطاء حرب جديدة بين إسرائيل وحماس؟
بين العروض الشاملة والرسائل التحذيرية، وبين توترات واشنطن وتل أبيب، تقف صفقة تبادل الأسرى أمام اختبار معقّد.
ففي وقت كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن عرض جديد تدعمه واشنطن للإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة مقابل نزع سلاح حماس وفرض إدارة دولية على غزة، تصاعدت الخلافات داخل القيادة الإسرائيلية بين ضغط وزراء اليمين وتحفظات الجيش، فيما تشهد حركة حماس انقسامات داخلية حادة تُضعف قدرتها على اتخاذ قرار موحد.
أما عائلات الجنود الأسرى، فخرجت عن صمتها برسائل مباشرة إلى المؤسسة العسكرية تطالب فيها بصفقة دبلوماسية بدل جولات القتال "غير المجدية".
هذه المواقف المتباينة والمعقدة تهدد بإفشال المبادرة الأخيرة، وتفتح الباب على سيناريوهات ميدانية حاسمة قد تُبعد الحل السياسي.
"كل الأسرى أو لا شيء".. هل دفعت واشنطن إسرائيل إلى تبنّي صفقة مستحيلة؟
كشفت القناة 12 الإسرائيلية عن اتصالات متقدمة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن عرض شامل يقضي بإطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة، وتجريد حركة حماس من سلاحها، وفرض إدارة دولية على غزة بقيادة الولايات المتحدة.
وبحسب القناة، فإن رفض حماس لهذا العرض سيمنح إسرائيل "ضوءًا أخضر" لمواصلة العمليات العسكرية بحرية.
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أوضح خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل أن واشنطن "سئمت من صفقة جزئية"، وطلب من نتنياهو التوجه نحو صفقة شاملة.
مصادر إسرائيلية أكدت أن الإدارة الأميركية قدمت "خيارات بديلة" لترامب، لكنها باتت تدعم صراحة خيار "كل الأسرى أو لا شيء" وتمنح إسرائيل كامل الأدوات للمضي نحو الحسم إذا لم تستجب حماس.
بين نتنياهو والجيش.. صدام داخلي يهدد بتفجير المسار التفاوضي
يتجه المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل هذا الأسبوع إلى اتخاذ قرارات استراتيجية قد تغيّر قواعد القتال، وفق ما نقلته القناة 12.
وزراء اليمين مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير يضغطون من أجل اجتياح كامل لمناطق يُعتقد بوجود الأسرى فيها، بينما تعارض المؤسسة العسكرية ذلك.
وتشير القناة إلى أن هذه الانقسامات تعكس اقتراب "صدام" بين المستوى السياسي والعسكري، في ظل غياب أي تقدم فعلي في المسار التفاوضي.
وتضيف القناة أن نتنياهو ووزير الدفاع يتجهان نحو قرارات تتفادى الأذى المحتمل للأسرى، لكن لا يُستبعد أن تتجه الحكومة نحو تصعيد واسع إذا رُفض العرض الأميركي الجديد.
ضعف القيادة في غزة.. هل تملك حماس قرارًا موحدًا للقبول أو الرفض؟
بحسب تحليل نشرته صحيفة "هآرتس"، لا تكمن صعوبة التوصل إلى صفقة فقط في موقف حماس المتشدد، بل أيضًا في الانقسامات الهيكلية داخل الحركة.
الصحيفة لفتت إلى أن حماس تعاني من صراعات قوة داخل مجلس الشورى القيادي، وتفتقد إلى شخصية قوية قادرة على فرض القرار.
بعد اغتيال إسماعيل هنية، تأسس "مجلس القيادة" ويضم شخصيات متعددة، لكن الصحيفة تقول إن غياب الانسجام بين الأجنحة المختلفة أضعف قدرة الحركة على اتخاذ قرارات استراتيجية.
وتشير إلى أن الحركة وسّعت دائرة المشاورات لتشمل تنظيمات أخرى مثل الجهاد، وهو ما لم يكن يحدث سابقًا، ما يعكس تآكل المركزية داخل حماس.
عائلات الجنود تطالب بالصفقة.. لا بجولات قتال إضافية
نقلت صحيفة "معاريف" عن حركة "أم مستيقظة"، التي تضم أمهات لجنود في الخدمة، رسالة مباشرة إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، تطالبه بوقف التخطيط لجولات قتال جديدة.
وجاء في بيان الحركة: "السؤال ليس كيف نُقسّم الجنود خلال أشهر القتال المقبلة، بل لماذا نخطط لمزيد من أشهر القتال أصلًا؟".
واعتبرت الأمهات أن "الأسرى لن يُحرروا بالقوة العسكرية، بل عبر صفقة"، مضيفات: "كل خطة تفترض استمرار الحرب، هي خطة تُضحي بالمزيد من الجنود والمزيد من الأسرى لأجل أهداف لم تتحقق خلال 667 يومًا، ولن تتحقق خلال 667 يومًا إضافيًا".
وطالبت الأمهات باستثمار الإنجازات العسكرية لتحقيق الأهداف عبر المسار الدبلوماسي.