ضمانات أم أوهام؟ ترامب بين وعود كييف وغضب قاعدته
قد يشكّل عرض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتقديم ضمانات أمنية لكييف تحوّلاً في مسار الحرب، بعد أكثر من عامين على اندلاعها.
وبينما أعلن مبعوثه ستيف ويتكوف أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وافق على "تنازل" يسمح للولايات المتحدة بمنح أوكرانيا حماية شبيهة بتلك التي ينص عليها حلف شمال الأطلسي، برزت شكوك واسعة حول طبيعة هذا الاتفاق وحدوده، وفق وكالة فرانس برس.
وفي وقت اعتبر ترامب أنّ بلاده "ستمنحهم حماية جيدة جداً"، بما في ذلك احتمال دعم جوي، أثارت الفكرة مقاومة داخلية قوية من جانب قاعدته اليمينية، التي حذّرت من التورط في التزامات عسكرية إضافية.
أما في أوروبا، فقد وُصفت هذه الخطوة المحتملة بأنها "ضوء أخضر مذهل" لطموح أكبر، خصوصاً مع توجه القادة الأوروبيين إلى واشنطن لدعم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في محادثاته مع ترامب.
يمكن لعرض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا أن يغيّر قواعد اللعبة، لكن قاعدة أنصار الرئيس الأميركي اليمينية سارعت لتحذيره من المبالغة في هذا الصدد.
وبعدما قضى حملته الانتخابية العام الماضي يندد بسلفه جو بايدن لتخصيصه مليارات الدولارات كمساعدات لأوكرانيا وقام بتوبيخ الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، علنا في فبراير، يفكّر ترامب حاليا بتقديم تعهّدات لكييف على أمل وضع حد للحرب.
واستبعد نشر قوات على الأرض أو السماح لكييف بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأيّد موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يشير إلى طموحات أوكرانيا بالانضمام إلى الحلف الأطلسي لتبرير الحرب.
لكن بعدما استقبل ترامب نظيره الروسي في ألاسكا، الجمعة، قال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إن بوتين وافق على "التنازل" للولايات المتحدة عبر السماح بأن تقدّم لأوكرانيا حماية مماثلة لتلك المنصوص عليها في المادة الخامسة من معاهدة الناتو والتي تنص على أن أي هجوم على دولة من الدول الأعضاء في الحلف يُعدّ هجوما على جميع دوله.
بعض المراقبين يشككون في مدى فهم ويتكوف لمطالب بوتين، مشيرين إلى أن موسكو تحدّثت علنا عن إصرارها على تقديم ضمانات لروسيا لا أوكرانيا، وفق فرانس برس.
لكن ترامب قال "سنمنحهم حماية جيدة جدا" وتحدّث عن احتمال تقديم الولايات المتحدة دعما جويا لضمان تطبيق أي اتفاق.
"ضوء أخضر" من قبل الأوروبيين؟
ولا يُعرف الكثير عن طبيعة الدعم الجوي الأميركي، لكن قد يتمثل هدفه في دعم انتشار قوات أوروبية في أوكرانيا، وهو أمر تدرسه فرنسا وبريطانيا.
وقالت كريستين بيرزينا من "صندوق مارشال الألماني" إنه في حال وافقت الولايات المتحدة على السيطرة على أجواء أوكرانيا، فسيكون ذلك بمثابة "ضوء أخضر مذهل لطموح أكبر" من قبل الأوروبيين في مجال الأمن.
وأبدى القادة الأوروبيون وحدة وتضامنا عبر توجههم معا إلى واشنطن، الإثنين، لدعم زيلينسكي في المحادثات مع ترامب، على حدّ قولها.
وأضافت "ليكون هناك فرق ذو معنى على أرض الواقع في أوكرانيا، لا يمكن أن يقتصر الأمر على التوافق الدبلوماسي ومجرد اصطفاف رؤساء الدول لبضعة أيام في كلّ مرة".
وتابعت: "بدلا من ذلك، ينبغي أن يكونوا على استعداد للتحرّك فعلا وإظهار لترامب أن (لدينا كل شيء جاهز. نحتاج إلى كذا منك لكي ينجح الأمر)".
لكن بإمكان ترامب أيضا أن يعطي الضوء الأخضر لانتشار جوي أصغر بكثير يركّز مثلا على مهمّات الاستطلاع، وهو أمر سيعني نشر أعداد محدودة من الطائرات الأميركية في الأجواء الأوكرانية.
وأفادت صانعة السياسات الأميركية السابقة البارزة التي باتت حاليا في "المجلس الأطلسي" ديبرا كاغان أن "ترامب قال بعض الأشياء خلال اجتماعاته مع القادة الأوروبيين وزيلينسكي. أراهن بمبلغ مالي ضخم على أن أشخاصا ضمن دائرة ترامب سيكرّسون الكثير من الوقت ليتم التراجع عن ذلك".
وأضافت "ما أعنيه هو أنهم سيحاولون اتباع نهج الحد الأدنى من الضمانات الأمنية، والقيام بأقل ما يمكن لتنفيذ ذلك".
ولفتت إلى أنّ أي استراتيجية ناجحة تتطلب تغطية بريّة وجويّة وبحريّة، بما في ذلك إبقاء موانئ البحر الأسود الحيوية مفتوحة لأوكرانيا".
"مقاومة من قاعدة الأنصار"
يسيطر ترامب بشدّة على الحزب الجمهوري لكنه شهد بالفعل بعض المعارضة ضمن قاعدة أنصاره اليمينية المتشددة التي دعمته لأسباب من بينها موقفه الرافض للتدخل الخارجي.
وقالت النائبة الجمهورية، مارغوري تايلور، غرين التي انتقدت ترامب سابقا لقصفه إيران إنها تعتقد أن الناخبين سيشعرون بـ"الهلع" إذا تم تقديم مزيد من الدعم لأوكرانيا في وقت يواجهون صعوبات في حياتهم اليومية.
وقالت للمذيعة المحافظة ميغن كيلي إن "أميركا في حالة إفلاس مالي.. علينا في مرحلة ما أن نبدأ بقول (لا) لباقي العالم".
من جانبه، اعتبر تومي توبرفيل، السناتور المؤيد لترامب، إنه سيكون "من المستحيل" إقناع الناخبين الذين ما زالوا لم يتجاوزوا تداعيات حربي العراق وأفغانستان بأن الولايات المتحدة ستنخرط في التزام عسكري آخر طويل الأمد، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "ذي هيل".
لكنّ ترامب حاول جاهدا تصوير الحرب على أنّها نتيجة لسياسات بايدن وتحدّث علنا عن رغبته بالحصول على جائزة نوبل للسلام.
وقالت بيرزينا "يمكنه على الأرجح إقناع قاعدته بأنّ الأمر يتعلّق بمحافظة أميركا على السلام، ولا بدخول أميركا في حروب".