من الحظر إلى الصفقة.. تجسّس إسرائيلي بيد ICE
استأنفت وكالة الهجرة والجمارك الأميركية التعامل مع شركة تجسّس إسرائيلية، بعد أن علّقت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، عقدها معها بسبب مخالفة أمر تنفيذي يقيّد استخدام برامج التجسّس التجارية، وفقا لصحيفة
واشنطن بوست.
وأعاد القرار الجديد، الذي اتّخذ في عهد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الواجهة جدلاً محتدماً حول توازن الأمن القومي مع الحقوق الفردية، وحوّل ملف الهجرة إلى مسرح لتجارب أكثر أدوات الاختراق تطوّراً في العالم.
يعرف البرنامج الذي حصلت عليه الوكالة باسم غرافيت، وهو أداة اختراق طوّرتها شركة باراغون سوليوشنز الإسرائيلية، حسب صحيفة
الغارديان.
بمجرّد نشره على هاتف مستهدف، يتحوّل الجهاز إلى مصدر تجسّس كامل يقوم بتتبّع الموقع وقراءة للرسائل والوصول إلى الصور، بل وحتى اختراق التطبيقات المشفّرة مثل واتساب وسيغنال.
وتُعدّ الخاصية الأكثر خطورة للبرنامج قدرته على تفعيل الميكروفون وتحويل الهاتف إلى جهاز تنصّت متنقّل.
وتعود جذور الشركة إلى عام 2019، حين أسسها إيهود شنيرسون، القائد السابق في وحدة 8200 الإسرائيلية المتخصصة في الاستخبارات الإلكترونية، بدعم من رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، حسب ما ذكره موقع
Info Security.
وفي يونيو 2025، كشف باحثو Citizen Lab عن أوّل دليل جنائي يؤكّد إصابة هواتف صحافيين أوروبيين ببرمجيات غرافيت، ما أثار مخاوف دولية واسعة.
بايدن حاول تقييد استخدام غرافيت
أصدر الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمراً تنفيذياً ينصّ على أنّ الولايات المتحدة "لن تستخدم أي برنامج تجسّس تجاري يشكّل مخاطر كبيرة على الأمن القومي أو قد يُساء استخدامه من قِبل حكومات أجنبية".
وفي خطوة غير مسبوقة، أدرجت وزارة التجارة الأميركية شركة NSO Group، المنافس الإسرائيلي لباراغون، على القائمة السوداء بعد اتهامها بمساعدة حكومات أجنبية على استهداف صحافيين ومعارضين سياسيين.
وفي أواخر 2024، جرى تعليق عقد بقيمة مليوني دولار بين وزارة الأمن الداخلي وباراغون، بانتظار مراجعة قانونية.
غير أنّ الصفقة عادت للحياة في أغسطس 2025 بعد أن رُفع أمر التجميد، إثر استحواذ شركة استثمارية أميركية على باراغون مقابل 500 مليون دولار ودمجها مع شركة أميركية أخرى تُدعى REDLattice، يهيمن عليها مسؤولون سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية.
تؤكّد شركات مثل باراغون وNSO أنّ أدواتها طورت لمحاربة الإرهاب والجريمة. لكن الوقائع أثبتت أنّ الاستخدامات تتجاوز هذه الحدود بكثير.
في إيطاليا، كشف
تقرير برلماني أنّ برنامج غرافيت استُخدم للتجسس على ناشطين حقوقيين وصحافيين وحتى مقربين من البابا فرنسيس. كما أشارت التحقيقات إلى استهداف نحو 90 شخصاً في أكثر من 20 دولة.
يقول الباحث جون سكوت-رايلتون من جامعة تورنتو، وهو أحد أبرز الخبراء في هذا المجال، لصحيفة الغارديان: "هذه الأدوات صُمّمت للأنظمة الاستبدادية، لا للديمقراطيات المبنية على الحرية وحماية الحقوق الفردية".
وأضاف: "القوة السرية للاختراق مفسدة بطبيعتها، ولهذا نشهد فضائح متكررة في دول ديمقراطية، بما في ذلك مع برنامج غرافيت".
أصوات منتقدة.. المخاوف تتصاعد
أثارت إعادة الصفقة مع باراغون موجة انتقادات داخلية في الولايات المتحدة.
السيناتور الديمقراطي رون وايدن عبّر عن قلقه قائلاً: "وكالة الهجرة والجمارك الأميركية تمزّق بالفعل أبسط ضمانات العدالة، وتدمّر حياة أشخاص أبرياء.. والآن، مع امتلاكها أداة تجسّس متقدمة، أخشى أن تتضاعف الانتهاكات بحق الأميركيين وكل من يصنّفه ترامب كعدو".
لا تنفصل الانتقادات عن سجل الوكالة التي اتُّهمت سابقاً بالتشدّد المفرط ضد المهاجرين، بما في ذلك الاعتقال قبل المحاكمة والترحيل إلى دول ثالثة. ومع دخول غرافيت إلى ترسانتها، يخشى المراقبون أن يصبح الهاتف المحمول لكل مهاجر أو ناشط هدفاً مشروعاً في نظر السلطات.